المغامر نور الشريف| مسيرة من الإتقان.. ثنائيات وصراعات

تحل اليوم، الخميس، ذكرى الفنان الكبير نور الشريف، صاحب الرصيد الفني الضخم والموهبة الاستثنائية الفذة، صاحب السبعة أفلام ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية وفقا للاستفتاء الذي شارك فيه العديد من النقاد المصريين عام 1996 لاختيار أفضل 100 فيلم مصري في القرن العشرين، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته العشرين.

أفلام نور الشريف التي جاءت بالقائمة هي: زوجتي والكلب، أبناء الصمت، الكرنك، أهل القمة، حدوتة مصرية، العار، وسواق الأوتوبيس، ليضع نفسه ضمن الأسماء الأكثر تأثيرا ولمعانا بين نجوم مصر والوطن العربي منذ أن عرف فن السينما.

كان نور الشريف عاشقا متيما بالتمثيل، فقرر خوض تجربة الإنتاج والإخراج، وساهم في دعم صناع سينما مخضرمين في بداية طريقهم، فلم يكن يبحث عن المال، وإنما تقديم نوعيات مختلفة من الأفلام، ربما لم تتح له في ذاك الوقت، فيحكي المخرج الراحل محمد خان في كتابه "مخرج على الطريق" أن نور الشريف من اقترح عليه إنتاج أول فيلم له بعنوان "ضربة شمس"، ويصفه أنه أنشط ممثل منتج في السينما المصرية الحديثة.
 

محمد نبيل يكتب: كيرة والجن.. صناعة الإبهار في ذاكرة الوطنية المصرية

أمير كرارة وقف معايا| طارق النهري بعد خروجه بالعفو الرئاسي: عايز أبوس تراب البلد

ويضيف خان: "نور الشريف - بوصفه منتجا - في مرحلة التصوير سخي إلى أقصى درجة لتحقيق متطلبات الفيلم، ومتفهم لرؤية المخرج حتى وإن اختلف في وجهة النظر".

ورغم خلاف نور الشريف وخان قبيل طرح الفيلم عام 1980، بسبب سوء فهم بعد أن شاهد خان أحد أفيشات الفيلم بدون اسمه وظن أن هناك مؤامرة تحاك ضده، إلا أن الاحترام والود ظل يغلف علاقتهما، وتحدث نور الشريف أكثر من مرة في الجلسات الخاصة والعامة عن إعجابه بما ينجزه محمد خان، بل وتمنى العمل معه مجددا بعد أن شاهد فيلمه “زوجة رجل مهم”.

نور الشريف المغامر قدم في أولى تجاربه الإنتاجية المخرج سعيد مرزوق عام 1972، وحرص على تصدر النجمة سعاد حسني ترتيب الأسماء على ملصقه الدعائي بحجم أكبر من اسمه، وهو الأمر الذي كرره أيضا مع النجمة نيللي في فيلمه الثاني كمنتج “مدينة الصمت” في العام التالي، وحل ثانيا في ترتيب الأسماء بعدها، وهو ما يؤكد احترامه لزملائه وتقديره لمنجزهم الفني.
 

كون نور الشريف ثنائيا فنيا مع زوجته الفنانة بوسي، وبرعا في واحد من أهم أفلام الرومانسية على امتداد تاريخ السينما المصرية “حبيبى دائما” عام 1980، وقدم مع المخرج عاطف الطيب 9 أفلام، ومنها سواق الأتوبيس 1982، كتيبة الإعدام 1989، ناجي العلي 1992، دماء على الأسفلت 1992، ليلة ساخنة 1995، وكل منهم يشكل حالة فنية خاصة.

تعاون مع المخرج يوسف شاهين في أكثر من فيلم بدأت بـ حدوتة مصرية 1982، بعد أن أقنعه بلعب شخصيته في الفيلم الشهير، وامتدت إلى تعاون آخر في فيلم المصير عام 1997، كما خاض نجمنا الراحل تجربتين جديدتين على السينما المصرية وغير مسبوقتين، بعدما خاض ثيمة الخيال العلمي في فيلم قاهر الزمن 1987، والرقص مع الشيطان 1993.

لقد خاض نور الشريف صراعات رقابية وسياسية لعرض أفلامه، منها على الجدل الكبير الذي دار حول "ناجي العلي"، بعد أن قرر القاهرة السينمائي الدولي عرض الفيلم في افتتاح المهرجان، فطلب الرئيس ياسر عرفات من مبارك منع عرض الفيلم، وبعد عرض الفيلم انطلقت حملات صحفية معارضة له في الصحف المصرية.

تكرر الأمر مع فيلم “الكرنك” الذي لاقى هجوما كبيرا من الناصريين، الذين اعتبروه يشوه الحقبة الناصرية، المدهش أن وزير الثقافة في ذلك الوقت يوسف السباعي قرر منعه، فاتجه منتج الفيلم ممدوح الليثي لمقابلة الرئيس السادات، الذي شاهد الفيلم وسمح بعرضه.

عبر أكثر من نصف قرن قدم نور الشريف 180 فيلما، 15 عملا لنجيب محفوظ، 24 مع ميرفت أمين، 10 مع سعاد حسني، تاركا بصمة هامة في الدراما التلفزيونية، تنوعت بين الاجتماعية والتاريخية، فضلا عن أعماله بالإذاعة والمسرح، نال عنها عشرات التكريمات، وكان آخر أعماله فيلم بتوقيت القاهرة للمخرج أمير رمسيس.