الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى رحيله.. أحمد فؤاد نجم عبر عن روح الاحتجاج الجماهيري.. فبادلوه الحب

أحمد فؤاد نجم
أحمد فؤاد نجم

يعتبر الشاعر أحمد فؤاد نجم، الذي تحل اليوم ذكرى رحيله، أحد أهم شعراء العامية في مصر، وأحد ثوار الكلمة، واسم بارز في الفن والشعر العربي، ولقب بالفاجومي المصري، ويترافق اسم أحمد فؤاد نجم مع ملحن ومغن هو الشيخ إمام، حيث تتلازم أشعار نجم مع غناء إمام لتعبر عن روح الاحتجاج الجماهيري الذي بدأ بعد نكسة 1967، وفي عام 2007 اختارته المجموعة العربية في صندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة سفيرا للفقراء.

 

وخلال حياته التى استمرت لحوالى 84 عاما، زار أحمد فؤاد نجم السجن عدة مرات، وصدر خلال تواجده فيه أول دواوينه الشعرية بعنوان "صور من الحياة والسجن" الذى كتبه فى السجن وكان السبب فى شهرته.

 

شهرت نجم في السجن

 

وكان صدور ديوانه الأول هو المناسبة التى تعرف فيها على الشيخ إمام عيسى، والتفت حولهما مجموعة من الشعراء والفنانين والمثقفين، وجدوا فيما يقدمانه فنا جيدا يستلهم الموروث الشعبى فى الشعر والموسيقى، وخلالها كتب نجم، عددا من القصائد لحنها إمام، كان من بينها على حسب واد قلبى، وعصفور وصياد، وأبوك السقا مات، والحمام الإمرى، فضلا عن قصائد أخرى كتبها الشاعر فؤاد قاعود.

وبعد ديوانه الأول انطلق «نجم» إلى براح الشعر، ليكون أحد رموز عاميته الكبار، معبرا به عن أوجاع الوطن، لا يخشى فى ذلك سيف السلطة، ولا يخضع لإغراءاتها، ولا يستجيب لنداهتها، ولهذا كان ضيفا على سجون عبدالناصر، رغم حبه له كزعيم انحاز للفقراء، وسجون السادات الذى قال فيه هجائيات كثيرة، وبين أحضان البسطاء عاش حياته، يلبس جلبابهم، ويكتب صوتا لهم، فبادلوه حبا بحب.   

 

أحمد فؤاد نجم، ينتمي إلى عائلة نجم المعروفة في أرجاء مصر - لأم فلاحة أمية من الشرقية (هانم مرسى نجم) وأب يعمل ضابط شرطة (محمد عزت نجم)، وكان ضمن سبعة عشر ابنا لم يتبق منهم سوى خمسة والسادس فقدته الأسرة ولم يره، التحق بعد ذلك بكتّاب القرية كعادة أهل القرى في ذلك الزمن.

وأدت وفاة والده إلى انتقاله إلى بيت خاله حسين بالزقازيق، والتحق بملجأ أيتام 1936 - والذي قابل فيه عبد الحليم حافظ- ليخرج منه عام 1945 وعمره 17 سنة، بعد ذلك عاد لقريته للعمل راعيا للماشية، ثم انتقل للقاهرة عند شقيقه إلا أنه طرده بعد ذلك ليعود إلى قريته.

 

عمل نجم في معسكرات الجيش الإنجليزي متنقلا بين مهن كثيرة: كواء، لاعب كرة، بائع، عامل إنشاءات وبناء، ترزي، وفي فايد، وهي إحدى مدن القنال التي كان يحتلها الإنجليز، التقى بعمال المطابع الشيوعيين، وكان في ذلك الوقت قد عَلَّم نفسه القراءة والكتابة وبدأت معاناته الطويلة تكتسب معنى، واشترك مع الآلاف في المظاهرات التي اجتاحت مصر سنة 1946 وتشكلت أثناءها اللجنة الوطنية العليا للطلبة والعمال.

 

رواية الأم.. أهم قراءات أحمد فؤاد نجم

 

يقول نجم: كانت أهم قراءاتي في ذلك التاريخ هي رواية الأم لمكسيم غوركي، وهي مرتبطة في ذهني ببداية وعيي الحقيقي والعلمي بحقائق هذا العالم، والأسباب الموضوعية لقسوته ومرارته، ″ولم أكن قد كتبت شعرا حقيقيا حتى ذلك الحين وإنما كانت أغاني عاطفية تدور في إطار الهجر والبعد ومشكلات الحب الإذاعية التي لم تنته حتى الآن... وكنت في ذلك الحين أحب ابنة عمتي وأتمناها، لكن الوضع الطبقي حال دون إتمام الزواج لأنهم أغنياء″.

 

وخرج الشاعر مع 90 ألف عامل مصري من المعسكرات الإنجليزية بعد أن قاطعوا العمل فيها على إثر إلغاء المعاهدة، وكان يعمل بائعا حينئذ فعرض عليه قائد المعسكر أن يبقى وإلا فلن يحصل على بضائعه "ولكنني تركتها وذهبت".

 

أحمد فؤاد نجم عامل في السكة الحديد

وفي الفترة ما بين 51 إلى 56 اشتغل نجم عاملا في السكك الحديدية، وبعد معركة السويس قررت الحكومة المصرية الاستيلاء على القاعدة البريطانية الموجودة في منطقة القنال وعلى كل ممتلكات الجيش هناك، وكانت ورش وابورات الزقازيق تقوم في ذلك الحين بالدور الأساسي لأن وابورات الإسماعيلية والسويس وبور سعيد ضُربت جميعا في العدوان، ″وبدأنا عملية نقل المعدات، وشهدتُ في هذه الفترة أكبر عملية نهب وخطف شهدتُها أو سمعتُ عنها في حياتي كلها، أخذ كبار الضباط والمديرون ينقلون المعدات وقطع الغيار إلى بيوتهم... وفقدت أعصابي وسجلت احتجاجي أكثر من مرة... وفي النهاية نقلت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية بعد أن تعلمت درسا كبيرا، أن القضية الوطنية لا تنفصل عن القضية الاجتماعية، كنت مقهورا وأرى القهر من حولي أشكالا ونماذج، كان هؤلاء الكبار منهمكين في نهب الورش، بينما يموت الفقراء كل يوم، دفاعا عن مصر″.

 

وفي وزارة الشؤون الاجتماعية عملت طوافا أوزع البريد على العزب والكفور والقرى وكنت أعيد في هذه المرحلة اكتشاف الواقع بعد أن تعمقت رؤيتي وتجربتي، شعرت حينئذ رغم أنني فلاح وعملت بالفأس لمدة 8 سنوات أن حجم القهر الواقع على الفلاحين هائل وغير محتمل، كنت أجد في الواقع المصري مرادفات حرفية لما تعلمته نظريا، كان التناقض الطبقي بشعا.

 

في سنة 1959 التي شهدت الصدام الضاري بين السلطة واليسار في مصر على إثر أحداث العراق، انتقل الشاعر من البريد إلى النقل الميكانيكي في العباسية أحد الأحياء القديمة في القاهرة، يقول نجم "وفي يوم لا يغيب عن ذاكرتي أخذوني مع أربعة آخرين من العمال المتهمين بالتحريض والمشاغبة إلى قسم البوليس وهناك ضربنا بقسوة حتى مات أحد العمال "... وما زالت آثار الضرب واضحة على جسد نجم حتى الآن...″ وبعد أن أعادونا إلى المصنع طلبوا إلينا أن نوقع إقرارا يقول إن العامل الذي مات كان مشاغبا وإنه قتل في مشاجرة مع أحد زملائه.. ورفضت أن أوقع، فضربت″، وبعد ذلك عاش نجم فترة شديدة التعقيد من حياته إذ وجهت إليه تهمة الاختلاس، ووضع في السجن لمدة 33 شهرا.

 

نجم استغل عمله مع الإنجليز لمساعدة الفدائيين

بعدها بسنوات عمل بأحد المعسكرات الإنجليزية وساعد الفدائيين في عملياتهم، بعد إلغاء المعاهدة المصرية الإنجليزية دعت الحركة الوطنية العاملين بالمعسكرات الإنجليزية إلى تركها فاستجاب نجم للدعوة وعينته حكومة الوفد كعامل بورش النقل الميكانيكي، وفي تلك الفترة سرق بعض المسؤولين المعدات من الورشة، وعندما اعترضهم اتهموه بجريمة تزوير استمارات شراء مما أدى إلى الحكم عليه 3 سنوات بسجن قره ميدان.

وأكد أحمد فؤاد نجم في أحد البرامج أنه فعلا كان مذنبا، حيث تعرف هناك على أخيه السادس علي محمد عزت نجم، وفي السنة الأخيرة له في السجن اشترك في مسابقة الكتاب الأول التي ينظمها المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون وفاز بالجائزة.

 

زيجات أحمد فؤاد نجم

تزوج أحمد فؤاد نجم العديد من المرات، وله ثلاث بنات هن عفاف، ونوارة، وزينب، أولى الزيجات كانت من فاطمة منصور أنجب منها عفاف، وأشهرها زواجه من الفنانة عزة بلبع والكاتبة صافيناز كاظم وأنجب منها نوارة نجم تعمل بالمجال الصحفي، وممثلة المسرح الجزائرية الأولى صونيا ميكيو، وكانت زوجته الأخيرة هي السيدة أميمة عبد الوهاب وأنجب منها زينب، لدى نجم 3 أحفاد من عفاف: مصطفى، وصفاء، وأمنية، وحفيدان من نوارة: فاطمة الزهراء وعلي.