الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في ذكرى عاشوراء وكربلاء| الإمام الحسين سيد يصلح به بين فئتين عظميين.. واستشهاد يصدق نبوءة النبي

معركة كربلاء
معركة كربلاء

تحل ذكرى استشهاد الإمام الحسين بن علي رضى الله عنه، في العاشر من محرم وتحمل معها من الأحزان على سيد شباب أهل الجنة وسبط الرسول الخاتم والنبي المصطفى، الذي استشهد في مثل هذا اليوم خلال معركة كربلاء.

وتعد كربلاء، مأساة مروعة أدمت قلوب المسلمين وهزت مشاعرهم في كل مكان وحركت عواطفهم نحو آل البيت، وقتل أصحاب الحسين -رضي الله عنه وعنهم- كلهم في هذه المعركة والتي وقعت على مدار ثلاثة أيام وانتهت يوم 10 محرم سنة 61 للهجرة والذي يوافق 12 أكتوبر 680 م.

 

صدق نبوءة النبي

وقال الشيخ محمد يحيى الكتاني، الداعية الإسلامي، إن معركة كربلاء كارثة كبيرة حلت بالأمة الإسلامية، والتي قتل فيها الإمام الحسين -رضي الله عنه - مشيرًا إلى أنها لم ثؤثر فقط في آل البيت وإنما امتد تأثيرها في سائر أهل الإيمان.

وأضاف «الكتاني» فى تصريح له، أن مقتل سيدنا الحسين في كربلاء، دليل على صدق نبوءة النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.

وأشار إلى أن النبي -صلى الله عليه- قال: «إن ابني هذا (الحسن) سيد وسيصلح الله به بين فئتين من المسلمين»، منوهًا بأن سيدنا الحسن حقق نبوءة الرسول الكريم، وتنازل عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، حقنا لدماء المسلمين.

 

الاحتفال بيوم عاشوراء 

ومن جانبه قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن يوم عاشوراء يوم من أيام الله وورد الاحتفال به على شكل مخصوص، وكذلك صومه، وكان محل اهتمام من المسلمين وغيرهم.

وأضاف «ممدوح»، فى تصريح له، أن البعض يعترضون على الاحتفال بيوم عاشوراء لأنه اليوم الذى قتل فيه سيدنا الحسين عليه السلام، لافتا إلى أن هذا الكلام ليس صحيحا، فبالرغم من صحة الواقعة ومقتل الحسين في هذا اليوم، لكن الشرع لم يطلب منا أن نقيم المآتم في ذكرى وفاة أولياء الله الصالحين والمرسلين والأنبياء.

وتابع: "إننا نحتفل بالمعاني الدينية في يوم عاشوراء وليس بموت سيدنا الحسين، كما أننا نحتفل بمولد النبي، حيث إنه كان نعمة كبرى للعالم، وقدومه إلى هذه الدنيا، كما أن النبي مات يوم أن ولد، فالاحتفال ليس بوفاته ولكن بقدومه إلى الدنيا".


هل يجوز الاحتفال بيوم عاشوراء أم الحزن على استشهاد الإمام الحسين؟ 

قال الدكتور علي جمعة،  عضو هيئة كبار العلماء إن سنة النبي أولى بالاتباع،  وفي كل حال انتقال الإمام الحسين رضي الله عنه في هذا اليوم فيه بشرى وأن الله تعالى تقبله في يوم التوبة ويوم يغفر للناس فيه،  ودليل على منزلته كسيدا لشباب أهل الجنة فقد استشهد رضي الله عنه ضمأن. 

وأوضح علي جمعة أن سيدنا الحسين رضي الله عنه قد ضحى بنفسه من أجل القيم والمبادئ والأمة وإرساء النظام وغير ذلك ونحن نعظمه. 

 

سيد يصلح به بين فئتين عظميين

وأشار العلماء إلى أن الخلافة استقرت لمعاوية بن أبي سفيان في سنة 41هـ، بعد أن تنازل له الحسن بن على بن أبي طالب عن الخلافة، وبايعه هو وأخوه الحسين -رضي الله عنهما- وتبعهما الناس؛ وذلك حرصًا من الحسن على حقن الدماء وتوحيد الكلمة والصف، وقد أثنى الناس كثيرًا على صنع الحسن، وأطلقوا على العام الذي سعى فيه بالصلح "عام الجماعة"، وحقق بهذا المسعى الطيب نبوءة جده الكريم محمد وقولته: "ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".

وكان الحسن والحسين يترددان على معاوية في دمشق فيكرمهما ويحسن وفادتهما، ويعرف لهما قدرهما ومكانتهما، ولما مات الحسن ظل أخوه الحسين يفد كل عام إلى معاوية؛ فيحسن استقباله ويبالغ في إكرامه، وظل الحسين وفيًّا لبيعته، ويرى في الخروج على طاعة معاوية نقضًا لبيعته له، ولم يستجب لرغبة أهل الكوفة في هذا الشأن، بل إن الحسين اشترك في الجيش الذي بعثه معاوية لغزو القسطنطينية بقيادة ابنه "يزيد" في سنة 49هـ.

ولكن فاجأ "معاوية بن أبي سفيان" الأمة الإسلامية بترشيح ابنه "يزيد" للخلافة من بعده في وجود عدد من أبناء كبار الصحابة، وبدأ في أخذ البيعة له في حياته، في سائر الأقطار الإسلامية، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى، ولم يعارضه سوى أهل الحجاز، وتركزت المعارضة في الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير.

