الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوكرانيا تزيد معاناة الأوروبيين وتبعثر أوراق ملف الطاقة.. قرار وقف الغاز لصالح روسيا

حقول الغاز
حقول الغاز

في تطور خطير لحالة الشد والجذب في توازنات القوى شرق أوروبا، بسبب العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتداعياتها الاقتصادية والسياسية، أعلنت السلطات الأوكرانية، أمس الأربعاء، عن وقف تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر نقطة عبور رئيسية في البلاد، واتهمت موسكو بأنها السبب في قطع الإمدادات.

شركة الغاز الأوكرانية، أخلت مسئوليتها عن تعليق ثلث إجمالي حجم عمليات نقل الغاز إلى أوروبا، وأرسلت خطابا إلى الشركة الروسية غازبروم بشأن الظروف القهرية - على حد وصفها - مؤكدة أنها تمنع الشركة من إجراء عمليات نقل الغاز عبر محطتي سوخرانيفكا ونوفوبسكوف، الواقعتان في أراضٍ خاضعة للسيطرة الروسية.

خطوط الغاز في أوروبا

أسباب وقف التدفقات الروسية

من جانبها، أعلنت شركة جتسو، المشغلة لنظام الغاز الأوكراني، أنها ستوقف الشحنات عبر طريق سوخرانيفكا اعتبارا من الأربعاء، وتفعيل بند "القوة القاهرة"، والذي يتم تفعيله عندما تتعرض الشركة لشيء خارج عن إرادتها، ولكنها سوف تعمل على نقل الطاقة غير المتاحة إلى نقطة ربط سودجا، من أجل الوفاء بالتزاماتنا الخاصة بعبور الغاز للشركاء الأوروبيين، لكن شركة غازبروم الروسية أكدت أنه من المستحيل تكنولوجيا تحويل جميع الأحجام إلى نقطة ربط سودجا، على مسافة أبعد إلى الغرب، مثلما اقترحت جتسو.

غازبروم ترد على أوكرانيا

وأكدت غازبروم أنها لا ترى سببا لوقف ضخ الغاز، استنادا للوضع السابق، وأنها لم تتلق أي تأكيد لهذه القوة القاهرة، مشددة على أنها تفي بجميع التزاماتها تجاه المستهلكين الأوروبيين بالكامل، وتزود الغاز للعبور وفقا للعقود المبرمة، وأن خدمات النقل مدفوعة بالكامل.

خطوط الغاز في أوروبا

كييف تقع في فخ قراراتها 

في هذا الصدد، قال الكاتب والمحلل السياسي، بسام البني، إنه بالرغم من الدعم غير المسبوق من دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وحلفائها إلى كييف، إلا أنها قررت ابتزاز دول أوروبا، بإيعاز وتوجيه من الولايات المتحدة للتخلي عن الغاز الروسي، وهو ما يعني انتحارا اقتصاديا، وهذا يصب في مصلحة أمريكا التي تريد تعزيز سيطرتها كليا على القرار الأوروبي.

وأوضح “البني”، في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن كييف تقع في فخ التصرف الذي قامت به بوقف إمداد الغاز عبر محطة سوخرانيفكا في جمهورية لوجانسك التي وقعت تحت سيطرة القوات الروسية في إقليم دونباس، مؤكدا أن حجة "الظروف القاهرة"، وعدم تمكنهم من ضمان مرور الغاز عبر هذه المحطة إلى الاتحاد الأوروبي، كل هذه ادعاءات ولا يوجد أي مبررات، لأنه وحسب ما أعلنته غازبرون، فإن عمليات الضخ منتظمة، وخدمات النقل مدفوعة بالكامل إلى أوكرانيا.

نقل الغاز الروسي إلى أوروبا

نورد ستريم 2.. البدائل المتاحة أمام أوروبا

أما عن البدائل، أكد المحلل السياسي، بسام البني، أنه لا توجد قوة في العالم تستطيع تأمين البدائل للاتحاد الأوروبي، لأنه لوجيستيا سيكون من الصعب تزويد دول الاتحاد بالغاز المسار الذي يمكن استقدامه من قطر أو الجزائر، أو الولايات المتحدة الأمريكية، كما لا توجد ناقلات غاز مسار تكفي لتأمين الكمية اللازمة، ولا توجد حتى بنية تحتية أوروبية لاستقبال وتخزين الغاز المسال.

