الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من ترك صيام رمضان بلا عذر.. ضوابط شرعية يغفلها كثيرون

من ترك صيام رمضان
من ترك صيام رمضان بلا عذر 

من ترك صيام رمضان بلا عذر .. تقترب الأمة الإسلامية من شهر رمضان 2022 -1443 هـ، وذلك مع مطلع شهر إبريل المقبل، ويتساءل كثير من المسلمين عن حكم من ترك صيام رمضان بلا عذر، وهل وقع في الكفر المخرج من الملة.

ومن خلال التقرير التالي نستعرض أبرز ما جاء في حكم من ترك صيام رمضان بلا عذر، وكيف يقضي من أفطر لعذر كالمرض وخلافه.

فضل قراءة القرآن

من ترك صيام رمضان بلا عذر 

شهر رمضان هو شهر كريم طيب مبارك عظم الله تبارك وتعالى شأنه، فقال في محكم التنزيل:" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو على سفرٍ فعدة من أيام أخر".

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَامَ رمضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، وفي شرح الحديث الشريف، جاء أن الصيام ومغفرة الذنوب ورد في المعنى الإجمالي للحديث، حيث شرع الله سبحانه على المسلمين المكلفين فرضية صيام شهر رمضان فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ». 

وصوم رمضان واجب بالكتاب العزيز والسُنة النبوية الشريفة وإجماع علماء الأمة، معلوم من الدين بالضرورة، كما أن للصوم الواجب رُكْنَان، وأولهما (النية) ويشترط إيقاعها ليلًا قبل الفجر عند الجمهور، لكنها تصح عند الحنفية في الصوم المعين قبل الزوال.

وورد أن مجرد التسحر من أجل الصوم يُعَدُّ نيَّة مجزئة؛ لأن السحور في نفسه إنما جُعِل للصوم، بشرط عدم رفض نية الصيام بعد التسحر، ويكون لكل يوم من رمضان نِيَّة مُسْتَقِلَّة تسبقه، وأجاز الإمام مالك صوم الشهر كله بنيَّة واحدة في أوله، وثاني ركن من أركان الصوم الواجب، أو صيام رمضان هو (الإمساك عن المفطرات) التي يبطل بها الصوم، وهذا الركن لا بد منه في الصوم مطلقًا سواء كان واجبًا أو تطوعًا.

وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ" متفق عليه، وعن السيدة فاطمة عليها السلام: "أن أباها صلى الله عليه وآله وسلم أخبرها أن جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرة، وأنه عارضه في عام وفاته مرتين" متفق عليه.

التضرع إلى الله

من ترك صيام رمضان بلا عذر 

يقول الدكتورعلي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر ، إن شهر رمضان هو شهر القرآن الكريم؛ قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]، وقال جل شأنه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ ، وقال سبحانه: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾.

ويضيف: يستحب قراءة القرآن في رمضان وختمه مرة وأكثر، والإكثار من تلاوته ليلًا ونهارًا مع كون القراءة ليلًا أفضل وأكثر ثوابًا؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6]، وفي الحديث القدسي: «... وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ» رواه البخاري.

وحول من يرخص لهم الفطر في رمضان، يقول مفتي الجمهورية السابق إنه لا يجوز لأصحاب المهن الشاقة الإفطار في شهر رمضان، لافتا إلى أن أصحاب المهن الشاقة ينوون الصيام ويصومون بصورة طبيعية فإذا أعاننا الله على ذلك فهو خير أما إذا رأيت نفسك عاجزا عن الصيام وبلغت من العطش والجوع مبلغه ولا يستطيع العمل وسيتسبب في الإغماء والإعياء فيفطر.
وأضاف "جمعة" رد ا على سؤال شخص يقول:"أعمل في مهنة متعبة جدا ولا استطيع الصوم فهل يجوز لي الفطر؟ "،  قائلاً: أن الإفطار هنا ليس لطبيعة العمل وإنما بسبب الحالة الجسدية ويجب على كل صاحب مهنة شاقة أن يبدأ في الصوم ويتوكل على الله، وإذا ما حدث أي عارض أثناء العمل كما قلنا في السابق يفطر للعجز وليس للمشقة.

