الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سر وجودنا .. ماذا نريد من الله؟

نهال علام
نهال علام

جايين الدنيا ما نعرف ليه ولا رايحين فين ولا عايزين إيه.. هكذا بدأ عبد الوهاب آخر أغنية في مشواره الطويل، سؤال بديهي صادم طرحه مرسي جميل عزيز.

 تَرك التساؤلات تأتي على حنجرة عبدالوهاب بعد ما يربو على عِقد من الزمان، ولم يكتف عبدالوهاب بذلك، بل طَرَح المزيد مِن ذلك! فأشار للحياة بأنها "مشاوير مرسومه لخطاوينـا نمشيها فى غربة ليالينــا يوم تفرحنا ويوم تجرحنا وإحنا ولا عارفيــن ليـه! "…

كُنت طفلة عندما سمعت تلك الأغنية للمرة الأولى ولن أدعي أنني في تلك السِن الصغيرة كنت أوقن تلك الكلمات الكبيرة، بل أتذكر شعوري بالانقباض وخاصة إنها ارتبطت بجدل مجتمعي حول شرعية السؤال في الأصل! 

فأتذكر صديقات أمي وهن بين مؤيد ومعارض لتلك الفرضيات التساؤلية، وسيذكر التاريخ أن المُعارضين هم نفس المستنكرين لأغنية "رافضك يا زماني" لمدحت صالح والتى حققت جدلاً واسعاً ونجاحاً ساحقاً في ذلك العهد!

لم تَسمح سنوات رأيي القليلة في ذلك الوقت بإبدائه، فقط حفنة انطباعات كانت عالقة في الذكريات تتبلور لتُشكل برأسي جدليات، لم أعي أنها ستلازمني على مرّ السنين وإن لم تهاجمني بموجات من عدم اليقين، لكنها كانت بلاشك تواجهني بين الحين والحين باستفهام بريء!

أبحث عن الجواب وخاصة عندما يشتد سوط عذاب تلك الدنيا التي جئناها دون إرادة، لنمضي فيها بعض وقت، ونرحل دون اختيار ومابينهما نحن منفذي قرار؛ لقدر مكتوب ونصيب محتوم، ومواجهات لا نهائية يصاحبها غضب مكتوم، مكافحة الظنون ومطاردة لحظات الجنون!

تفكير سودوي! ولكن هل هو حقيقي؟ هل ذلك الاستسلام هو طريق السلام النفسي لنمضي بين طرقات الدنيا التي وجدنا أنفسنا فيها دون حول منا ولا قوة! هل قبول الأمر الواقع بأننا هُنا؛ سيجعل الحياة أسهل والرحلة مستساغة أكثر ؟ فالإجابة لا! فالاستسلام هو محض هوان، سكة يائس وطريق عابث لا يقبله إلا قلب عاجز، فما ضاعت إجابة خلفها مُسائل، ولكن نفس المعطيات دوماً ستلقيك على هاوية ذات النتائج فماذا إذا غيرنا استراتيجية التفكير وأدخلنا على السؤال بعض التعديل؟  فمن الذي أوجدنا في تلك الدنيا أليس هو الله! فلماذا لا يصبح السؤال ماذا يريد مِنا الله؟ هل فقط أن ننتشِر في الأرض لننتظر يوم العَرض؟

أليست من صفات الله أنه منتقم جبار ولكن حسبُك أليس الله أيضاً هو الرحمن الرحيم الودود الكريم من غلبت رحمته غضبه، فماذا فعلنا لنحاسب عليه عندما كنا نطفة منسية، قبل أن تبدأ رحلة ستنتهي ولن يبقى مِنا إلا حفنة من العظام غير السوية!

وهنا سأضع نقطة وأبدأ من أول الكون، حكاية الأرض التى رحبَت بأبوينا فنزلا من الجنة ، وإذا بأجيال متتالية تفسد في الأرض وتقتل النفس بغير الحق.

الثابت أننا بالتأكيد لسنا على الصراط المستقيم بالرغم من أننا نخشى الجحيم، ولكنها النفس التى تتوق لكل ما تظن أنه النعيم، لذا إذا لم نستطع الإجابة عن السؤال فلنتبعه بسؤال قد يفك ترابط هذا اللغز  العظيم، وليكن السؤال ماذا نريد من الله؟

وهنا تجري الاجابة على الألسنة بسلاسة، الستر والصحة والمال والجمال والسعادة والاستقرار والبنون، ببساطة نحن بحاجة لكل شئ وإذا نقص شئ ذهبت بهجة الكل شئ!

فالرضا عزيز ، والموت قادم، وفراق الأحبة قائم، والمرض متغلغل ودائم، والعلاقات قصيرة ورغباتنا المتغيرة تجعلنا في حيرة، ولكننا ننشد الكمال ودونه نغضب كالعيال!

لكن إذا تخيلنا الاكتمال؛ وأننا أوتينا من الدنيا الأمان، فأصبح الرزق مضمون والأحبة باقون والصحة مصون، فهل سنبلغ درب السعادة؟ آفة الإنسان الملل فهو في رحلة البحث عن الجديد مع كل نهار سعيد، لو امتلك الكون سيزهده، ولو تَسَيد الأرض لفقدت معناها، ولنتذكر أبوانا كانت لهم الجنة وخرجا منها بسبب شجرة!

فهل كان ذلك عصيان لأوامر ربانية أم امتثال لتطلعات بشرية! المفقود في الحياة يعلمنا قيمة الموجود، التحديات والمشكلات تصنع شغف الإنسان، فإذا اوتينا كل ما نحلم لمَ سننهض من السبات!أليس النوم بالموتة الصغرى! إذاً نحن نقاوم الموت الأصغر بنواقِص الحياة، وإلا ما تركنا مخادعنا طالما الأمر محسوم والرزق مقسوم.

جئنا الحياة لنُعمرها بالأفكار ونملأ جنباتها بالأخبار، نحب ونتحب، نصنع الانتصارات ونقهر التحديات لذا فليس الأمر عقابي بل هو تكريم لنفسك أن تأخذ فرصتها لتصنع الأثر، وثقة في رأسك أنها قادرة على أن تؤثِر، وتتويج لقلبك بأن يختار من يشاركه أفراحه وأتراحه، إذا تعثر سعيك فراجع نفسك هل أنت على قدر المسؤولية ومُقدِر لما تؤتى من نِعم لحظية وشاكِر للعطايا الربانية!

عِلاقتنا بالله لا تقبل مزايدة ولا أطراف تَدّعِي الوصاية، يقيني أن الله سيلقانا بظننا فيه، فمن كان ظنه بالله الرحمة لن يلقى إلا الرحمات ، لذا لا تظلِم نفسك فالله هو الحنان المنان وليس بظلام للعبيد، انتصر لنفسك قبل أن تسأل الله، قدِرها وصونْها وحبها لتشعر بمحبة الخالق، وفي ظني أن الله سيسامح على ما بَدر من تقصير تجاهه لكن سيختلف الأمر في حقوق البشر لن يبقى الله علينا ولن يَذِر، لذا إياك والعباد أبعد عن شر الخَناس فيما يوسوس به في صَدرك من شرور تجاه الناس.