قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

غلطة السيسي بألف


أخطأ الفريق عبدالفتاح السيسى، حين تبرع بما لم يكن مطلوباً منه. أخطأ بوضعه البيض كله فى سلة واحدة.

أخطأ، حين وعد بما لا يملك، فخسر ما يملك. أخطأ بتقديمه كل أوراقه، فأصبح بلا ضرس أو ناب. بالنسبة للجماعة، قدم الرجل كل شىء تماما، كما فعل المشير. شكرا، ولتنتهِ مرحلة اللغط والقلق من تدخل الجيش لحظة الانفجار الشعبى. الدور انتهى، وخسر الرجل زاده وزوّاده من المؤيدين والمحبين، وأصبح مكشوفا أمام الكارهين والمعارضين. لم يكن مطلوباً منه أن يقول شيئًا عن نزول الجيش من عدمه، لأنه لا يمتلك هذا الأمر، وهو فى يد مرسى وحده، والسيسى لا يجرؤ على أن يغضب رئيسه.
لم يكن مطلوباً من القائد «الشاطر» أن يقول إنه لا يعرف من قتل جنودنا على الحدود، لأن هذا عار على جيش يقتل رجاله، ولا يعرف قاتليهم. السيسى كان قائدا للمخابرات الحربية وقت قتل جنود مصر على الحدود، وإذا لم يكن يعلم، فتلك مصيبة، وإذا كان يعلم، ولاذ بالصمت فالمصيبة أكبر. من قتل جنودنا على الحدود؟ سؤال ليس صعباً على رجل فى المخابرات الحربية. فإن لم يكن يعرف كل شاردة وواردة فى سيناء التى تمثل بالنسبة للمخابرات الحربية الغاية والهدف، فماذا يعرف؟! سيعزل السيسى برفح الثانية أو برفح السادسة عشرة، فقد انتهى الدرس، لموا الكراريس. لم تمر سوى ساعات على تصريحات قائد جيش مصر، إلا ووقعت واقعة رفح الثانية. لم يتوقف كلامه عن جاهزية الجيش لصد أى عدوان خارجى، فإذا بطوبة تسقط الجدار الهش. اختطف جنودنا فى وضح النهار. ظهر الجيش بمظهر المتردد وغير القادر. كان ينبغى على واحد من أكبر جيوش العالم أن ينهى عملية خطف جنوده على أرضه وداخل حدوده فى ساعات. كيف نقول إن لدينا جيشا عظيما ولا يعرف من يقتل، ويخطف جنوده، ولا يرد الصاع صاعين. الهدف طبعا تدمير الجيش، وإظهار السيسى بمظهر الفاشل عسكريا، بعدما انتهى دوره سياسيا.
كنت من اللحظة الأولى لتنحى مبارك داعما للجيش لثقتى المطلقة بوطنيته. دافعت عن المجلس العسكرى السابق، رغم أنه كان آخر ما تبقى من دولة مبارك الشائخة. وكتبت عن أن حرق المرحلة الانتقالية سيحرقنا، وأننا ينبغى أن نأخذ بيد كهلة الجيش حتى نبتعد عن جحيم الإخوان، لكن يبدو أن قلة فى مصر هم من يدركون أن القضاء على جيش مصر هدف استراتيجى، كما كتبت قبل أكثر من شهرين.
تفكيك الجيش هدف، ليس فى ذلك مبالغة، لكن فيه استهانة بأكبر جيش مهنى مدرب فى المنطقة. الإخوان المهرولون نحو التمكين يرون الجيش عقبتهم الكؤود، فبدون أخونة الجيش - هكذا يعتقدون - لن يضمنوا حكما أبديا، كما يخططون. الجيش هو الشوكة الوحيدة الباقية فى ظهورهم حتى لو لم يهدد وجودهم على رأس الدولة. الجماعة تعتقد أن عدم ولاء الجيش لها وعدم خضوعة لسلطة المرشد، كما فى إيران، يجعل الجيش خارج «بيعة المرشد» وفى ذلك خطر داهم على استمرار الجماعة فى الحكم. فالجيش الذى شيده جمال عبدالناصر، وبنى عقيدته على الولاء المطلق للشعب- ينبغى أن يدين بالولاء للمرشد أو للجماعة. الجيش ليس مهما بالنسبة للجماعة ما كانت العلاقة مع الأمريكان والصهاينة وثيقة، فالجماعة التى جاءت بدعم أمريكى مطلق لا تعادى إسرائيل أبدا، خصوصاً أن الجيش يعتمد على عقيدة الذود عن الوطن بالدماء وحمايته من الأعداء. هذا يعنى أنه ربما لن يكون مديناً لسلطة المرشد ولا مؤتمِرا بأمره. بالتالى يصبح من الضرورى إعادة بنائه على عقيدة جديدة بأعداء جُدد، وهدف أساسى، هو حماية دولة الجماعة من أعداء الداخل .
والقيام بدور البوليس الخاص بالجماعة. لن يتأتى ذلك إلا بتغيير جذرى فى بنيانه وعقيدته القتالية وقناعاته الوطنية. الجماعة وضعت يدها فى يد كارهى الجيش من الجماعات التكفيرية المسلحة، التى اتخذت سيناء رهينة فى يدها والصهاينة الذين يرون التعاون الآن أكبر كثيرا من عصر مبارك. الجماعة نشنت على الهدف جيدا، ولم يتبقَ سوى الضغط الجماعى على الزناد.. إسرائيل وأمريكا تعرفان أن تفكك الجيش يعنى أنهما تخلصا من الجيش الوحيد القادر على المجابهة. سيقول لك البعض إن ذلك سيعود بالضرر على إسرائيل، لأن الفوضى ستعم، قل لهم إن الفوضى تمكن جيش إسرائيل من بسط نفوذه. فأى جيش منظم يستطيع القضاء على الفوضى بأسهل الطرق وأقلها تكلفة، فضلا على أن الفوضى تعطى إسرائيل كل المبررات والذرائع للتدخل وحصد الأرواح، فماذا خسرت إسرائيل فى كل حروبها مع غزة؟! ستقولون إن أمريكا تحتاج الجيش لمجابهة إيران عند اللزوم، قل لهم إن أمريكا تريد إيران هكذا، لتبتز الخليج وتخيفه حتى يشترى السلاح، ويبيع النفط، وفقا لأهدافها. سيقولون إن الجيش ضامن للسلام، قل هذا حقيقى، لكن ما قيمة السلام مع وطن بلا جيش ودولة ترى حدودها من النيل إلى الفرات. وأرجو ألا يردد البعض أن الجيش يشترى سلاحا أمريكيا، فعند تفككه ستبيع أمريكا أضعاف ما تبيعه حاليا، وستكسب الكثير كلما تناحرت الجماعات المسلحة. تفكيك الجيش هدف استراتيجى للإخوان والأمريكان والصهاينة، فماذا نحن فاعلون؟
نقلا عن المصرى اليوم