الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انقسامات وصراعات داخلية في دولة الاحتلال.. طارق فهمي لـ صدى البلد: بنيامين نتنياهو هو الرابح الأكبر مما جرى في إسرائيل

محرر صدى البلد مع
محرر صدى البلد مع الدكتور طارق فهمي

يشهد الاحتلال الإسرائيلي في هذه الفترة سلسلة من الأزمات الداخلية وصراع على السلطة من قبل الأحزاب وانقسام جبهته الداخلية، الأمر الذي أدي إلى انتقال السلطة نفتالي بينيت رئيس الوزراء السابق إلى يائير لابيد رئيس الوزراء الحالي الذي كان يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة بينيت وشريكه في الائتلاف الحاكم.

كما وصلت حدة الانقسام إلى حل الكنيست الإسرائيلي وتكوين تحالفات جديدة استعدادا للانتخابات الإسرائيلية القادمة التي ستأتي بحكومة جديدة وشكل جديد للحياة السياسية في دولة الاحتلال، والتي من المتوقع أن يأتي ببنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، ويكون له دور في المرة القادمة.

وللحديث عن تفاصيل الانقسام والصراع القائم في دولة الاحتلال الإسرائيلي، قام موقع "صدى البلد" بعمل حوار مع الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، وجاء نص الحوار كالتالي:

محرر صدى البلد مع الدكتور طارق فهمي

ماذا يحدث في إسرائيل، ما هي الشرارة التي كانت سبب اندلاع الأزمات الداخلية؟

كان من المتوقع أن تواجه الحكومة الإسرائيلية الحالية مشاكل عديدة جزء منها مرتبط بتشكيلها، والجزء الآخر مرتبط بالأهداف التي كانت تسعى إليها.

الإتلاف السابق كان يضم 8 أحزاب متناقضة في الفكر والرؤية والمقاربات السياسية والأيدلوجية، وكان مخصص لطرد رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو من الحكم، بالتالي كان هناك جزء مما جري لإخراج نتنياهو من المشهد السياسي.

استمرت الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينيت عدة أشهر، ولم تكن المشكلة أن الحكومة تجاوزت الـ 100 يوم من حكمها، ولكن في هذه الفترة كان هناك شلل في الكنيست وخارجية، ونتيجة هذه الأزمات هناك 11 تشريع سيبقى معلقا إلى أن تأتي الحكومة الجديدة.

وكان سبب تفكك الائتلاف هو قانون المستوطنين الذي كان السبب في المشكلة الرئيسية والذي كان يتجدد تلقائيا في كل الحكومات لأنه يمنح المستوطنين في مناطق الضفة ومناطق التماس تواجد وتطبيق القانون الإسرائيلية وغيره، وهو ما فشلت الحكومة في تمريرة، لذلك كانت المراهنة من بعدة على قانون الموازنة العامة.

وكان هناك العديد من القوانين الأخرى كانت ستظهر إذا استمرت الحكومة وهي قوانين خاصة بالضرائب وخاصة بالخصخصة والتشريعات على باقي شرائح المجتمع وغيرهم من القوانين، بالتالي تم التصويت وحل الكنيست في 30 يونيه بعد أن تم الجدل حول استمراره أو إعادة تشكيله.

وكان السبب في حل الكنيست الإسرائيلي هو أن يائير لابيد ونفتالي بينيت شراكي الإئتلاف فضلا أن يتم حل الكنيست بالتصويت، وكان من المفترض أن يتم ثلاث تصويتات متتالية الهدف منه منع نتنياهو من تشكيل حكومة، لأنه نظريا كان من الممكن أن يستطيع تركيب الإئتلاف الحاكم، ففضلت الحكومة الإسرائيلية أن يطبقوا إتفاق الشراكة بتولي يائير لابيد رئاسة الوزراء لفترة مؤقتة لحين إجراء الانتخابات في أول نوفمبر المقبل.

وهل ستستمر الأزمات بين القوى والأحزاب في الداخل الإسرائيلي؟

ستستمر الأزمات لأن هناك حالة من عدم الاستقرار، والمشكلة أنه من سيقابل الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارته يوم 13 من الشهر الجاري في إسرائيل، لكن المشكلة مرتبطة بالداخل الإسرائيلي المنقسم وسيستمر هذا الانقسام، كما أن بنيامين نتنياهو سيعود للواجهة من جديد، وهناك أيضا أطراف قوية سيكون لها دور في الفترة المقبلة منهم الوزيرة إيلي شاكيت ووزير الدفاع بيني جانتس وغيرهم.

