الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حزب الله يضع الدولة على كف عفريت بسبب مرفأ بيروت|من يحكم لبنان؟

صورة من أحداث بيروت
صورة من أحداث بيروت الأخيرة

أُغلقت المؤسسات الحكومية والمدارس في لبنان، الجمعة، بموجب حداد عام أعلنته الحكومة بعد مقتل 7 أشخاص على الأقل وإصابة عشرات في اشتباكات دامية بالعاصمة بيروت، وتصاعد التوتر في البلاد بشأن التحقيق في انفجار الميناء، الذي أسفر عن مقتل 219 شخصا، في أغسطس 2020.

واندلع إطلاق النار، الخميس، أثناء مظاهرات نظمتها حركة أمل وجماعة حزب الله، احتجاجا على القاضي المكلف بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي.

حزب الله وفزاعة القناصة

يبدو أن الجماعات التي تتخذ لنفسها مسمى ذي مرجعية دينية، دأبت على إستخدام نفس اللغة، حيث قالت جماعة حزب الله، إن قناصة على أسطح بنايات أطلقوا النار على المتظاهرين ـ وهو ما قالته جماعة الإخوان المحظورة في مصر وقت ثورة يناير ـ فيما اتهمت حركة أمل وجماعة حزب الله الشيعيتان حزب «القوات اللبنانية» بإطلاق النار، وهو ما نفاه الحزب ذي الجذور المسيحية. 

اتهام قاضي التحقيق بالانحياز

بدأت الأحداث أمام قصر العدل، بتجمع مئات الأشخاص ممن يقولون إن التحقيق أخذ طابعا سياسيا، وسط اتهام القاضي المكلف بالتحقيق بالانحياز، وطالب المتظاهرون بتنحية القاضي طارق بيطار، واندلعت شرارة التصاعد، بإطلاق نار كثيف على المتظاهرين بميدان في منطقة الطيونة، واضطر سكان المنطقة إلى الهرب من منازلهم، واختبأ أطفال المدارس تحت قطع الأثاث، بعد تبادل رجال، يعتقد أنهم من فصائل شيعية ومسيحية مسلحة، إطلاق النار باستخدام أسلحة آلية وقاذفات هاون في الشوارع.

بعد التنديد الجيش يتدخل

نقلت وكالة رويترز للأنباء، عن شاهد عيان قوله، إن المعلمين في إحدى المدارس أمروا التلاميذ بالاستلقاء أرضا على بطونهم ووضع الأيدي فوق الرؤوس، فيما أفادت مصادر طبية وعسكرية بأن بعض الضحايا أصيبوا برصاصات في رؤوسهم، ومن الضحايا امرأة أصيبت برصاصة وهي في منزلها.

وندد زعيم حزب "القوات اللبنانية"، سمير جعجع، بالعنف ودعا إلى الهدوء، وكتب في حسابه بموقع تويتر، إن السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلِّت والمنتشر، الذي يهدِّد المواطنين في كل زمان ومكان، فيما دعا رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، الجميع إلى الهدوء وعدم الانجرار وراء الفتنة لأي سبب.

من جانبه، لم يجد الجيش أمامه سوى نشر قواته للبحث عن المهاجمين، محذرا من أنهم "سيطلقون النار على أي مسلح في الشارع"، عقب اعتقال تسعة أشخاص، بينهم سوري.

محللين: لبنان على كف عفريت 

حذرت الصحف ووسائل الإعلام الغربية والغربية من الآثار الناجمة عن التصعيد في لبنان، وحذر محللون من حدوث فتنة طائفية في البلاد، حبق ركزت الصحف على أن لبنان في محنة كبيرة، والمشكلة القائمة اليوم أخطر مما يعتقد، ولا أحد يمكنه أن يتنبأ بتداعياتها، إذا تجاوزت حدود السيطرة، خاصة أنها جاءت في سياق قضية تشغل الرأي العام، المحلي والعالمي، وتتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، وفي ضوء توقعات بأن البيطار يتجه إلى اتهام 'حزب الله' بجريمة تفجير المرفأ، مما دفع الحزب، وحليفته «حركة أمل»، إلى التهديد بتقويض حكومة نجيب ميقاتي، التي لم يمر على تسلم مهامها شهر، إذا لم تسارع بإقالة محقق المرفأ.

