الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل طالبان 2021 تختلف عن 2001؟ | قراءة في عقل الحركة وسياستها

مقاتلو حركة طالبان
مقاتلو حركة طالبان في أفغانستان - أرشيفية

بات ما يخشاه العالم واقعا وتحقق الكابوس بسقوط العاصمة الأفغانية كابول في أيدي مقاتلي حركة طالبان بعدما نجحت الحركة في إحكام سيطرتها على البلاد.

الرئيس الأفغاني أشرف غني لم يكن أمامه سبيل أخر غير الهرب وترك البلاد فريسة في أيدي مقاتلي الحركة الذين انقضوا عليها كالأسود مستغلين ضعف القوات الحكومية وعدم قدرتها على المواجهة.

وعقب سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول ودخول القصر الرئاسي وهروب الرئيس أشرف غني إلى طاجيكستان، تساءل كثير من المراقبين عن مستقبل الدولة الأفغانية وكيفية تعامل المجتمع الدولي مع طالبان وطريقة حكمها للبلاد خاصة أنها «أعلنت أن البلاد سوف تصبح إمارة إسلامية» 

وضع استثنائي ومقلق

وفي هذا الصدد يقول أحمد سلطان، الباحث والمتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، إن الوضع في أفغانستان وضع استثنائي معقد يتداخل به البعد القبلي مع البعد السياسي بشكل كبير، وهذا هو المحدد الرئيسي الذي يحكم الوضع في أفغانستان.

وتابع سلطان في تصريحات لـ«صدى البلد»، أن هناك بعد هام لا بد من مراعاته هو أن حركة طالبان 2021 تختلف عن حركة طالبان 2001، فهي الآن أكثر برجماتية وأقل تشددا وتسعى للوصول إلى تفاهمات سياسة لإدارة المرحلة الانتقالية، وخلق نظام دائم للحكم في أفغانستان، لذلك هي تختلف كثيرا عما كانت عليه في عام 2001.

اختلافات جذرية في طالبان

ولفت أن «الحركة على طول الـ 20 عاما تعلمت أن تلعب اللعبة السياسية بشكل مختلف عما كانت عليه في السابق، كما أنها دفعت ثمنا باهظا لاحتوائها لتنظيم القاعدة، ومعنى ذلك أنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من جديد لشن هجمات ضد الدول الغربية والولايات المتحدة وهذا جزء من اتفاق الانسحاب الأمريكي».

وأضاف أن «مؤسس حركة طالبان الملا محمد عمر كان معترضا بالأساس على تفكير أسامة بن لادن على تفجيرات 11 سبتمبر وأمره بشكل مباشر بعدم شن أي هجمات على الولايات المتحدة حتى لا يكون لديها الذريعة للتدخل في أفغانستان، ولكن بن لادن كان لديه مشروعه الخاص ولم يكن يهمه أفغانستان ولم يكن يتصور سيناريو دخول الولايات المتحدة إلى أفغانستان، بل كان أقصى تفكيره أن الولايات المتحدة ستقوم بشن هجمات بواسطة طائراتها الحربية فقط».

صفقة الولايات المتحدة مع طالبان

وأوضح أن «الصفقة السياسية التي حدثت بين الولايات المتحدة وطالبان والتي أدت إلى انسحاب الولايات المتحدة كان لها عدة دوافع، أولها: أن الولايات المتحدة أدركت أن الانخراط إلى ما لا نهاية في أفغانستان والحرب هو انخراط مكلف جدا على الصعيد الاقتصادي والعسكري، وقد دفعت الولايات المتحدة ثمنا باهظا طوال العقدين الماضيين من أرواح جنودها الذين قدروا بالآلاف وأنفقت المليارات في بناء دولة أفغانستان ولكنها فشلت في نهاية الأمر».

وتابع: «طالبان هي مكون من مكونات الشعب الأفغاني، وليست جماعة وافدة على أفغانستان بل لها جذورها في المجتمع، وهذا سيسهل عليها أن تمضي نحو المستقبل».

تفاهمات أمريكية روسية صينية إيرانية

وبشأن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان وترك المجال أمام روسيا والصين وإيران، قال سلطان، إن «الولايات المتحدة انسحبت من أفغانستان في إطار الصراع الجيوسياسي بينها وبين روسيا والصين وإيران، والرؤية كانت أن تنسحب الولايات المتحدة من أفغانستان وتعطي الفرصة للصين وإيران وروسيا لإعادة ترتيب المنطقة من جديد وفقا لتفاهمات سياسية بالأساس».

وتابع: «الولايات المتحدة أدرت أن الانخراط في المنطقة أكثر من ذلك سيكون مكلفا للغاية، وتحاول أن تنسحب من البلاد؛ لأنها دخلت البلاد بناء على تقديرات خاطئة، وظلت هذه التقديرات مستمرة حتى بعد سيطرة الولايات المتحدة على أفغانستان لمدة 20 عاما، وهي الآن تحاول ترك الإرث في أفغانستان لدول مثل باكستان وإيران والصين وروسيا لتعيد التفاهم ويتم الاتفاق على صيغة جديدة للوضع في جنوب آسيا».

تحالف روسيا مع طالبان

وعن تسليم الولايات المتحدة أفغانستان لـ حركة طالبان لتكون ورقة ضغط على إيران وروسيا، أوضح سلطان، أن «الولايات المتحدة لم تسلم البلاد إلى حركة طالبان لتكون ورقة ضغط أو نكاية في إيران وروسيا؛ لأن طالبان تعهدت للوفد الروسي الذى تفاوض معها بأنها لن تدخل في صراعات وصدامات مع موسكو، وسوف تلتزم بالحفاظ على المصالح الروسية في المنطقة ولن تستهدف البعثات الدبلوماسية، واليوم صدر تصريح عن وزارة الخارجية الروسية يؤكد أن روسيا لن تسحب بعثاتها الدبلوماسية من أفغانستان».

وتابع أن «روسيا لو كان لديها شك أن طالبان لن تفي بتعهداتها بالحفاظ على البعثات الروسية الدبلوماسية، لـ قامت بسحب قواتها كما فعلت الولايات المتحدة التي أرسلت 5000 جندي لتأمين خروج الرعايا الأمريكان من أفغانستان».

أكثر حكمة

واختتم: «طالبان في 2021 أكثر برجماتية وأكثر حكمة في التعامل السياسي، وتنتهج الأن مبدأ الصداقة متعددة الأطراف لديها علاقات بروسيا، وعلاقات استراتيجية قوية بباكستان، واتفاقات مع إيران، وهذا كلة في إطار الدخول في تحالفات إقليمية جديدة دون العداء الدول الأخرى والدخول معها في صراعات أخرى».