الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يسامحني الله على الذنوب؟ .. قبول التوبة وارد إلا في حالتين

هل يمكن أن يسامحني
هل يمكن أن يسامحني الله ؟

هل يمكن أن يسامحني الله ؟ .. يتساءل الكثيرون بعد أن أفعل الذنب فـ هل يمكن أن يسامحني الله ؟

 

ومن خلال التقرير، نسلط الضوء على شروط التوبة وهل يمكن أن يسامحني الله على الذنب ومتى لا تقبل؟

الذكر

هل يمكن أن يسامحني الله ؟

الله عز وجل غفور رحيم بعباده وقد ورد أن باب التوبة مفتوح إلا في وقتين، إن الله تعالى حدد وقتين تقفل فيهما باب التوبة هما، الأول أن يغرغر الإنسان ومعنى يغرغر الإنسان، أى أن تصل روحه إلى الحلقوم، والثاني: عند خروج الشمس من المغرب، فعَنْ أبي عَبْدِ الرَّحْمن عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: «إِنَّ الله عزَّ وجَلَّ يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.

 

ومن فضل الله تعالى وكرمه بعباده أنه يقبل التوبة منهم إذا تابوا إليه من المعاصي والذنوب التي اقترفوها، ويظل قبول التوبة واردًا حتى يدرك الإنسان العاصي الموت وتبلغ الروح الحلقوم، حينئذ لم تعد التوبة مقبولة، وهذا هو المقصود بالغرغرة الواردة في الحديث المسؤول عنه. وقد أشار الله تعالى إلى هذا المعنى أيضًا بقوله: «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ» [النساء:18]. وعلى هذا فإن المقصود بالغرغرة بلوغ الروح الحلقوم.

 

كما جاء أن غلق باب التوبة عند طلوع الشمس من مغربها وروى مسلم (2759) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ»  رواه مسلم (2703) .وروى البخاري (4635) – واللفظ له -، ومسلم (157) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: «لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ».

الدعاء

هل يمكن أن يسامحني الله ؟

وأعلم أن الذنوب التي لا تغفر بالتوبة هي كبائر الذنوب، حيث إن هناك ذنوب لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لصاحبها إن لم يتب منها توبةً نصوحًا قبل الموت، ومنها:

الشّرك الأكبر: قال سبحانه و تعالى: « إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء » الآية 48 من سورة النساء، وقال سبحانه وتعالى:«إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ » لآية 72 من سورةالمائدة، وقال صلّى الله عليه وسلّم: « من لقي الله لا يشرك به شيئًا دخل الجنّة، ومن لقيه يشرك به شيئًا دخل النّار »، رواه مسلم في الإيمان، وقال القرطبي رحمه الله:« إنّ من مات على الشّرك لا يدخل الجنّة، ولا يناله من الله رحمة، ويخلد في النّار أبد الآباد، من غير انقطاع عذاب، ولا تصرم آماد »، وقد نقل كلّ من ابن حزم، والقرطبي، والنّووي الإجماع على أنّ المشرك يخلد في النّار.

الشّرك الأصغر: وهناك قولان في ذلك، القول الأوّل أنّه تحت المشيئة، ، وأمّا القول الثّاني فإنّه تحت الوعيد، وهو الذي مال إليه بعض أهل العلم والفقهاء.

حقوق النّاس ومظالمهم، فقد روى البخاري في الرقاق، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنّه ليس ثمّ دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أُخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه »، و قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « إنّ المفلس من أمّتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل ما لهذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثمّ طُرح في النّار »، رواه مسلم في البر والصلة والآداب، وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وحقّ غير الله يحتاج إلى إيصالها لمستحقها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذّنب، لكن من لم يقدر على الإيصال بعد بذله الوسع في ذلك فعفو الله مأمول، فإنّه يضمن التبعات، ويبدّل السّيئات حسنات ».

القتل، وذلك لأنّ القتل حقّ يتعلق به ثلاثة حقوق، وهي: حقّ الله سبحانه وتعالى، وحقّ الولي والوارث، وحقّ المقتول، فأمّا حقّ الله سبحانه وتعالى يزول بالتوبة، وأمّا الوارث فإنّه مخيّر بين ثلاثة أشياء: إمّا القصاص، وإمّا العفو إلى غير عوض، وإمّا العفو إلى مال، وبالتالي يبقى حقّ المقتول، فعن جندب رضي الله عنه قال: حدّثني فلان أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال: «يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة، فيقول: سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على ملك فلان، قال جندب: فاتَّقِها »، رواه النسائي في تحريم الدم، قال ابن القيم رحمه الله: « فالصّواب والله أعلم أن يقال: إذا تاب القاتل من حقّ الله، وسلم نفسه طوعًا إلى الوارث، ليستوفي منه حقّ موروثه: سقط عنه الحقّان، وبقي حقّ الموروث لا يضيّعه الله. ويجعل من تمام مغفرته للقاتل: تعويض المقتول، لأنّ مصيبته لم تنجبر بقتل قاتله، والتّوبة النّصوح تهدم ما قبلها، فيعوض هذا عن مظلمته، ولا يعاقب هذا لكمال توبته».

الحج

من هو الذي لا تقبل توبته ؟

ورد في قوله تعالى : «وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» الآية 18 من سورة النساء، حيث بين سبحانه من لا تقبل توبتهم فقال: وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار ، أي: وليست التوبة مقبولة عند الله بالنسبة للذين يعملون السيئات ويقترفون المعاصي، ويستمرون على ذلك، حتى إذا حضر أحدهم الموت بأن شاهد الأحوال التي لا يمكن معها الرجوع إلى الدنيا، وانقطع منه حبل الرجاء في الحياة قال إني تبت الآن أي قال في هذا الوقت الذي لا فائدة من التوبة فيه: إني تبت الآن .

كما ورد في قوله: ولا الذين يموتون وهم كفار أي وليست التوبة مقبولة أيضا من الذين يموتون وهم على غير دين الإسلام ، فالآية الكريمة قد نفت قبول التوبة بين فريقين من الناس ، أولهما: الذين يرتكبون السيئات صغيرها وكبيرها، ويستمرون على ذلك بدون توبة أو ندم حتى إذا حضرهم الموت، ورأوا أهواله، قال قائلهم: إني تبت الآن، وقد كرر القرآن هذا المعنى في كثير من آياته، ومن ذلك قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا، وقوله تعالى حكاية عن فرعون: حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين، الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين، فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلقك آية .

توبة غير مقبولة

توبة غير مقبولة ، وعدم قبول توبة هؤلاء في هذا الوقت سببه أنهم نطقوا بها في حالة الاضطرار لا في حالة الاختيار، ولأنهم نطقوا بها في غير وقت التكليف ، وثانيهما: الذين يموتون وهم على غير دين الإسلام ، ثم بين الحق سبحانه سوء عاقبتهم فقال تعالى: أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً أي أولئك الذين تابوا في غير وقت قبول التوبة هيأنا لهم عذاباً مؤلماً موجعاً بسبب ارتكاسهم في المعاصي، وابتعادهم عن الصراط المستقيم الذي يرضاه سبحانه لعباده .