قال الشيخ الدكتور فيصل بن جميل غزاوي، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن المرء لا يوزن بحسبه ونسبه، ولا بمتاعه وماله، ولا بزينته ومظهره وجماله، ولا بمنصبه وجاهه ورتبته وألقابه، لكن المعيار في التفاضل بين الناس الإيمان والتقوى.
التقوى أساس الرفعة والشرف
وأوضح «غزاوي» خلالخطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمةً، أنه قال تعالى « إن أكرمكم عند الله أتقاكم » فالتقوى أساس الرفعة والشرف ألا إنما التقوى هي العز والكرم وحـبـك للـدنـيـا هـو الـذل والسـقـم وليس علـى عبــد تقي نقيـصــة إذا صحح التقوى وإن حاك أوحجم والميزان الصحيح والمِحَك الحقيقي لبيان قدر العبد ومكانته عند الله تعالى إيمانه.
وتابع: وباعتبار ما في قلبه من محبة لله، وإخلاص وإخبات، وخوف ورجاء وتقوى، وباعتبار العمل الذي يبرهن به صاحبه من صلاح معتقده وحسن سيرته واستقامته واعتزازه بدينه وتمسكه به وثباته عليه ومحافظته على مبادئه وقيمه وأخلاقه، وبالنسبة لتساؤل ما الأساس الذي يميز بين الناس وما معيار التفاضل بينهم .. هل هو الهيئة والصورة والمظهر؟ لا.
مما خص الله به قوم هود
وأضاف أن مما خص الله به قوم هود ما جاء في قوله تعالى على لسان نبيهم «وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً» في القوة وعِظَم الأجسام وشدة البطش، لكن لم يكن لهم قدر ولا شرف ولا كرامة إذ جحدوا نعمة ربهم وكذبوا رسله فاستأصلهم الله بعـذاب كـما قـال سبحانه «وقَطَعْنا دابرَ الذين كذبوا بآياتنا»، فالله تعالى ميز بين من يطلبُ الدنيا العاجلة، يعمل لها ويسعى ولا يرجو ما عند الله، وبين من يريد الآخرة ويطلبها، ويعمل لها.
واستشهد بما قال سبحانه « مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُومًا مَّدْحُوراً وَمَنْ أَرَادَ الآخرةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً »، وقال الله تعالى «ولكن أكثر الناس لا يعلمون، يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ»، فوصفهم بأنهم لا يعلمون مع أنهم قد يعلمون ظواهر من الدنيا، وربما يكون أحدهم ذا دراية وخبرة في كثير من المعارف والفنون الدنيوية، ولذلك قال الحسن البصري رحمه الله: والله ليبلغ من علم أحدكم بدنياه، أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنه، وما يُحسن أن يصلي .
هل يوزن الناس بأموالهم
ونبه قائلاً : هل يوزن الناس وتتفاوت أقدارهم بما عندهم من أموال وأولاد أو بما هم عليه من حسب ونسب، فالجواب: إن الله قد ذم قومًا فقال « وَمَآ أَمْوَٰلُكُمْ وَلَآ أَوْلَٰدُكُم بِٱلَّتِى تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰٓ إِلَّا مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحًا فَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِى ٱلْغُرُفَٰتِ ءَامِنُونَ » ومما قد يغتر به العبد أن يعطيه الله من النعم ويغدق عليه وهو مقيم على معاصيه فيظن أن له عند الله قدرا ومكانة بينما هو استدراج قال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنْ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيـهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِـدْرَاجٌ » ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ».