الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة : التوثيق علم تفرد به المسلمون .. وهذه أهم قواعده

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، إنه مما مَنّ الله به على المسلمين أن أبدعوا (علم التوثيق) على غير مثال سابق، فلم يأخذوه من أمة خلت، ولم يقلدوا أحدًا من الناس فكان من العلوم التي وضعوها وكملت غاية الكمال، وعلم التوثيق مثله في ذلك مثل (علم الفهم) أو ما يسمى (بأصول الفقه)، فإنه علم بديع نشأ من حضارة المسلمين، وهذان العلمان يحتاجهما العالِم الذي يتمسك بالمنهج العلمي فيوثق مصادره ويتأكد من معلوماته حتى لا يقع في عقلية الخرافة ولا في حد الانطباع التي لا ضابط لها ولا رابط.

علم التوثيق

وتابع علي جمعة من خلال صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: من علوم التوثيق عند المسلمين (علم القراءات القرآنية) (علم رواية الحديث) الذي تولد عنه (علم الجرح والتعديل) والذي يهتم بالبحث في أحوال الرواة ومدى ضبطهم ومدى اتفاقهم مع الأصول المروية ومدى اختلافهم في ذلك، وتولد منه قواعد كثيرة في هذا العلم من ألطفها وأرقها هذه القاعدة الفريدة التي تدل على عمق في الفهم ورقة في الشعور واعتذار للآخرين وعدم التسرع في إصدار الأحكام العشوائية والعدل حتى مع المخالف وإن شئت فقل خاصة مع المخالف كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وهى قاعدة (المعاصرة حجاب).

وتابع: معنى هذه القاعدة أن المعاصرة بين اثنين لا تتيح لكل منهما أن يعرف الآخر كما ينبغي؛ وذلك لأن الصورة الذهنية التي تتكون عند كل واحد منهما عن الآخر تكون ناقصة، فقد يكمل الشخص كلامه الذي حمل على غير مراده، وقد يغير رأيه الذي ذهب إليه بل قد يغير مشربه أو مذهبه بالكلية، وقد يتحول المرء من محب إلى كاره ومن كاره إلى محب وهذا مصداقاً لقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) ولقوله ﷺ: (القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء) [أحمد والترمذي]. وعلى ذلك فإن الاختلاف الناشئ بين اثنين من قبل الرأي هو اختلاف نسبي قد يتغير والموقف الذي حمل الشخص على القدح في زميله قابل للتبدل والانتهاء.

وأشار عضو هيئة كبار العلماء إلى أن هذه قاعدة قررها جمهور السلف رضوان الله عليهم يقول ابن عباس رضي الله عنه: (خذوا العلم حيث وجدتم ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون تغاير التيوس في الزريبة» [فيض القدير 4/164]

واستدل بما قاله مالك بن دينار – رحمه الله –: (يؤخذ بقول العلماء والقراء في كل شيء إلا قول بعضهم في بعض فإنهم أشد تحاسداً من التيوس)، وما قاله الإمام الذهبي – رحمه الله –: (كلام الأقران لا يُعبأ به، لا سيما إذا لاح لك أنه لعداوة أو لمذهب أو لحسد. وما ينجو منه إلا من عصمه الله. وما علمت أن عصراً من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى الأنبياء والصديقين، ولو شئت لسردت من ذلك كراريس).