وتوقع أن تستفيد روسيا والاتحاد الأوروبي، من وراء القرار الأوكراني على المدى الطويل، لأنهم سوف يتخلون تدريجيا عن الخط المار بأوكرانيا، وإمكانية إعادة تأهيل وتشغيل خط السيل الشمالي - نورد ستريم 2 -، والذي فرضت عليه دول أوروبا عقوبات في بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، وفي حال تنفيذ ذلك سوف تخسر أوكرانيا إلى الأبد 3 مليارات دولار سنويا، كانت تستفيد منها من وراء عبور الغاز الروسي ترانزيت عبر أراضيها.

خطوط الغاز

تأثير القرار الأوكراني على أوروبا

أما عن تأثير القرار على سوق الطاقة العالمية، أوضح “البني”، أنه بشكل عام سوف ترتفع أسعار الطاقة والغاز نتيجة التصرفات الأوكرانية، وبعد انتهاك كييف التزاماتها لأول مرة بإعلانها ظرف القوة القاهرة، فسوف يكون لقرارها تأثير الدومينو، حيث سحب أنبوب آخر من شبكة الغاز وفقدان أوروبا تدفق 10 ملايين متر مكعب في اليوم، وهذا سيجعل من الصعب تحقيق الأهداف المخططة لملء مرافق التخزين لشركة التحليل النرويجية Rystad لتأمين الطاقة.

وتوقع أن تتراجع كييف عن قرارها بوقف إمدادات الغاز عبر محطة سوخرانيفكا، لأنها تضخ فقط 30% من كل الغاز الروسي الذي ينتقل إلى الاتحاد الأوروبي، وأن الغاز الروسي ما زال يتدفق من خطوط أخرى.

محطات الغاز

تعامل غازبروم مع القرار الأوكراني

وعن سيناريوهات تعامل غازبروم مع القرار الأوكراني، أشار “البني” إلى أنه يمكنها الاستمرار في ضخ الغاز عبر سوخرانيفكا، ووضع الأوكرانيين تحت وطأة قرار يتعين عليهم به إما ضمان عبور الغاز في الوضع الطبيعي، أو انتهاك التزاماتهم بموجب العقد والسماح بفشل جزئي.

واختتم: “إن إحياء نورد ستريم 2 ، الذي تم بناؤه بالفعل، أصبح ذا صلة، ويبقى فقط التصديق عليه، لذلك من المرجح أن تخرج غازبروم من هذه القصة دون خسائر، أما كييف فسوف تخسر عائداتها من الترانزيت”.

حقول الغاز

سبل نقل الغاز من روسيا إلى أوروبا

اتفاقيات العبور المبرمة بين موسكو وكييف، تنص على نقل 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسي عبر أراضي أوكرانيا سنويا في الفترة بين 2021 إلى 2024، ويتضمن العبور مبدأ "الضخ والدفع"، حيث يتم فرض رسوم العبور بناء على السعة المحجوزة.

ولكن القوات الروسية تمكنت من السيطرة على محطات نقل الغاز في الشرق، مثل محطة نوفوبسكوف لضغط الغاز بمنطقة لوجانسك في شرق أوكرانيا، وأظهرت بيانات الشركة الأوكرانية المشغلة لشبكة الغاز، عدم وجود أي تدفقات للغاز الروسي عبر نقطة العبور بسوخرانيفكا، الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها القوات الروسية.

وأضافت شركة جتسو أن محطة نوفوبسكوف هي أولى محطات الضغط في نظام نقل الغاز الأوكراني بمنطقة لوجانسك وطريق عبور نحو 32.6 مليون متر مكعب من الغاز يوميا، أو ثلث الغاز الروسي الذي يُنقل عبر الأنابيب إلى أوروبا مرورا بأوكرانيا.