ويرى خبراء الشئون العربية، أن مساعي إخماد «فتنة الطيونة» امتحان حاسم للحكومة، رغم صعوبة الموقف، إلا أن على الحكومة الثبات على موقفها، والدفاع عن شرف الدولة، والتمسك بمسار العدالة في كل القضايا المفتوحة، ومنها انفجار المرفأ، وأشار الخبراء إلى أن انفجار الوضع سياسيا وعسكريا، وضع مصير البلد على «كفّ عفريت»، وأدى إلى تهديد السلم الأهلي، بعدما افتعل الحزب مواجهات مسلّحة مع سكان أحياء مسيحية في العاصمة اللبنانيّة بيروت.

وانتقد مشاري الذايدي، المحلل في صحيفة الشرق الأوسط اللندنية "حزب الله" اللبناني وحليفته "أمل" اللذين "يضربان الأمن السلمي الأهلي اللبناني في الصميم، ويشهران السلاح، حتى الثقيل منه، في شوارع بيروت لتهديد الآخرين"، متهما حزب الله بـ"اللعب المحظور على وتر الطائفية واختبار المشاعر والحساسيات المذهبية"، مشددا على أن هذا العمل الدؤوب لحزب الله في خلق كل ظروف الاحتقان والانفجار الداخلي، كان لا بد أن يجر لبنان إلى الفتنة ومناخ الحرب الأهلية سيئة الذكر.

واعتبر المحلل أن "ما جرى بالأمس في بيروت يتجاوز شكله الظاهري المتمثل باحتجاج من الحزب الإيراني وتابعه 'أمل'، إلى رسالة واضحة تبعثها ميليشيات 'حزب الله' للجميع: «نحن نحكم لبنان وحدنا، من يتوهم غير ذلك أو ينخدع ببعض اللطف السياسي، فعلينا تذكيره جيدًا وبطريقة فجّة بمن نحن وما نسطيع فعله».

من هو القاضي اللبناني المتسبب في الإشتباكات

بعد شهور من توليه التحقيق في حادث انفجار مرفأ بيروت عام 2020، وجد طارق بيطار نفسه في قلب معركة محتدمة بين القوى السياسية المختلفة في لبنان، حيث جاء تعيينه قاضياً للتحقيق، في فبراير2021، خلفاً لفادي صوان، الذي أمرت محكمة التمييز الجزائية بتنحيته، عقب طلبه استجواب رئيس الوزراء اللبناني السابق «حسان دياب» وثلاثة وزراء سابقين.

ويعتبر بيطار، الذي يحقق في أكبر قضية تشهدها البلاد منذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري عام 2005، شخصية غامضة إلى حد ما بالنسبة للبنانيين، فهو لا يتحدث كثيرا للصحافة، ولا يظهر في مناسبات عامة.

شغل بيطار منصب قاض منفرد جزائي في طرابلس بين عامي 2004، و2010، حيث تولى النظر في قضايا جرائم مالية، ثم عين مدعياً عاماً استئنافياً في شمال لبنان حتى عام 2017، وتولى التحقيق في جرائم طالت بعض الشخصيات السياسية والإعلامية، ويشغل بيطار منصب رئيس محكمة جنايات بيروت منذ عام 2017.

وخلال توليه رئاسة المحكمة، نظر عدد من القضايا الجنائية الكبيرة، التي شغلت الرأي العام، من بينها جرائم قتل وإتجار بالمخدرات وإتجار بالبشر، ووصفت بعض القرارات التي صدرت عن محكمته بالمتشددة، وبالنسبة لأهالي ضحايا الانفجار يمثل بيطار أملهم في تحقيق العدالة لذويهم، خاصة أنه شخصية صارمة، مستقلة، في مقابل طبقة سياسية يعتبرونها فاسدة، على الرغم من عدم تمكنه من استجواب أي من الأشخاص الذين قام باستدعائهم، بينما على الجانب الأخر يواجه حملات تتهمه بتسييس ملف القضية واستهداف شخصيات تنتمي لتيارات سياسية معينة دون غيرها وتطالب بتنحيته.