لطالما كانت قصص الحب المحرمة بين حراس القصور القديمة والحريم متداولة حتى الآن، إذ نشبت العديد من قصص الحب بين الحرس والمحاربين وفتيات الحريم والتي برع الرسامون المستشرقون في رسمها وتجسيد تفاصيل هذه العلاقة من خلال الرموز البسيطة في اللوحات، وبرغم دقة التفاصيل إلا أنها لا تتعدى كونها مستوحاة من خيال راسمها.
الحب المحرم
لطالما كان الدخول إلى مخدع نساء السلطان أو الملك من الممنوعات، فأطلق المستشرقون العنان لخيالهم لتجسيد أي كلمة متداولة عما يدور داخل القصر في لوحة، وظلت لوحاتهم بمثابة توثيق مغاير لحقيقة النساء في القصور القديمة.
اختار الفنان منير السمري عدد من اللوحات التي تجسد تفاصيل الحب المحرم، ويقول: "طالما حكيت القصص عن قصر الحريم وقصص الحب ما بين الحرس والحريم وكان الحب المحرم، وافتتن الرسامون من المستشرقين في توثيقها عبر أعمالهم".
رموز اللوحات
عبر العديد من الفنانين على تجسيد مشاهد داخل الحرملك، ومنهم الفنان الإسباني "كوينتانا أوليراس" الذي رسم صورة من مخيلته لجناح الحريم وذلك قبل وفاته في عام 1919، وكان قد اشتهر برسم مشاهد النابولية، كذلك الرسام والنحات الفرنسي "جان ليون جيروم" الذي تصور النساء في القصر كأنهن عبيد يعملن في الحمام التركي.
وجاء تمثيله لهن عرايا في حمام تركي، وما زال العمل موجودا حتى الآن ويعرض في متحف "الآرميتاج" في سانت بطرسبرج، وكانت كل لوحاته تعتمد على تجسيد النساء وهن يعتنين بجمالهن أو في الحمام.
ومنها عمل للمصور المستشرق رودولف ويس يصور حارس نوبي في عام 1869، وأعمال المصور التركي كامل أسلانجير، وتعتمد لوحات الحب المحرم للمستشرقين على إيضاح تفاصيل ورموز بسيطة قد لا تتضح للمشاهد العادي ومنها نظرات العين إذ رسموا حارس ينظر في تجاه الجارية أو حريم الملك، وتعلق المستشرقون بحياة الحريم واللهو والصخب، وكان أبرزها من القصص القديمة قصة محمود وجهاد.
ويرجع مفهوم "الحريم" في القصر الملكي للدولة العثمانية، بتخصيص جناح كامل لهن، يضم الأم والزوجة والابناء ، ويتوفر في هذا الجناح كل ما قد يحتاجوه من مطابخ وحمامات ومكتبات، مع وجود جناح آخر يضم حريم السلطان والجواري، هذا الحرم وما يضمه خلفه من صخب وحياة فارهة وترف كانت مقصد لفضول الجميع خاصة الادباء والرسامين الذين أطلقوا العنان لخيالهم ووثقوا جناح حريم السلطان عبر الكتابات والرسومات.
الزيارة الوحيدة
زعم الكثير دخول هذا الجناح خلسة برغم أنه يمتنع على الغرائب اجتيازه، وكان أحد المدعين هو طوماس دلم الذي أرسلته الملكة إليزابيث لتقديم هدية إلى السلطان محمد الثالث، وقال بعد خروجه من القصر في وصف "الحرملك":
“عرفت أنهن كن نساءً وجدّ جميلات، ولم يكن يلبسن على رؤوسهن غير كوفية من قماش الذهب، والتي كانت لا تغطي إلا الجزء الأعلى من الرأس”.
وتابع: “لم يكن حول عنقهن أي ربطة أو أي شيء آخر غير عقد من اللؤلؤ جميل، وماسة معلقة على صدر كل واحدة، وماسات في آذانهن وكانت قمصانهن شبيهة بحاكيتات الجنود، بعضها من الساتان الأحمر وبعضها من الأزرق وبعضها من ألوان أخرى وكانت مربوطة بمناطق شبيهة بدنتله، وكن يلبسن سراويل من القماطي، قماش ممتاز القطن، أبيض كالثلج ورقيق كالماء لأنني استطعت أن أرى سيقانهن من خلالها”.