الخاسر الأكبر من هذه الانقسامات هى القائمة العربية أو عرب 48 التي شارك بها منصور عباس وفريقه، بالتالي المتوقع أن إسرائيل لن تستقر وسيتوقف استقرارها لحين يناير 2023، لأنه عند إقامة الانتخابات في نوفمبر وظهرت النتائج تمنح من 30 – 45 يوم يليها تشكيل الحكومة، وإذا لم تشكل يتم عمل انتخابات أخرى أو يتم تشكيل الحكومة بشكل أو بآخر.

محرر صدى البلد مع الدكتور طارق فهمي

هل من المتوقع أن يكون هناك تحالفات جديدة في إسرائيل، وهل من الممكن أن نرى نتنياهو رئيسا للوزراء مرة أخرى؟

نظريا فإن بنيامين نتنياهو هو الرابح الأكبر مما جرى، بالتالي فهو المرشح الأقوى للعودة ولكن القضية سيعود مع من، وهناك مفاوضات جاري مع بيني جانتس وزير الدفاع لأنه من الممكن برغم الدعوة لإجراءات الانتخابات ووفق للنظام السياسي الإسرائيلي إذا نجح أي عضو في الكنيست الحالي رغم حله يعاد تشكيل الائتلاف بصورة أو بأخرى.

بالتالي صحيح أن الانتخابات تمت الدعوة إليها في نوفمبر المقبل، ولكن نتنياهو سيكون هو الرابح الأكبر مما سيجري لأنه سيحدث تفتت في الأصوات بسبب اليمين المتطرف الذي كان خارج الائتلاف الحاكم وهو "حزب الليكود".

والليكود ليس ضعيفا بل له تاريخ كبير من الحياة السياسية الحزبية، وربما سيدفع لاختيار مرشح جديد خارج دائرة نتنياهو لأن رئيس الوزراء الأسبق حتي الآن ليست علية اتهامات ولا تزال ما توجه إليه من اتهامات لم تثبت بدلائل ومحاكمته ستستمر، وقد فشلت الأحزاب السياسية الأخرى من تمرير قانون منع أى مرشح يكون عليه اتهامات من الترشح، بالتالي لديه فرصة كبيرة في الترشح.

ومع كل هذه الأزمات فإن تشكيل ائتلاف جديد حاكم سيحتاج أمرين، الأول احتياج مباشر من قبل الليكود باعتباره الحزب الأكبر في المعارضة، وهو واقعيا يستطيع أن يشكل الحكومة، والأمر الثاني أن تتكرر الحكومة السابقة لكن بدون نتنياهو.

وبالنسبة لاستطلاعات الرأي في دولة الاحتلال الإسرائيلي فأن معظمها غير صحيحة ومضللة، لأنه يتم تمويلها من قبل رجال مال وأعمال ولهم علاقات صداقة مع السياسيين في إسرائيل، لذلك أغلب هذه الاستطلاعات موجهة.

لذلك هناك أبعاد أخري في الحياة السياسية الإسرائيلية ولا يتم الوثوق في استطلاعات الرأي، ولكن في النهاية سيكون هناك رابح وخاسر ومن المتوقع أن بنيامين نتنياهو هو الرابح من كل ما يجري، وهناك أيضا شخصيات وازنة في الساحة السياسية الإسرائيلية ربما تظهر في الفترة القادمة مثل لبر مان ووزيرة الأمن الداخلي إيلي شاكيد ووزير الدفاع بيني جانتس، وأيضا ساغر الذي كان أحد المرشحين والمنافسين لنتنياهو في حزب الليكود وخرج لتكوين حزب تحيا إسرائيل، لذلك هناك مشكلة متعلقة بالأسماء التي يمكن أن تزن الحياة السياسية في الفترة المقبلة.

ما هي خطة التطوير الشاملة التي يعمل عليها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وما هدفها؟

جيش الاحتلال الإسرائيلي يشهد حاليا أكبر حركة تطوير في تاريخه منذ قيام إسرائيل، وهناك العديد من خطط التطوير أشهرها خطة دايفين وخطة ومعوز وخطو جدعون، هم الآن يعملون على خطة جدعون.

ومن كل 5 – 7 سنوات يتم عمل تطوير للجيش، ولكن كانت هناك مراحل تطوير مفصلية بمعنى أن خطة تطوير الجيش الإسرائيلي بعد هزيمة 1973 حدث تطوير كبير للجيش في إسرائيل، وأيضا بعد حرب يونيو ضد حزب الله حدث تطوير للجيش الإسرائيلي، ولكن في الحروب مع قطاع غزة بدأ يكون هناك تغير في فكرة التطوير نفسها.

