الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين الخوف والأمل.. الأفغان يترقبون التزام طالبان بوعودها بعد 20 عاما من الحرب

هل اعتدلت حركة طالبان؟
هل اعتدلت حركة طالبان؟ ولماذا يخشاها الأفغان؟

ذكرت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، أن حركة طالبان تحاول الالتزام بلهجة معتدلة في الحديث عن مستقبل أفغانستان، في ظل تعهداتها بحماية حقوق المرأة، وفقا للشريعة الإسلامية، إلا أن الأفغان يخشون في نفس الوقت من انتقام الحركة، التي تمت الإطاحة بها من الحكم قبل عقدين، وعادت مؤخرا للسيطرة على مقاليد الأمور.

وذكرت في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني: "تعهدت حركة طالبان بحماية حقوق النساء وفقا لإطار الشريعة الإسلامية، وأصدرت عفوا عن كل خصومها، في ظل سعيها لانتهاج لهجة معتدلة، عقب سيطرتها على أفغانستان، ودخول العاصمة كابول".

وأضافت الصحيفة أنه "في أول مؤتمر صحفي للحركة منذ سيطرتها على كابول، قال المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، إنهم لن يسعوا إلى الانتقام من المسؤولين الحكوميين، أو الجنود الأفغان، الذين قاتلوهم خلال العقدين الأخيرين".

وتابعت قائلة: "تأتي جهود طالبان هذه، لطمأنة الأفغان في ظل استمرار عمليات الإجلاء من العاصمة كابول، بعد المشاهد الفوضوية في المطار يوم الاثنين الماضي، حيث قام الآلاف من السكان المذعورين باقتحام الطائرات في محاولة للهروب من البلاد".

وأردفت قائلة: "منذ استعادة السلطة، سعت طالبان إلى استخدام لهجة عامة أكثر اعتدالاً، بإصدار عفو شامل، وتشجيع المواطنين والمسؤولين الحكوميين في كابول على العودة إلى العمل".

ولكن العديد من موظفي الحكومة في كابول، قالو إنهم تعرضوا هم وعائلاتهم للمضايقات بالفعل، رغم منع طالبان مقاتليها من دخول المنازل.

ونقلت عن موظف حكومي أفغاني قوله، في مقابلة مع الصحيفة البريطانية: "لقد تعرضت للضرب من قبل مقاتلي طالبان، بعد الانتظار في المطار وعدم وصول الطائرة، كنّا عالقين على إشارة مرورية خلال طريق العودة، ألقوا القبض علينا، واعتدوا علينا بالضرب، واستولوا على كل شيء، أموالي، وجهاز الكمبيوتر الخاص بي، والوثائق التي كانت معي".

وأضاف الموظف الأفغاني: "استولوا على سيارتي من المنزل، إنه كابوس، يستولون الآن على كل شيء خاص بالحكومة، ويقولون إن هذه الأشياء أصبحت تابعة لهم".

وقال هارون رحيمي، الأستاذ المساعد في كلية الحقوق بالجامعة الأمريكية في أفغانستان: "هناك أسباب منطقية لعدم الثقة في طالبان. لقد أكدت الحركة لفترة طويلة أن أي شخص يعمل لصالح الحكومة يعتبر هدفا مشروعا".

من جانبها، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن العالم ينظر برعب إلى ما يحدث في أفغانستان، ولكنه لا يزال من الممكن أن يعتبر طالبان شريكا شرعيا.

وذكرت في تحليل إخباري نشرته على موقعها الإلكتروني: "منح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حركة طالبان الشرعية، عندما وقّع اتفاقا معها في العام الماضي، فهل سيتعاون الرئيس الأمريكي جو بايدن بنفسه مع الحركة الآن أيضا؟".

وأضافت: "يثبت سحب الولايات المتحدة السريع والمذعور لدبلوماسييها ومدنييها وجنودها من أفغانستان، الفشل الذريع للاستراتيجية الأمريكية المستمرة منذ عقود، وينذر بجعل مستقبل أفغانستان كابوسا مروعا، مع عواقب وخيمة بشكل خاص على النساء الأفغانيات، ونظام التعليم والصحة وحقوق الإنسان".

وتابعت قائلة: "ولكن الفترة المظلمة التي تنتظر أفغانستان في ظل حكم طالبان، لا يمكن أبدا أن تستبعد إمكانية بناء علاقات على المستوى الدولي مع الجماعة المتمردة، تلك العلاقات التي من شأنها أن تمنح طالبان الشرعية، وربما تساعد في تخفيف تأثير الضربة المتوقعة على المواطنين الأفغان".

وأردفت قائلة: "الولايات المتحدة ليست القوة الوحيدة التي حافظت على علاقات مع حركة طالبان، بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين واشنطن والحركة في الدوحة العام الماضي، إبان ولاية ترامب، فقد استضافت روسيا والصين هذا العام ممثلين عن الحركة، وأجرتا محادثات حول بناء وتعزيز العلاقات الاقتصادية قبل انسحاب القوات الأمريكية".

وأوضحت: "من الصعب تخيل أن بايدن الذي جعل الحفاظ على حقوق الإنسان واحدة من أبرز أولوياته، سوف يحتضن فجأة قيادات طالبان. لكن الرئيس الأمريكي إذا كان مستعدا للحوار مع الحوثيين في اليمن، ويسعى لإجراء مفاوضات مع إيران بشأن قضايا خارج الاتفاق النووي، فإنه لا يمكن استبعاد تفكيره في التعاون مع طالبان، حتى لو كان ذلك يستهدف محاولة تقليل الضرر الواقع على الأفغان".

وقال مسؤول من حركة طالبان الأفغانية،  إن قادة الحركة لن يبقوا متوارين عن الأنظار كما كان الحال في تجربة الحكم الأولى قبل نحو 20 عاما.

وعرضت الحركة الحوار على الحكومة الأفغانية السابقة، لضمان شعورها بالأمان‎ تجاه الحركة، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء عن مسؤول في الحركة.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه، إن "أعضاء الحركة سيشاركون في حوار سلمي مع مسؤولي الحكومة الأفغانية السابقين لضمان شعورهم بالأمان‎".

وأضاف المسؤول أن "العالم سيرى بالتدريج كل قادة حركة طالبان، ولن يكون هناك أي تخف أو سرية‎، على النقيض مما كان الحال عليه قبل 20 عاما، عندما كان قادة الحركة يعيشون بشكل كبير في أماكن سرية، وأن على أعضاء الحركة ألا يحتفلوا ليثبتوا تفوقهم، فالنصر ملك لأفغانستان".

من جانب آخر، بين المسؤول أن: "أي شكوى يتقدم بها مدنيون ضد أي عضو من أعضاء حركة طالبان، سيتم التحقيق بها سريعا". وأضاف أن على "المدنيين أن يسلموا أسلحتهم وذخيرتهم".

وكانت حركة طالبان قد أعلنت انتهاء الحرب في أفغانستان بعد سيطرتها على القصر الرئاسي في العاصمة كابول مع رحيل القوات الأجنبية التي تقودها الولايات المتحدة، ومسارعة الدول الغربية لإجلاء مواطنيها على وجه السرعة من البلاد.

وكان الرئيس الأفغاني أشرف غني قد فر من العاصمة كابول قبل دخول عناصر حركة طالبان وإعلان سيطرتهم على القصر الرئاسي.

وكانت الحركة الأفغانية قد أعلنت، أمس الثلاثاء، أنها "تريد علاقات سلمية مع الدول الأخرى، وأنها ستحترم حقوق النساء في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية، في أول مؤتمر صحفي رسمي منذ الاستيلاء الخاطف على العاصمة كابول".

وقال أبرز المتحدثين باسم  حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، الذي عقد المؤتمر: "لا نريد أي أعداء داخليين أو خارجيين".

وقال مجاهد إنه سيسمح للنساء بالعمل والدراسة وإنهن سيكنّ "نشطات للغاية في المجتمع لكن في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية".

وبحسب بيان للأمم المتحدة، سيعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية جلسة خاصة في جنيف الأسبوع المقبل لبحث "المخاوف الشديدة بشأن حقوق الإنسان" بعد سيطرة طالبان على البلاد.

وقال الاتحاد الأوروبي أمس الثلاثاء إنه سيتعاون فقط مع الحكومة الأفغانية بعد عودة طالبان إلى الحكم، إذا احترمت الحقوق الأساسية بما فيها حقوق النساء.