الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العقوبات الاقتصادية انقلبت على صانعيها.. عمرو الديب في حوار لـ صدى البلد: أوروبا تنكوي بنار الصراع مع روسيا|فيديو

محرر صدي البلد مع
محرر صدي البلد مع الدكتور عمرو الديب

مازالت الأزمة الروسية الأوكرانية هي حديث الساعة على مدار الأشهر الماضية منذ بدأ الصراع بين الجارتين وحتي الآن، حيث شهد العالم الآثار السلبية التي تسببت بها الأزمة على كافة المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية والغذائية، كما تعتبر الأزمة الأكبر منذ بداية الألفية الحالية.

ومن الأضرار التي تسببت بها الأزمة بين روسيا وأوكرانيا من جهة وبين روسيا والدول الغربية من جهة أخري، نشر حالة من عدم الاستقرار في القارة الأوروبية ككل، فيحاول كل طرف أن يلحق أكبر الأضرار بالطرف الأخر سواء كانت الدول الأوروبية ومعها الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق العقوبات التي تم فرضها على موسكو والمساعدات العسكرية التي ترسلها إلى كييف.

وفي الجهة الأخرى ترد روسيا بسلاح الغاز التي لا تستطيع أوروبا الاستغناء عنه، فتقطع الغاز عن دول وتقلله عن دول أخري، مما أدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية التي تسببت بموجة تضخم كبيرة في اقتصاديات العالم.

ولمعرفة أسباب الصراع الروسي الأوكراني وآخر التطورات في الأزمة بين الجارتين وموقف الدول الأوروبية والولايات المتحدة وسر العداء بينهم، أجرى موقع "صدى البلد" حوارا مع الدكتور عمرو الديب أستاذ العلاقات الدولية بجامعة لوباتشيفسكي بروسيا ومدير وكالة أنباء رياليست الروسية، وجاء الحوار كالتالي:

محرر صد البلد مع الدكتور عمرو الديب

كيف تري الموقف الأوروبي من أزمة الطاقة، وهل تستطيع أن تستغني عن الغاز الروسي؟

القارة الأوروبية الآن هي مسرح الحرب والصراع، وبريطانيا كانت جزء من الاتحاد الأوروبي وانسحبت من الاتحاد في عام 2018 لأنها علمت أن الاتحاد الأوروبي ستكون ساحة للصراع الروسي الغربي.

وللأسف ليست أوروبا فقط هي ساحة الصراع بل أيضا دول البحر المتوسط ككل هي منطقة واحدة وكتلة سكانية واحدة، سواء دول شمال أفريقيا والجزء الأسيوي المطل على البحر المتوسط وجنوب أوروبا وأوروبا بشكل كامل، هي ساحة لهذا الصراع الروسي الغربي.

الولايات المتحدة الأمريكية بعيدة جغرافيا وبريطانيا أيضا بعيدة والاتحاد الروسي بمساحته الشاسعة بعيد أيضا، فإذا ما تم أي تطور لأي أمور تؤدي إلى كوارث ستكون المناطق المشار إليها هي التي ستدفع ثمن الصراع، وأول ثمن ستدفعه هذه الدول في الصراع هو ملف الغاز.

واستخدام روسي لسلاح الغاز هو أمر مشروع، وأن لماذا تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وكل دول أوروبا العقوبات ضد روسيا، وأيضا تم قطع كل البنوك الروسية بشكل شبة كامل من منظومة سويفت، فاستخدام روسيا لسلاح الغاز هو أمر طبيعي.

ولكن الأمر الذي يجب أن ننتبه إلية كدول أوروبية ودول شمال إفريقيا، أن هذه المنطقة هي التي تنكوي بنار أي صراع قادم سواء على المستوي العسكري أو الاقتصادي، الصراع الاقتصادي نحن ننكوي به حاليا ولكن إذا حدث صراع عسكري هذه المناطق المشار إليها ستضر بشكل كبير.

الدكتور عمرو الديب

ما هي نتيجة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغارب على الاقتصاد والمواطن الروسي؟

النتائج سلبية لا نستطيع أن نقول أن هناك نتائج إجابيه، ولكن السؤال الهام هل تستطيع هذه العقوبات تغير الموقف السياسي الروسي؟، لم تستطيع العقوبات الاقتصادية غير أو تعديل الموقف القيادة السياسية الروسية، لذلك هذه العقوبات لم تفيد واضعيها بل على العكس فقد أزداد سعر النفط وزادت أسعار المواد الأولية، وهناك أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق، وأمور كثيرة العالم يعتمد على روسيا بها أصبحت غير متاحة.

الأمور ليست خطيرة بشكل وجودي على الاقتصاد الروسي، هناك نتائج سلبية بلا شك، ولكن لم تحقق هذه العقوبات أي نوع من أنواع الأهداف التي من أجلها تم توقيعها، هذا أمر واضح للجميع وخاصة القيادات الأمريكية، لذلك بدأ هناك نوع من أنواع التعديلات في المواقف الاقتصادية من جانب الغرب أصبحنا نري حديث عن تداول الشركات الروسية في نيويورك، وأصبحنا نري تصريحات وتراخيص لاستيراد الأسمدة والمواد الكيماوية من روسيا، وتصريحات وتراخيص لتصدير القمح والحبوب أيضا، وغيرها من المنتجات المرتبطة بالوضع الأنسان.

