الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهجرة النبوية .. شيخ الأزهر : نزول الرسالة على النبي وهو في سن الـ 40 في المجتمع المكي .. وهى تدبيرا إلهيًا نشرت الإسلام بشكل عجيب .. والمفتي : رسخت لمبدأ الوسطية والتسامح

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

شيخ الأزهر:

- الهجرة النبوية كانت تدبيرا إلهيًا أسهمت في انتشار الإسلام بشكل عجيب

لهذا السبب تراجعت قريش عن قرارها بحصار النبي صلى الله عليه وسلم 

المفتي: 

- الهجرة ليس تركا للوطن وتضضيعا له وإنما كانت حفاظا عليه وضمانا له 

- يجب جعل العام الهجري الجديد بدايةً لمرحلة جديدة في حياتنا

 الهجرة النبوية رسخت مبادئ الوسطية والتسامح وسيادة القانون

 

 قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن الهجرة النبوية الشريفة دائما ما تُعرض في إطار أنها منحة للنبي صلى الله عليه وسلم للتسرية عنه بعدما فقد نصيره في المجتمع المكي وهو عمه أبو طالب ونصيره في البيت وهي السيدة خديجة رضي الله عنها، لكن في الحقيقة فإن الهجرة كانت نقلة إلى مرحلة جديدة أشق وأقسى؛ فالهجرة النبوية كانت نوعا من أنواع التدبير الإلهي العجيب الذي أسهم في انتشار الإسلام بشكل عجيب.

 

وأضاف، خلال فيديو مسجل لحلقة على الفضائية المصرية بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية، أن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه الرسالة وهو في سن الـ40 في المجتمع المكي، ودعوته في السنوات الثلاث الأولى كانت سِرَّية محصورة في عشيرته الأقربين؛ لإنشاء جماعة مؤمنة تقوم بنشر الدعوة بين الناس بعد ذلك، مبيناً أن هذه السنوات الثلاث تعلمنا كيف نباشر أمورنا الكبرى، حيث لا بد من تكوين نواة تتمحور إلى أن تصبح قادرة على الانتشار خارج نطاق الأسرة، وهذا هو السبب في أن هذه السنوات الثلاث كانت سِرَّية إلى حد بعيد.

 

وأوضح الإمام الأكبر، أن عمر الدعوة الجهرية في مكة بلغ عشر سنوات، لاقى فيها النبي صلى الله عليه وسلم من المعاناة، والاضطهاد، والمقاومة الشديدة ما وصل إلى حدِّ التعذيب، ثم بعد ذلك وصلت إلى ما يشبه اليأس من أن الإسلام لن يثمر ثمرته المرجوة في المجتمع المكي، لافتًا إلى أنَّ العداوة التي لاقاها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانت بسبب أن الإسلام، ممثلًا في جماعة قليلة العدد، واجه العرب كلهم في عقائدهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وأعرافهم، ومعاملاتهم الاقتصادية، بما يهدم جاهلية المجتمع المكي.

 

وأشار، إلى أن الجماعة القليلة التي استجابت لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت غالبيتهم من الطبقة غير ذات الشأن في المجتمع المكي، أما طبقة الأقوياء والأثرياء فقد رأوا في هذه الدعوة نوعا من الفوضى وقلب نظام المجتمع رأسًا على عقب، لذا لم يكن مستغربا أن يكون موقفهم من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، غاية في السلبية والعناد والمقاومة.

 

وبيَّن أن مقاومة قريش للدين الجديد جرت على مرحلتين، الأولى لجأت قريش إلى المهادنة والإغراء ومطالبة النبي صلى الله عليه وسلم ببعض المعجزات الحسية التي تدلل على نبوته، ثم في المرحلة الثانية انتقلت قريش إلى المواجهة والضغط الشديد على أتباع النبي صلى الله عليه وسلم لدرجة التعذيب، وهنا أمر النبي صلى الله عليه وسلم الكثير من أصحابه بالهجرة إلى الحبشة.

 

واختتم الإمام الأكبر حديثه، بأن قريش عندما رأت أن هذا الدين بدأ يتنامى بشكل مطَّرد، وأن مجموعة من أقوياء القرشيين دخلوا في الإسلام مثل عمر بن الخطاب وحمزة بن عبد المطلب، اجتمعوا وكتبوا فيما بينهم كتابا أو وثيقة نصت على محاصرة النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قومه من بني هاشم ومن بني المطلب في مكان خارج مكة يسمى "شِعب أبي طالب"، موضحاً أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحي إليه بأن حشرة الأرضة أو العُثَّة أكلت تلك الوثيقة ما عدا الجزء المكتوب فيه "بسم الله"، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبي طالب بهذا الأمر وطلب منه أن يخبر قريشًا بذلك، وعندما تأكدوا من صدق النبي صلى الله عليه وسلم، أصبح الأمر واضحا وكانت حجة علي قريش فلم يسعهم إلا التراجع عن هذا القرار وفك الحصار بعد أن أَمْضَى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه ثلاث سنوات كاملة.

الهجرة النبوية رسخت للوسطية والاعتدال والتسامح 

من جانبه أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- أن الهجرة النبوية الشريفة تمثل حدثًا تاريخيًّا فارقًا في تاريخ الإسلام، ونقلة مهمة انتقل بها المسلمون من الضعف إلى القوة، ومن الظلم والاستبداد إلى العدل والمساواة، وانطلقت بموجبها الدعوة إلى رحاب واسعة يذكر فيها اسم الله تعالى.

 

وقال مفتي الجمهورية في كلمته -اليوم الإثنين- بمناسبة بدء العام الهجري الجديد 1443: إن الهجرة كانت البداية لوضع حجر الأساس لدولة الإسلام التي ترسخ مبادئ الوسطية والتسامح وسيادة القانون والارتقاء بالمعاني الإنسانية والقيم الروحية، ووضعت الإنسان في مقدمة الاهتمامات.

 

أضاف مفتي الجمهورية أن رحلة الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لم تكن تركًا للوطن وتضييعًا له، إنما كانت في واقع الأمر حفاظًا عليه وضمانًا له، حتى وإن بدا الأمر في صورة الترك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عاد إليها بعد بضع سنين عزيزًا منيع القوة دون أن يستطيع أحد ممن تربص به ولاحقه أن يدنو إليه بسوء، بل إنها كانت ميلادًا لدولة الإسلام ونصرًا لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وأشار مفتي الجمهورية إلى أنه ينبغي علينا أن نجعل العام الهجري الجديد بدايةً جديدة لمرحلة جديدة في حياتنا، نبدؤها كما بدأها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد الهجرة، بعيدًا عن الخلافات وأهلها في مكة، وأن نوحد صفوفنا في مواجهة الجماعات والتيارات الإرهابية.

 

وقال مفتي الجمهورية: "لتكن لنا في ذكرى هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة موعظة حسنة، من المؤاخاة التي عقدها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار في المدينة المنورة، حيث آخى بينهم حتى اقتسموا المهنة والمسكن ولقمة العيش معًا، وعاشوا متعاونين مع الأنصار من أهل المدينة".

 

ودعا مفتي الجمهورية المصريين جميعًا في بداية العام الهجري الجديد إلى أن يرفعوا رايات المحبة والتعاون فيما بينهم؛ حتى يستطيعوا مواجهة التحديات والمخاطر واستئصال جذور التيارات والتنظيمات الإرهابية المتطرفة.

 

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالدعاء أن يوفق الله تعالى القيادة السياسية والمصريين إلى ما فيه خير وطنهم، متمنيًا أن يكون العام الهجري الجديد عام الخير والأمان والاستقرار لمصرنا الغالية.