«مجلس المشورة» فى عهد محمد على ضم رموز العائلات والأعيان وتجاهل الصعيد
العائلات الكبرى تنجح فى السيطرة على مجلس شورى النواب فى عهد الخديوي إسماعيل
عائلات تظهر وأخرى تختفى فى أدوار البرلمانات المختلفة
رصد النائب والكاتب الصحفي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، تاريخ العائلات النيابية وتمثيلها فى البرلمانات المختلفة، وكيف استطاعت أن تتواجد في غالبيتها من خلال وراثة المقاعد، وتواصلها مع صناع القرار خلال الحقب الزمنية المختلفة.
وخصص النائب حلقات، ترصد مراحل التاريخ ووقائع الأحداث أدوارًا وطنية وبرلمانية مهمة للعديد من رموز هذه العائلات رغم سيطرة القصر وهيمنة المحتل الإنجليزي.
وتناولت الحلقة الأولى دور العائلات من مجلس المشورة فى عهد محمد على إلى مجلس شورى النواب فى عهد الخديوي إسماعيل من 1866- 1879، حيث تتناول الحلقة رصد تواجد العائلات الكبرى فى هذه الحقبة.
وجاءت الحلقة الأولى كالآتي:
تاريخ العائلات البرلمانية
عندما تولى محمد على الحكم فى عام 1805، سعى إلى التخلص من خصومه، الذين كان يراهم عائقًا أمام تحقيق مشروعه لبناء الدولة الحديثة، فكانت مذبحة القلعة الشهيرة فى مارس 1811، وبعد ذلك بدأ فى ترتيب البيت من الداخل، ووضع الأسس الإدارية والفنية التى تمكنه من فرض سطوته على الدولة، فكان المجلس العالي، وهو السلطة التنفيذية للحكم، برئاسة نائب الوالى الذى كان يسمى (كتخدا بك)، أما رئيس الحكومة فهو لاظ أو غلي، الذى كانت تتشكل حكومته من سبع وزارات أساسية هي: الحربية والبحرية والتجارة والخارجية والتعليم والتشييد والأشغال.
وبعد أن ترسخت أركان الدولة الجديدة، سعى محمد على من أجل إشراك فئات من الشعب فى شئون الحكم، فكان مجلس “المشورة” وهو مجلس استشارى ليس له أية سلطات تشريعية أو رقابية، ويضم (156) عضوًا من بينهم (99) من أعيان البلاد و(33) من كبار الموظفين و(24) من مأمورى الأقاليم.
وقد لوحظ أن ممثلى الأعيان فى مجلس المشورة اقتصر اختيارهم على تمثيل من الوجه البحرى ومصر الوسطي، ولم يكن هناك أى تمثيل لبقية مناطق الصعيد وتحديدًا من جنوب المنيا إلى أسوان.
واحتكرت مناطق معينة مواقع عديدة دون مبرر مقبول مثل تمثيل «ميت غمر» بـ»13» ممثلًا والسنبلاوين ثمانية ممثلين فى البرلمان.
وكان أعيان البلاد الذين جرى تمثيلهم يمثلون عائلات ذات سطوة ونفوذ فى هذه الفترة، ومن بينها عائلات إقطاعية وأرستقراطية كانت لها أدوارها المتباينة فى التطور الاجتماعى والسياسى والنيابى الذى شهدته البلاد.
وإلى جوار ذلك كانت هناك طبقة جديدة من التكنوقراط والمهنيين الذين كان لهم دور مهم فى تحديث البلاد صناعيًا وعسكريًا وزراعيًا، وكان هؤلاء نواة لتأسيس عائلات وأسر لعبت أدوارًا مهمة فى برلمانات وشئون الحكم فى مرحلة ما بعد عهد محمد على.