لذلك العقوبات الاقتصادية أصبحت مضره أكثر على الدول التي وقعت وصدقت عليها، وبسبب هذا أصبحنا نري استقالات ومسائلات في البرلمانات الغربية لقياداتهم.

الدكتور عمرو الديب

كيف تري الموقف المصري من الأزمة الروسية الأوكرانية والعلاقات مع موسكو؟

جمهورية مصر العربية هي دولة لديها موقف موحد في السياسة الخارجية، وعلى سبيل المثال في أشد الدعم السوفيتي لمصر في الستينات والخمسينات كونت مصر دول عدم الانحياز ولم تستطيع أي دولة اجتذاب مصر لمعسكرها.

مصر ليست دولة معسكرات بل هي دولة تدافع عن مصالحها الشخصية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية العليا، ولا يمكن لها أن تنضم لأي طرف على حساب الآخر، ففي خضم الحرب الباردة وفي ذلك الوقت كان المساعد الأول والأخير لمصر هو الاتحاد السوفيتي، أمنتعت مصر أنتكون داخل معسكر الشرق أو الغرب، مصر دولة تتبني مصالحها فقط، وهذا مبدأ في السياسة الخارجية المصرية ليس وليد اللحظة بل هو وليد الزمن والتاريخ.

مصر في ظل القيادات السابقة والقيادة الحالية تري أن تعلية مصالحها العليا هو رقم الأول في السياسة الخارجية المصرية، لذلك لم تقف مصر مع طرف ضد الآخر على مدار التاريخ، وهذا أمر أتضح عندما زار الرئيس الأمريكي للمنطقة وعقد اجتماعا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأيضا زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للقاهرة بعدها، وأيضا الاتصالات الشخصية بين القادة المصرية والروسية وعودة السياحة الروسية، ثم زيارة الرئيس السيسي لأوروبا التي كانت في غاية الأهمية ومقابلة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كل هذه الأمور توضح أن مصر لا يمكن اجتذابها إلى أي طرف من الأطراف.

ما هو الموقف الروسي من القضايا العربية خاصة القضية السورية والليبية واليمنية؟

في بادئ الأمر تخيل للجميع أن هناك اتفاق روسي تركي في ليبيا في فترة من الفترات وهذا أمر كان بعيد كل البعد عن الحقيقة، إذا كان هناك توافق روسي مع أي أحد داخل ليبيا كان مع القيادة المصرية وهذا أمر واضح للجميع.

روسيا تنظر للملف الليبي بنفس النظرة المصرية وهذا نراه في تعامل روسيا والوفود والاتصالات واللقاءات التي تتم مع كل العناصر في الداخل الليبي التي لا يمكن أن تعادي الجانب المصري، وأيضا هذا الأمر متصل باليمن

روسيا تنظر إلى الشرق الأوسط ككل بأنه منطقة في غاية الأهمية ولكن هناك دولة واحدة تمثل بوابة هذا المنطقة، وليس الشرق الأوسط فقط بل أفريقيا ككل، وهي مصر.

تكريم الدكتور عمرو الديب

الفترة الوحيدة التي بدأت بها الروسية الاتجاه إلى إفريقيا وإقامة القمة الأفريقية الروسية كانت في أثناء قيادة مصر للاتحاد الأفريقي وبمشاركة شخصية للرئيس عبد الفتاح السيسي في سوتشي عام 2019، وهذا ليس بمصادفة.

التقارب المصري الروسي بعد عام 2013 وما بتعه من عمليات تقارب غير مسبوقة بين الدول الخليجية وبين روسيا، وزيارة أول ملك سعودي في التاريخ جاءت بعد التقارب المصري الروسي، والتقارب الإماراتي والقطري والكويتي كل هذه الدول بدأت في تقوية علاقاتها مع موسكو بعد عام 2013 بعد التقارب المصري الروسي واستعادة عجلة العلاقات المصرية الروسية الذي يمكن أن نشبهه بحقبة الستينات ولكن بمنظور آخر وشكل آخر طبقا لنظرة القيادة السياسية المصرية في هذه الفترة، وبعد هذا التقارب بدأت عجلة التعاون الروسي الأفريقي والروسي العربي.

وهناك توافق بشكل شبه كامل بين الإدارة الروسية والإدارات الدول العربية في بعض الملفات والأزمات الحالية ومنها الملف اليمني والسوري والليبي واللبناني وغيرهم، ولكن على مستوي الانفتاح شبة كامل وعلى المستوي الذي يجعل دولة مثل مصر تنحاز لمعسكر الشرق هذا بعيد كل البعد، لأن مصر تعتمد على الحياد بشكل كامل في علاقاتها مع دول العالم.