ويكمل: أن من يرخص لهم الفطر في رمضان، ويجب عليهم فدية هم الذين لا يستطيعون الصيام أداءً ولا قضاءً كالكبير العاجز عن الصيام وعقله معه، والمريض الذي لا يرجى برؤه، فهذا الصنف خفف الله عنهم فأوجب عليهم بدل الصيام إطعام مسكين عن كل يوم نصف صاع من الطعام أي: 750 جراما تقريبًا.

ويجب القضاء على كل من أفطر لعذر يزول كالمسافر والمريض مرضًا يُرجى زواله والحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو على ولديهما فإن كلًا من هؤلاء يتحتم عليه القضاء بأن يصوم من أيام أخر بعدد الأيام التى أفطرها.

ويجب القضاء على القضاء الحائض والنفساء فيحرم عليهما الصوم ويجب عليهما القضاء، روى البخارى ومسلم عن عائشة _رضى الله عنها_ قالت: " كنا نحيض على عهد رسول الله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"

وحول من لا يجب عليه الصوم ولا القضاء ولا الفدية، قال: هو فاقد العقل كالكبير الذي أصابه الخرف، والمجنون.

من ترك صيام رمضان بلا عذر 

ويكشف الشيخ أحمد ممدوح أمين الفتوى بدار الإفتاء، عن حكم من ترك صيام رمضان بلا عذر، أنه لا يجوز للمسلم البالغ العاقل ترك صيام رمضان بدون عذر قوي يمنعه فعلا عن الصيام كالمرض الشديد وليس المرض الخفيف أو على سفر ومسافة بعيدة جداً وفيه مشقة، أو مهنة شاقة جداً يستحيل معها الصوم ، كما يجوز الإفطار للحامل والمرضع .
وأضاف أمين الفتوى خلال رده على أسئلة المشاهدين في برنامج "فتاوى الناس" حيث يسأل شخص:" لا أقدر على الصوم في رمضان رغم عدم معانات من أي مرض، وأطعم عن كل يوم مسكينا فهل هذا جائز؟، لا يجوز وتأثم شرعا طالما أنت سليم بدنياً وليس لديك سفر أو تعمل مهنة شاقة.

كما أكد الدكتور صلاح بن محمد البدير خطيب المسجد النبوي، أن من ترك صوم رمضان كسلا وتهاونا وتساهلا بلا مرض ولا غرض وهو مقر بوجوبه فلا يكفر ولكنه عصى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأتى كبيرة من كبائر الذنوب ووجب عليه التوبة من تفريطه وقضاءُ الأيام التي أفطرها في أصح قولي العلماء ، ولا يصح صيام الواجب إلا بنية من الليل ويصح صوم النفل بنية من النهار ولا يصح صوم القضاء بنية من النهار بل يجب أن يحكم النية والعزيمة من الليل وينوي القضاء قبل طلوع الفجر فإن لم يعزم من الليل لم يجزئه لحديث حفصة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له ".

وبين، أن شرع الله لنا برأفته وسعة رحمته شرعاً عدلاً سهلاً سمحاً لا حرج فيه ولا إصر ولا عُسر , ومن يُسر الشريعة الحنيفية دفع المشقة ورفع الحرج وإزالة العنت والضيق عن المكلف والترخيص والتوسيع له واستثناؤه من بعض الأحكام الكلية الأصلية لعذر يقتضي التخفيف والتسهيل والتيسير , ومن رُخص ِ الشريعة وتخفيفاتها الترخيص لأهل الأعذار بالفطر في رمضان تيسيراً عليهم ورحمة بهم ومن ترخص بالفطر في رمضان وجب عليه تعلم أحكام صوم القضاء وكيفيته حتى يؤدي ما وجب عليه بعلم وبصيرة .