محرر صدى البلد مع الدكتور طارق فهمي

اليوم يبدأون مرحلة جديدة لأن آخر تطوير كان من 7 سنوات ينتهي في مارس 2024، ويسعى التطوير إلى إعادة بناء الجيش الإسرائيلي ليكون جيش ذكي قوامة 100 ألف جندي فقط يتبع أحدث الأنماط في الجيوش في العالم، ويعتمد على الأنماط السبرانية والذكاء الإصطناعي والأذرع التكنولوجية، وذلك يفسر التعامل الآن مع إيران وكيفية اختراق إيران من الداخل والتعامل معها بهذه الوسائل.

الجيش الإسرائيلي يتحول إلى جيش ذكي لا يحتاج إلى نسب احتياط كبيرة، والهدف منه أن هناك اتهامات للجيش الإسرائيلي بأن الجيش لم يحارب حروب نظامية لذلك الرأي العام في إسرائيلي يتساءل عن كيفية تطوير الجيش، خاصة أن الجيش لم يدخل في حرب نظامية منذ حرب 1973 ومنذ ذلك الحين يحارب حرب عصابات مثل حزب الله والفصائل الفلسطينية، لذلك قادة الجيش يشعرون بإهانة ويريدون الحرب خاصة على إيران، لذلك إذا تم تطوير الجيش الإسرائيلي وبنيته التحتية سيمكنهم استهداف الحرب على جبهات متعددة وبدون تكلفة عالية ولا تحتاج إلى جنود على الأرض.

الجيش الإسرائيلي اليوم هو جيش محترف ويستطيع أن يقوم بأدواره وفق تشكيلات وغيره ويعتمد على الأدوات الاستخباراتية وإعادة تشكيل قوات في العمق التي يستطيع أن يقوم بها بدون تكلفة حقيقية، بمعنى أن هناك أصوات بداخل الرأي العام الإسرائيلي تقول أنه من الجيد أن يقل عدد الجيش حتى نستطيع أن ننفق أكثر على التعليم والصحة والأمور الأخرى، وهي عبارة عن عملية موازنات.

وأيضا الجيش الإسرائيلي يعتمد على الأذرع الدفاعية، بمعنى أنه الآن يتحدث الجيش على تطوير 5 أنظمة دفاعية في نفس التوقيت خارج القبة الحديدة، وسيكون هناك حديث مع الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تطوير منظومة القبة الحديدة بتمويل أمريكي، ومنظومة السماء الحمراء، ومنظومة ستارة الليزر، ومنظومة حيتس 3، وهدف هذه المنظومات الدفاعية أن يتم تأمين سموات إسرائيل بالكامل كي لا يكون لها تأثير مباشر.

هل يتأثر الجيش الإسرائيلي بالأزمات الداخلية التي تحدث الآن في الداخل؟

بالطبع سيتأثر الجيش بهذه الاضطرابات التي تحدث في الداخل، وهناك أيضا معلومات تفيد بأن الجيش الإسرائيلي به أكثر نسب إنتحار بين جيوش العالم، وأعلى نسب تسرب من الخدمة العسكرية، وأعلي نسبة عدم استدعاء للاحتياطي، لذلك يعاني الجيش الإسرائيلي من عدم استقرار داخلي وهناك حالة من الفساد لعدد من قياداته، وهناك ايضا في سرقة للأسلحة وبيعها خارجيا.

وبالرغم من كل البروباغاندا الإعلامية مرسومة للجيش الإسرائيلي إلا أنه ليس جيش يعتد به دوليا، بمعنى أنه لم يأخذ درجات بين جيوش العالم وغير مصنف بين أقوى جيوش العالم والمنطقة على عكس الجيش المصري، ولم يدخل حروب منذ وقت طويل، ولذلك يريد أن يؤمن سموات إسرائيل من منطقة غلاف غزة.

ومع التوترات الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية أدت الصواريخ الفلسطينية إلى إعادة بناء نظرية الأمن القومي الجديدة في إسرائيل لتأتي بديلة للنظرية القديمة الذراع الممتدة أو الطولة والتي يعني الوصول إلى أي نقطة في العالم عن طريق الاغتيالات في دول عديدة أو ضرب في دول أخري، ولكن اليوم الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات أقرب إلى عمليات المخابرات ويعتمد على العمليات المخابراتية خاصة الموساد الذي قام بدور كبير في حياة إسرائيل.

دكتور طارق فهمي