المجلس العالى وفى عام ١٨٣٤ جرى تغيير اسم «مجلس المشورة» إلى «المجلس العالي»، وهو مجلس مختلط يضم رموزًا من السلطة التنفيذية وآخرين من الرموز الشعبية من كبار الأعيان وغيرهم، حيث ضم العديد من رموز المناطق والمحافظات، وتمتع فيه كبار الملاك الزراعية بنصيب وافر فى التمثيل عبر الانتخاب، وقد انتهت هذه التجربة عمليًا فى عام ١٨٤٧ عندما أنشأ محمد على مجلسين أحدهما المجلس الخصوصى والآخر هو المجلس العمومي، خاصة أنه بعد موت إبراهيم باشا تولى عباس الأول عرش مصر وجمع فى يديه السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإدارة البلاد بشكل فردي، واكتفى بالمجلس الخصوصى الذى يقوم مقام الحكومة، وهو نفس ما تكرر فى عهد سعيد باشا (١٨٥٤) والذى حكم البلاد حكمًا مطلقًا، بعد أن اصطدم بمجلس الأحكام، وقام بإلغائه فى عام ١٨٥٥ وحوّل اختصاصاته إلى الأمير إسماعيل الذى أعاد تشكيله عام ١٨٥٦ برئاسته، حيث جرى تكوينه من عشرين عضوًا منهم (١١) من الأعيان و(٩) من الذوات.
وقد ظل الصراع قويًا بين الفئات المجتمعية المختلفة والقصر فى هذا الوقت، حيث قام سعيد باشا بإلغاء مجلس الأحكام ومجلس الأقاليم فى عام ١٨٦٠، ثم أعاد مجلس الأحكام مجددًا فى العام التالى برئاسة شريف باشا، وأعاد تشكيل مجلس الأقاليم أيضًا، ولكن مكتفيًا بمجلسين اثنين فقط هما: «مجلس طنطا» وكانت مهمته النظر فى مشكلات ومنازعات الوجه البحري، و»مجلس أسيوط» وكانت مهمته نظر منازعات الوجه القبلى بعد أن كانت خمسة مجالس فى وقت سابق.
برلمان 1866 عندما جاء برلمان ١٨٦٦ - مجلس شورى النواب- الذى أنشأه الخديو إسماعيل، حصر حق الانتخاب فى العمد والمشايخ، فكان طبيعيًا أن تسفر الانتخابات عن مجلس نواب مكونة غالبيته من العمد والأعيان الذين ينتمون إلى العائلات الكبيرة.
وقد شكل هذا البرلمان قفزة كبيرة فى النضال الوطنى من أجل نيل حقوق المصريين وحقهم فى التعبير عن مشكلات بلادهم فى إطار برلمانى يسمع صوته للحاكم.
وأيًا ما كانت التحفظات المطروحة فى هذا الوقت حول صلاحيات هذا البرلمان، فقد كان خطوة مهمة يؤرخ لها باعتبارها نقطة تحول من الحكم الفردى المطلق إلى حكم استهدف سماع صوت بعض ممثلى الشعب المصرى من فئات محددة، حتى لو كانت محصورة بين العمد والمشايخ والأعيان وكبار ملاك الأراضى الزراعية، خاصة أن تجارب بريطانيا وفرنسا وغيرهما من الدول استغرق فيها منح حق التصويت للمواطنين العاديين مئات السنين.
لقد كان للضغوط الشعبية المصرية أثرها الواضح فى إرغام الخديو إسماعيل على إنشاء مجلس شورى النواب، كما أن محاولات خروجه من الأزمات المالية والضغوط الإنجليزية - الفرنسية والتركية على حكمه كانت من العوامل المهمة التى دفعته إلى اتخاذ هذا القرار بمرسوم أصدره فى ٢٢ أكتوبر ١٨٦٦ بإنشاء المجلس من ٧٥ عضوًا يتم انتخابهم لمدة ثلاث سنوات من عمد البلاد ومشايخها وأعيان القاهرة والإسكندرية ودمياط.
استمرار النفوذ العائلى وقد برزت فى هذا الوقت أسماء العديد من العائلات البرلمانية التى استمر نفوذها لفترة من الوقت، مثل عائلات العقاد والعطار وعبد الفتاح من القاهرة، وجميعى والشوربجى من الإسكندرية، والشواربى من القليوبية، وأباظة من الشرقية، وأبو العز والشريف من الغربية، وعبد الغفار وشعير والجندى وأبو حسين من المنوفية، والوكيل والصيرفى من البحيرة، والزمر من الجيزة، والشريعى وشعراوى من المنيا، وسليمان من أسيوط، وأبو ستيت وأبو رحاب وحمادى من جرجا وسوهاج، وأبو سحلى وخلف الله وسلامة من قنا، وغيرها من العائلات الكبرى التى سيأتى ذكرها فى وقت لاحق.