وأضاف خطيب المسجد النبوي بأن من فاته أداء صوم رمضان في وقته وجب عليه قضاؤه لأن القضاء يتبع المقضي عنه فما كان من الصيام واجبا كان قضاؤه واجبا وما كان منه مستحبا كان قضاؤه مستحبا لقوله صلى الله عليه وسلم " إن كان قضاء من رمضان فأقضي يوما مكانه وإن كان تطوعاً فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضي " ، ومن ترك صوم رمضان جحودا واستحلالا فهو كافر مرتد لأنه أنكر ركنا من أركان الإسلام وفرضا ثابتا بالكتاب والسنة والإجماع وإذا أسلم المرتد لم يلزمه قضاء ما تركه من الصيام زمن ردته .
وذكر أن من مات وعليه قضاء رمضان أو بعضه فله حالتان الحالة الأولى أن يكون الشخص المتوفى معذوراً في تفويت الأداء ولم يتمكن من القضاء ودام عذره إلى الموت كمن أتصل مرضه أو سفره أو إغماؤه أو حيضها أو نفاسها أو حملها أو إرضاعها ونحو ذلك بالموت فلا يجب شيء على ورثته ولا في تركته لا صيام ولا إطعام .
وأشار إلى أن الحالة الثانية أن يفوت الشخص المتوفى الصيام بعذر أو بغيره ويتمكن من قضاء الصوم ولكنه فرط ولم يصم حتى نزل به الموت فيجب في تركته لكل يوم نصف صاع من طعام فإن لم تكن له تركة فلا شيء عليه ويشرع لوليه أن يصوم عنه ويصح ذلك ويجزئه عن الإطعام وتبرأ به ذمة الميت قال صلى الله عليه وسلم " من مات وعليه صيام صام عنه وليه ".

فضل العبادة في رمضان


مبطلات صيام رمضان

ومبطلات صيام رمضان (المفطرات) تنحصر في ثمانية أفعال أولها تعمد إدخال عَيْنٍ  - شيء ما- إلى الجوف من مَنْفَذٍ مفتوح (كالفم – والأنف) ولا تُعْتَبَر العين مَنْفَذًا مفتوحًا، وكذا مسام الجلد، والجوف عند الفقهاء: ما يلي حلقوم الإنسان كالمعدة، والأمعاء، والمثانة –على اختلاف بينهم فيها-، وباطن الدماغ، فإذا تجاوز المُفَطِّر الحلقوم ودخل الجوف إلى أيِّ واحدة منها من منفذٍ مفتوح ظاهرًا حِسًّا فإنه يكون مفسدًا للصوم.

وثاني مبطلات الصوم في رمضان تعمد الإيلاج في فَرْج (قُبُل أو دُبر)، ولو بلا إنزال، وثالثها خروج الْمَنِي عن مُبَاشَرة، كَلَمْسٍ أو قُبْلَة ونحو ذلك، ورابعها الاسْتِقَاءة، وهي تعمُّد إخراج القيء، أما من غَلَبه القيء فلا يفطر به،  وخامسها خروج دم الحيض، وسادسها خروج دم النفاس، وسابعها الجنون، وثامنها الرِّدَّة.

 

أفطرت أياما في رمضان الماضي

أفطرت أياما في رمضان الماضي ولم أقضها حتى الآن، ماذا أفعل إن دخل عليَّ رمضان ولم أصمها؟ .. سؤال ورد إلى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية من خلال الصفحة الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.

وقال مركز الأزهر في فتواه:" من أفطر في رمضان لعذرٍ، فعليه قضاء ما فاته من صيام بعد رمضان، متى تَمَكَّن من ذلك، قال الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}. [البقرة: 185]

ولفت الأزهر إلى أن المرأة إذا أتاها الحيض في رمضان فإنها تفطر وجوبًا -ومثلها النُّفسَاء-، وتقضي ما فاتها بعد رمضان، وقبل دخول رمضان الذي يليه في أي وقت يصح صيامها فيه خلال العام، فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا فِي شَعْبَانَ». [متفق عليه]

وتابع الأزهر: إذا أخرَّت المرأة القضاء حتى دخل عليها رمضان آخر، وكان التأخير لعذر من حَملٍ أو رضاع أو مرض؛ فإنه يجب عليها القضاء متى تمكنت من ذلك وزال عنها العذر، ولا شيء عليها سوى قضاء الأيام التي أفطرتها.

واستطرد: أما إذا أخرت القضاء بغير عذر حتى دخل عليها رمضان آخر فعليها القضاء اتفاقًا، واختلف الفقهاء، هل عليها مع القضاء عن كل يوم إطعام مسكين، أم لا؟! والواجب عليها هو القضاء فقط على المفتى به.

وشدد الأزهر على أنه ينبغي على المرأة أن تبادر إلى قضاء ما فاتها من رمضان متى استطاعت ذلك، إبراءً لذمتها، ووفاء بحق الله سبحانه.