 

أسباب معركة كربلاء

وعندما بلغ أهل العراق أن الحسين لم يبايع يزيد بن معاوية وذلك سنة 60 هـ، فأرسلوا إليه الرسل والكتب يدعونه فيها إلى البيعة، وبلغت الكتب التي وصلت إلى الحسين أكثر من خمسمائة كتاب، عند ذلك أرسل الحسين ابن عمه مسلم بن عقيل ليتقصى الأمور ويتعرف على حقيقة البيعة.

فلما وصل مسلم إلى الكوفة تيقن أن الناس يريدون الحسين فبايعه الناس على بيعة الحسين، وذلك في دار هانئ بن عروة، ولما بلغ الأمر يزيد بن معاوية في الشام أرسل إلى عبيد الله بن زياد، والي البصرة، ليعالج هذه القضية، ويمنع أهل الكوفة من الخروج عليه مع الحسين ولم يأمره بقتل الحسين.

فدخل عبيد الله بن زياد إلى الكوفة وأخذ يتحرى الأمر ويسأل حتى علم أن دار هانئ بن عروة هي مقر مسلم بن عقيل وفيها تتم المبايعة، فخرج مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وحاصر قصره بأربعة آلاف من مؤيديه، وذلك في الظهيرة.

 

تخاذل أهل الكوفة 

قام عبيد الله بن زياد فى أهل الكوفة وخوفهم بجيش الشام ورغبهم ورهبهم فصاروا ينصرفون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلا فقط، وما غابت الشمس إلا ومسلم بن عقيل وحده ليس معه أحد فقبض عليه وأمر عبيد الله بن زياد بقتله فطلب منه مسلم أن يرسل رسالة إلى الحسين فأذن له عبيد الله، وهذا نص رسالته: "ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة فإن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي".

ثم أمر عبيد الله بقتل مسلم بن عقيل، وذلك في يوم عرفة، وكان مسلم بن عقيل قبل ذلك قد أرسل إلى الحسين "أن أقدم"، فخرج الحسين من مكة يوم التروية وحاول منعه كثير من الصحابة ونصحوه بعدم الخروج مثل ابن عباس وابن عمر وغيرهم وهذا ابن عمر يقول للحسين: "إني محدثك حديثا: إن جبريل أتى النبي فخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا، وإنك بضعة منه، والله لا يليها أحد منكم أبدا وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم، فأبى أن يرجع، فاعتنقه وبكى وقال: استودعك الله من قتيل".

وجاء الحسين خبر مسلم بن عقيل عن طريق الذي أرسله مسلم، فانطلق الحسين يسير نحو طريق الشام نحو يزيد، فلقيته الخيول بكربلاء بقيادة عمرو بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وحصين بن تميم فنزل يناشدهم الله والإسلام أن يختاروا إحدى ثلاث: أن يسيِّروه إلى أمير المؤمنين يزيد فيضع يده في يده - لأنه يعلم أنه لا يحب قتله - أو أن ينصرف من حيث جاء إلى المدينة أو يلحق بثغر من ثغور المسلمين حتى يتوفاه الله فقالوا: لا، إلا على حكم عبيد الله بن زياد فلما سمع "الحر بن يزيد" ذلك - وهو أحد قادة ابن زياد - قال: ألا تقبلوا من هؤلاء ما يعرضون عليكم والله لو سألكم هذا الترك والديلم ما حلَّ لكم أن تردوه فأبوا إلا على حكم ابن زياد".

فصرف "الحر" وجه فرسه وانطلق إلى الحسين وأصحابه فظنوا أنه إنما جاء ليقاتلهم، فلما دنا منهم قلب ترسه وسلّم عليهم ثم كرّ على أصحاب ابن زياد فقاتلهم فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمة الله عليه.

وكان كل واحد من جيش الكوفة يتمنىَّ لو غيره كفاه قتل الحسين حتى لا يبتلي بدمه (رضي الله عنه)، حتى قام رجل خبيث يقال له شمر بن ذي الجوشن فرمى الحسين برمحه فأسقطه أرضا فاجتمعوا عليه وقتلوه شهيدا سعيدا.

وقتل مع الحسين في كربلاء كثير من آل بيت رسول الله من أولاد علي بن أبي طالب، ومن أولاد الحسين، ومن أولاد الحسن، ومن أولاد عقيل، ومن أولاد عبد الله بن جعفر إضافة إلى الحسين ومسلم بن عقيل (رضي الله عنهم أجمعين).

 

موقف يزيد من قتل الحسين

لم يكن ليزيد يد في قتل الحسين، فقد ذكر أحد المؤرخين أن يزيد بن معاوية لم يأمر بقتل الحسين باتفاق أهل النقل، ولكن كتب إلى ابن زياد أن يمنعه عن ولاية العراق.

ولما بلغ يزيد قتل الحسين أظهر التوجع على ذلك، وظهر البكاء في داره ولم يسب لهم حريما بل أكرم بيته وأجازهم حتى ردهم إلى بلادهم، وأما الروايات التي تقول إنه أهين نساء آل بيت رسول لله وأنهن أخذن إلى الشام مسبيات وأُهِنّ هناك هذا كلام باطل بل كان بنو أمية يعظمون بني هاشم.

بل إن ابن زياد نفسه عندما جيء بنساء الحسين إليه وأهله، وكان أحسن شيء صنعه أن أمر لهن بمنزل من مكان معتزل، وأجرى عليهن رزقا وأمر لهن بنفقة وكسوة، وقال ابن كثير: "والذي يكاد يغلب على الظن أن يزيد لو قدر عليه قبل أن يُقتل لعفا عنه كما أوصاه بذلك أبوه، وكما صرح هو به مخبرا عن نفسه بذلك".