الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مستقبل الأمن السيبراني في الشرق الأوسط

نورهان موسى
نورهان موسى

حازت القمة الأمريكية مع الدول العربية الثمان في جدة على اهتمام كافة محللي العلاقات الدولية في منطقة الشرق الأوسط والولايات المتحدة وكذلك أوروبا، وكان محور الاهتمام هو أسباب العودة الأمريكية للمنطقة والذي تركز نحو الطاقة نتيجة الحرب الروسية على أوكرانيا. 

وفي خضم ذلك أعلنت السعودية من خلال الهيئة الوطنية السعودية للأمن السيبراني، عن توقيع مذكرة تفاهم مع وزارة الأمن الوطني في الولايات المتحدة، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الأمن السيبراني من أجل حماية الفضاء السيبراني والمصالح الحيوية في المملكة والولايات المتحدة.

وتضمنت المذكرة مجالات عدة، من أبرزها مشاركة معلومات التهديدات السيبرانية بين البلدين، وتبادل أفضل الممارسات والخبرات في هذا المجال. يضاف إلى ذلك توقيع مذكرة تعاون بين البلدين في مجالات تقنيات الجيل الخامس والجيل السادس على هامش نفس الزيارة .

يكشف هذا النوع من التعاون عن وجود الجديد لدى السياسة الأمنية في إطار العلاقات الدولية لدى الدول العربية، وخاصة دول مجلس التعاون الخليجي، تسعى إلى تعزيزه بشكل مستمر وفعال. 

ولا تعتبر المذكرة الموقعة الخطوة الأولى للمملكة، حيث تحتل السعودية المرتبة الثانية عالميا في مؤشر الأمن السيبراني، وذلك ضمن تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية لعام 2022 الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية في سويسرا IMD . ولا تنفرد السعودية في ذلك، فدولة الإمارات كان لها الأسبقية في الاهتمام بهذ المجال وفتح المجال أمام مراكز الفكر والدراسات لدراسة الفضاء السيبراني، وهو ما يجعلها ضمن الدول العربية الأربعة التي صنفها مؤشر GSI لعام 2021، الذي أصدره الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، في المستوى المرتفع وتحديدا في المرتبة الخامسة بعد السعودية وقبل قطر والبحرين. فيما وقعت بعض الدول العربية في المستوى المتوسط وتذيل البعض الآخر القائمة التي تتكون من 182 دولة.

ويجدر الإشارة هنا إلى باقي القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، فتركيا تحتل المركز الحادي عشر في مؤشر الأمن السيبراني، بعد أن كان في المرتبة العشرين العام السابق، أما إسرائيل فاحتلت المرتبة 36 ضمن القائمة.

لا شك أن أحد أهم أسباب احتلال بعض دول الشرق الأوسط للمراتب الأولى عالميا في المؤشرات الدولية للأمن السيبراني هو الدافع الأمني، بسبب شعورها بالتهديد من قبل دول أخرى أو تنظيمات تمكنت من الأدوات التي يمكن من خلالها تهديد الأمن القومي عبر هجمات سيبرانية. وهو ما تجلى في ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة إلى ارتفاع وتيرة الصراع بين إسرائيل وإيران، والسعودية وإيران، وكذلك تهديد بعض التنظيمات كحركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني لإسرائيل، وهو ما قد ينذر بمستقبل صاخب بالهجمات السيبرانية في المنطقة. 

وأعتقد أن مصر استطاعت خلال السنوات القليلة الماضية مزاحمة هذه الدول في قطاع الأمن السيبراني إدراكا منها لأهمية هذا البعد الأمني بشكل أوسع وأشمل مما سبق. ربما ليس هناك نفس درجة الدافع أو شدته كباقي دول المنطقة، ولكن الإدارة المصرية مدركة لأهمية الأمن السيبراني، خاصة أنها تعد ممرا رئيسا للبيانات بالعالم، ويمر من خلالها حوالي 90% من البيانات التي تمر بين آسيا وأوروبا بفضل الموقع الجغرافي، كما أنها تسعى بشكل كبير لرقمنة كافة قطاعات الدولة من خلال تعزيز وتطوير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ووضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق أهدافها في الوصول إلى حكومة مترابطة ومتكاملة رقميا. 

وقد انعكس ذلك بشكل ملحوظ مع تقدم مصر لتحتل المركز 23 عالميا والرابعة عربيا في مؤشر الأمن السيبراني العالمي 2021. 

بالنظر إلى قائمة الدول المهتمة بالأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط سنجد أن هناك 8 دول من منطقة الشرق الأوسط ضمن الدول الأربعين الأولى في قائمة مؤشر الأمن السيبراني، ومع الجهود التي تقوم بها السعودية الآن لتطوير هذا الملف في إطار سعيها لبناء مدن ومشروعات ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي نستنتج أن المنطقة ستكون ساحة جديدة ملتهبة على خريطة الحروب السيبرانية في المستقبل، وهو ما يلزم الدولة المصرية بالتطوير المستمر لقدراتها السيبراية والعمل على تعزيزها بالتعاون مع الدول ذات الخبرة الواسعة والكبيرة كسنغافورة والابتعاد عن القوى العظمى بهدف تنويع المصادر، وعدم إخضاع الأمن القومي لخريطة المصالح السياسية في المنطقة.