الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكاية شروق

ماريان جرجس
ماريان جرجس

جلست في هدوء وسكينة وطُمُأنينة ..جلست في أمان تتحرك على سجيتها  ببشرتها السمراء الساحرة وسط الطبيعة الخلابة الهادئة، في وقت لم ينعم  فيه أطفال  الإقليم المحيط الملتهب بقضايا عدة  بذلك القسط من السلام والراحة النفسية  التي نعمت بهم " شروق" الطفلة التي جلست إلى جوار الرئيس أثناء زيارته إلى قرى أسوان التي تضررت من السيول.

 

لم تتصنع تلك الطفلة المصرية ذلك السلام النفسي الذي بدا على قسماتها وأسارير وجهها الصغير، تذكرت حينها الأطفال الذين يعانون ويلات الحروب والمجاعات ومواجهة الموت في قوارب الهلاك في اليمن وليبيا ولبنان وتُونس. تُرى هل كانت شروق أوفر حظًا من هؤلاء الأطفال الذين نتمنى لهم  حيوات كريمة؟

 

لم يكن ذلك حظًا أو من قبيل الصدفة ، فتلك الدقائق التي تنعم بهم شروق ومن مثلها ، نتاج عمل كبير قامت به الدولة المصرية لتوفر لهؤلاء حياة آمنة هادئة  حتى في أكثر الأماكن المتضررة من كارثة السيول، ولأن هناك دولة  ومؤسسات وآليات ، استطاعت الدولة تلك أن تقف أمام الكارثة وتذلل العقبات.

 

لا أحد يعلم الحجم الحقيقي للتحديات التي تواجهها الدولة المصرية عن حق كي تخرج على الأطفال والمواطنين بواقع هادئ غير مرير ، ربما ملئ بالتحديات والمشاكل والأزمات ولكن هناك فرق بين وطن حاضر ملئ بالتحديات والمشاكل ووطن غائب غير موجود ! هناك فرق بين دولة تعمل وتبتكر وتسير على الحبل بأنامل دقيقة كي تنجو من الكوارث المحيطة، و غياب الدولة.

 

فزيارة الرئيس لأسوان قبيل افتتاح طريق الكباش، كانت رسالة إلى أهالينا هناك ، أن الدولة موجودة وستظل هكذا  ، فهذا الافتتاح كان من الممكن أن يتم في صمت وبدون  مظاهر البهجة والترويج ولكن أرادت الدولة المصرية أن يكون الافتتاح هكذا بهذا الحجم  متغلبة على التحديات الأمنية واللوجستية كي يحظى بأنظار العالم ويخاطب ال " ايجبتومانيا" أي الولع بعلم المصريات وبالحضارة المصرية ، ليتم الإعلان عن هوية بصرية لمدينة الأقصر ، فيزداد عدد السائحين  ويتم تنشيط السياحة  وتعود إلى الأقصر مرة أخرى لتوفر لأهلها فرص عمل وحياة كريمة .

 

ولا يمكن اختزال ذلك المجهود من أجل هدف واحد فقط ألا وهو تنشيط السياحة ، فالعرض الذي قدمه الوزير خالد العناني يبرهن على دراسات متعمقة من عقول مصرية لا مستشرقين ، على دراية جيدة بالحضارة المصرية والتاريخ  لأقدم حضارة عرفها التاريخ ، نحن أجدر بدارستها وترويجها قبل أي مستشرق أو دارس اجنبى  وهذا نوع من السيادة والهيبة الوطنية أيضًا.

تُري هل تستطيع الدول الأخرى الغارقة بالمشاكل والأزمات أن تبذل قصارى الجهد وتستميت في العمل  وتواجه التحديات من أجل أن  تصنع الشروق لأوطانهم؟ هل نستطيع أن نجد " شروق" أخرى في الوطن العربي؟