وقد عقد مجلس شورى النواب اجتماعه الأول فى ٢٥ نوفمبر ١٨٦٦ فى «القلعة» برئاسة إسماعيل باشا راغب، حيث برزت فيه أسماء عديدة تنتمى إلى عائلات كبرى فى هذه الفترة وهم:
القاهرة: موسى بك العقاد، الحاج يوسف عبد الفتاح، السيد محمود العطار.
الإسكندرية: الشيخ مصطفى جميعي، السيد عبد الرازق الشوربجي.
دمياط: على بك خفاجي.
الغربية: أتربى بك أبو العز، على كامل عمدة القصرية، الحاج شتا يوسف عمدة أبو مندور، محمد حمودة عمدة برما، سيد أحمد رمضان عمدة قسطا، عبد الحميد زهرة عمدة جانوتس، على أبو سالم دنيا عمدة مسهلة، سليمان الموانى عمدة ميت حبيش القبلية، أحمد الشريف عمدة أبيار.
المنوفية: الحاج على الجزار عمدة شبين الكوم، محمد أفندى شعير عمدة كفر عشما، موسى أفندى الجندى عمدة منوف، أحمد عبد الغفار عمدة تلا، أحمد أبو الحسن عمدة كفر ربيع، حماد أبو عامر عمدة جنزور، على أبو عمارة عمدة مليج، محمد الإنبابى عمدة جزي.
البحيرة: الشيخ محمد الصيرفى عمدة قيلشان، حسنين حمزة عمدة البريجات، أحمد موسى عمدة نكلة العنب، الحاج على عمار عمدة بيبان، الشيخ محمد الوكيل عمدة سمخراط.
الشرقية والقليوبية: الحاج نصر الشواربى - قليوب، محمد الشواربى - قليوب، أحمد أفندى أباظة مينا القمح، الإمام الشافعى أبو شنب عمدة الخانكة، على حسن حجاج عمدة الرملة، الشيخ محمد جمال الدين عمدة الجديدة، محمد عبد الله عمدة الصفافين، المعلم سليمان سيدهم عمدة بنفس، بركات الديب عمدة القرين، محمد أفندى عفيفى عمدة الزوامل، عبد الله عياد عمدة كفر عياد.
الدقهلية: هلال بك، سيد أحمد أفندى نافع عمدة دنديط، محمد بك سعيد من نوسا البحر، إسماعيل حسن عمدة تمى الأمديد، الشيخ محرم على عمدة السنبلاوين، الشيخ العدل أحمد عمدة جزيرة القباب.
الجيزة: عامر أفندى الزمر عمدة ناهية، إبراهيم أحمد المنشاوى عمدة زاوية دهشور، عبد الباقى عزوز عمدة الرقة.
الفيوم وبنى سويف: حزين الجاحد عمدة العجميين، على سيد أحمد عمدة الزربي، زايد هندى عمدة جزيرة ببا، محمد حسن كساب عمدة النويرة، جرجس برسوم عمدة بنى سلامة.
المنيا وبنى مزار: إبراهيم أفندى الشريعى عمدة سمالوط، حسن أفندى شعراوى عمدة المطاهرة، إسماعيل أحمد عمدة بنى أحمد، أحمد على عمدة الزاوية، أحمد حبيب عمدة الفنت، ميخائيل إثناسيوس عمدة أشروبا.
أسيوط: سليمان أفندى عبد العال - ساحل سليم، والد محمود سليمان باشا وجد محمد محمود باشا، عثمان محمود غزالى عمدة بنى رازع، يوسف محمد عمر عمدة الشيخ تمي، رميح شحاتة عمدة القوصية، عمر حمد عمدة الشغبة، عبد العال موسى عمدة دروه.
جرجا: محمد حمادى عمدة بلصفورة، حميد أبوستيت من أولاد عليو، عبد الرحمن حمد الله عمدة الجبيرات، عثمان أبو ليلة من الكتكاتة، عطية مهران من ناحية نزه، أحمد سلطان عمدة بندار.
قنا وأسوان: عمر أفندى أبو يحيى عمدة أبو مناع، محمد أبو سحلى عمدة فرشوط، على إبراهيم عمدة حجازة، أحمد أفندى عبد الصادق - أسوان، أحمد على إسماعيل عمدة السليمية.
وتذكر كتب التاريخ أن كثيرًا من هذه العائلات استمر نفوذها لفترة طويلة وتحديدًا حتى قيام ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢.