الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تحرش لفظي.. أم سب وقذف؟

ليس هناك أقسى من انتهاك مساحة أمنك الداخلي، وليس هناك أكثر إيلاماً من اقتحام الآخرين لما تعتبره مقدساً لديك.. وليس هناك أكثر ضرراً على الفرد والمجتمع من ترك العابثين طلقاء أحراراً دون معاقبة أو تجريس... ليلة أمس الأول، تعرضت لأذى نفسي وأنا أقود سيارتي؛ فوجئت بقائد دراجة نارية بجواري ينظر إلىَّ نظرات وقحة، وتحرش بى لفظياً بجملة خدشت حيائي، وأنا داخل مساحة أماني فى سيارتي الشخصية، وصدمت من وقع فجاجتها، وكانت ابنتي تجلس بجواري، انتفض جسمي  من وقع الصدمة، وألجمت الكلمات الوقحة الفجة كل قدراتي على الرد!.


نحن نسمع الكثير من العبارات يوميا، ولكن هناك عبارات تكون نارا تشتعل لا نستطيع إخمادها..   
السؤال: ما الذي يجعل هؤلاء يستمرون في وقاحتهم و"قلة أدبهم" رغم كل الاستهجان المجتمعي، والاستنكار العام؟ إنه الصمت والسكوت والخوف!.

 

قررت بأننى لن أترك حقى.. لابد من الردع العام، ولا بد من إنزال العقاب بالمتحرشين.. طلبت من ابنتي تصويره فيديو لأخذ رقم الدراجة البخارية، الغريب أنه عندما لاحظ ذلك، ابتسم وأرسل لها قبلة ثم أشار بيده "باى باى "، وكأنه يخرج لسانه لنا متحدياً، ويقول للضحية "أعلى ما فـ خيلكم اركبوه".. صفعني ردة فعله، وعدم خوفه من العقاب أكثر من فعله الأصلي.. إنها الوقاحة في أعلى مستوياتها! وصلنا لمستوى ضحل، مستوى تدمير مجتمعي يجب أن نتلاحم اجتماعيا، ويجب إعادة صياغة الخرائط المجتمعية وتوجيهها إعلامياً ودرامياً..

 

دعم الضحية واجب مجتمعي.. ومعاقبة المتحرش ضرورة قصوى.. يجب أن يعلم الجميع أن المتحرش لديه انحراف سلوكي يجب تقويمه وردعه.. وعلى المجتمع أن يلفظه ويعاقبه.. وفي الوقت نفسه.. لا بد من دعم الضحايا.. لا بد من تشجيع الزوجات والبنات أن لا يتركن حقوقهن.. ترك الحقوق ليس "اختياراً".. وأخذ الحق ليس فضيحة.. الفضيحة هو الصمت، والخذلان كله في السكوت على الظلم.

 

فى قسم الشرطة كانت ستسجل واقعة سب وقذف لولا اعتراضي.. قلت لا هذه ليست واقعة سب وقذف فهو لم يسبني فنحن لم نتشاجر هذه واقعة تحرش لفظي فذهب الأمين للضابط فأيدني الضابط .. لم أجد في قسم الشرطة غير منتهى الاحترام.. وعندما كنت أستفسر عن بعض النقاط كان الضابط يشرح لي.


في النيابة العامة، وجدت ذات الاهتمام والعناية.. ووجدت أيضاً أنني أصبحت تحت ضغط محاولات الابتزاز العاطفي والنفسي من قبل محامي المتهم، وأسرته.. ولا أخفيكم سرا تعاطفت جدا مع هذه المحاولات، وكدت أتنازل عن بلاغي.. وراودني شعور بالتنازل وحاورت نفسى وقلت يكفى نومه محتجزا فى القسم .. ولكن عند طابور العرض أحضروه هو وأربعة متهمين لأتعرف عليه وفتح الباب ووجدته فى وجهى فى نظرات سكون وتحدى وتذكرت لفظه الجارح فقررت أنه لا مكان للعاطفة أمام الحقوق.

 

خرجت من النيابة  وأنا أقرأ فى عيون ابنتي أسئلتها: أين الأمان؟  متى تسير الفتاة في الشارع المصري وهي آمنة مطمنئة؟ أين حقوقي الإنسانية فى الشارع المصري ؟! .. وقررت أن أكتب مقالي وأنهيه بمقولة الكاتب اللبناني نصري الصايغ: "الوعى المتأخر خير من الحماقة المستدامة".

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط