الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. عيد حسن حسن يكتب: بشرية النبي صلى الله عليه وسلم

صدى البلد

يَحلُو لِفئامٍ من الناس أن يُتبع ذكر النبي- صلى الله عليه وسلم-بوصف البشرية كلما ذكره، قاصدًا بذلك إيهام سامعيه حصول التساوي المطلق في وصف البشرية بين الذات الشريفة وآحاد الناس، وعليه فلا حاجة لدعوة الأمةكي تحتفل بمولدهالشريف إذ هو بشر، كما لا حاجة لرابطة روحية شريفة معه بعد موته فهو بشرأدى رسالة وحسب- حاشاه صلى الله عليه وسلم-، وقائل هذا ينسى أو يتناسى أن مولده الشريف أعظم نعم الله على عباده حقيقةبالشكر، وقد أصَّل سيدنا النبي- صلى الله عليه وسلم- لذلك فصام يوم الاثنين وحين سئل عن سبب ذلك ، قال:«ذاك يوم ولدت فيه» أخرجه مسلم:(1162)،كما ينسى هذا الدَعِيّأو يتناسى ما لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- من خصوصيات فضله بها ربه على العالمين.
ووصف ربنا لحبيبه في القرآن بقوله :«قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ»، قد قرنه بقوله :«يُوحى إِلَيَّ» بيان بأن بشريته المذكورة في الاية قد تأهلت لتلقي الأنوار الإلهية كما وقع في الإسراء والمعراج ، وتحمَّلت ما لم تحتمله الجبال فدُكت كما وقع في قصة سيدنا موسى - عليه السلام-.
فليس لأحد أن يظُن ولو لبرهة أن أي شيء فيه أو منه تتساوى كينونتهٌ مع شيئ كان أومن الذات المحمدية الشريفة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم-«إِنِّي لَسْتُ مِثْلَكُمْ»، البخاري:(1962)، وقال:«لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ»،ونسوق نماذجًا على المدد الإلهي الخاص بسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في جوارحه الجسمانية ، من ذلك:
• في بصره وسمعه كان يُبصر ويسمعُ مالا يُبصر غيره ويسمع،عَنْ أَبِي ذَرٍّ قال، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ أَطَّتِ السَّمَاءُ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ». أخرجه الترمذي:(2312)،وقال: حسن غريب.
وعن زيد بن ثابت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم،قال:«إِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ تُبْتَلَى فِي قُبُورِهَا، فَلَوْلَا أَنْ لَا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ اللهَ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الَّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ».أخرجه مسلم:( 2867)، وهذا الذي يبغي أن تتساوى بشريته مع سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم لا يسمع ولا يبصر ما خلف جداره.
• ورائحة عرَقهالشريف كانت أطيب من الطيب،يصفها لنا أنس- رضي الله عنه- بقوله:«وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً، وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». أخرجه البخاري:(1973)
• وريقه الشريف كان شفاءً ويخافه العدو، أما كونه شفاءاًفعن يَزِيد بْن أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِي يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ». أخرجه البخاري:(4206) والحوادث في هذا المعنى كثيرة حتى بوب الإمام الهيتمي في كتابه موراد الظمآن باباً تحت عنوان:«باب الشفاء بريقه».صلى الله عليه وسلم.
وأما كونه مخيفاً لعدوه فتأمل قول أُبي بن خلف في غزوة أحد حين ضربه النبي- صلى الله عليه وسلم- بحربهٍ لم تٌخرج كثير دمٍفجعل يخورُ كما الثور« فَأَقْبَلَ أَصْحَابُهُ حَتَّى احْتَمَلُوهُ وَهُوَ يَخُورُ وَقَالُوا: مَا هَذَا فَوَاللَّهِ مَا بِكَ إِلَّا خَدْشٌ، فَقَالَ: " وَاللَّهِ لَوْ لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا بِرِيقِهِ لَقَتَلَنِي» أخرجه عبد الرزاق:(9731)
إلى غير ذلك من مدد إلاهي للجاه الشريف، غير أن هناك أناسٌ قد حُرموا من رؤية الهيئة النبوية الشريفة، وعدوا كل ثناءٍ على حضرته غلوّا،  وصدق الإمام الزركشي حين قال : «كل غلو في حقه تقصير».

__________________________________
عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.