الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الظلام يطل برأسه على ألمانيا.. الإضاءة تغيب عن الشوارع والمباني توفيرا للطاقة

أحد المباني الحكومية
أحد المباني الحكومية المظلمة في ألمانيا

لم يكن أحد يتخيل ألمانيا التي تمتلك أكبر اقتصاد في القارة الأوروبية قد ترضخ لتدابير توفير الطاقة، خوفا من أزمة محتملة تلوح في الأفق، حيث اتجهت السلطات الألمانية إلى إطفاء أنوار المعالم الألمانية البارزة، لتوفير الطاقة، في مشهد نادر ربما لم يشهده الألمان أنفسهم منذ الحرب العالمية الثانية.

 

وتخشى ألمانيا حدوث أزمة في الطاقة، في ظل نقص إمدادات الغاز القادمة من روسيا، التي قطعت الإمدادات ردا على العقوبات التي فرضتها ألمانيا ودول أوروبية عليها، بعد العملية العسكرية التي أطلقتها في أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

 

ووفقا لقناة "دويتش فيله" الألمانية، بدأ عدد من المدن الألمانية تشكيل خلايا أزمة استعدادا لمواجهة أزمة محتملة في الطاقة، حيث قامت السلطات بإطفاء أنوار معالم المدن وتخفيض الإضاءة بالشوارع بدأت تدابير تخفيض الاستهلاك وتزداد بوضوح الحاجة إلى مستشارين في مجال توفير الطاقة.

 

"عندما ينتهي العمل في الكاتدرائية، ستكون نهاية العالم قد حلت"، هذا قول مأثور معروف في مدينة كولونيا الألمانية العريقة، الواقعة على نهر الراين. عن الكاتدرائية التي تم الانتهاء من بنائها عام 1880؛ لكن نهاية العالم لم تحل بعد. ومنذ ذلك الحين، تحيط الكثير من السقالات بجدران الكاتدرائية حتى يومنا هذا.

 

ومنذ بضعة أيام، يمكن أن يخطر على بال سكان كولونيا فكرة أن نهاية العالم وشيكة: فعندما تنظر إلى الكاتدرائية بداية من الساعة 11 ليلا، يمكنك بالكاد رؤية السقالات. فالكاتدرائية، التي هي رمز كولونيا، كانت عادة تظل مضاءة بقوة طوال الليل، لكنها الآن ستبقى مظلمة؛ لتوفير الكهرباء في ظل الحرب الدائرة في أوكرانيا.

 

وقالت مديرة مدينة كولونيا: "لا يوجد سبب للذعر حتى الآن، ولكن علينا أيضًا الاستعداد لحالة طوارئ فعلية هنا. فمن ناحية، هناك اختناقات في إمدادات الغاز، ولكن بالطبع هناك أيضًا سيناريوهات لانقطاع التيار الكهربائي يجب علينا هنا أن نضعها في الاعتبار"، مضيفة "مسؤوليتنا الرئيسية الآن هي الحفاظ على تشغيل ما يسمى بالبنية التحتية الحيوية، حتى لو كان هناك نقص في الطاقة".

كاتدرائية كولونيا الشهيرة

كيف تعمل الحكومة الألمانية على توفير الطاقة؟

في مدينة كولونيا، التزمت السلطات بإطفاء الأنوار ليلا عن أكثر من 130 مبنى ومعلم داخل المدينة، فضلا عن تعتيم أضواء الشوارع بمقدار النصف بدءًا من الساعة 11 مساءً، حيث توفر المدينة في الإضاءة من أجل تقليل استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة، كما هو محدد من قبل الاتحاد الأوروبي.

 

أجهزة تكييف الهواء في مكاتب المدينة تعمل بشكل مقتصد فيه، وفي فصل الشتاء، ستكون تدفئة المكاتب حتى 19 درجة فقط. أما الماء فسيكون أكثر برودة بشكل ملحوظ في حمامات السباحة والصالات. وتريد بلوم بكل السبل تجنب إغلاق حمامات السباحة، خصوصا من أجل بقاء الدورات المخصصة لتعليم الأطفال السباحة. لكن مدنًا أخرى في ألمانيا فعلت ذلك بالفعل، كما يُطلب من موظفي مدينة كولونيا يوما بعد يوم توفير الطاقة.

الألمان يشترون رؤوس دش وصنابير موفرة للمياه

ولمح وزير الاقتصاد روبرت هابيك، قبل شهرين، بأن ألمانيا بدأت في توفير الطاقة استعدادا لأ.مة محتملة، وأقسم للسكان بأن فصلي الخريف والشتاء قد يكونان أصعب، ووجه نداء قائلا: “تقليل الاستحمام، خفض درجة حرارة التدفئة وعدم استخدام مكيفات الهواء، وأن يكون الاستحمام لمدة خمس دقائق كحد أقصى، ويفضل أن يكون ذلك باستخدام رأس دش موفر للمياه ومن يرغب في شراء واحدة منها، عليه بالتوجه إلى متجر متخصص في بيع الأدوات الصحية أو أن يطلبها عبر الإنترنت”.

 

 وقال ألكسندر زيه، العضو المنتدب لإحدى الشركات الرائدة في السوق، شركة "جروهي" ألمانيا، لـ"دويتش فيله": "لقد زاد الطلب على المنتجات الموفرة للمياه في الأسابيع الأخيرة بنحو 10 بالمائة".

 

وفقًا للاستطلاعات، فإن تفهم الألمان المطلوب، سواء كان ذلك لإرسال إشارة ضد الحرب العدوانية الروسية، أو خصوصا قبل كل شيء حماية لمحافظ نقودهم الخاصة، فوقت الاستحمام الآن صار أقصر أو المياه أكثر برودة، ويفصلون بشكل متزايد هواتفهم المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم ويستبدلون طبق المعكرونة في المساء بوجبة خفيفة.

أسعار الغاز تواصل الارتفاع

واصلت أسعار الغاز في الأسواق الأوروبية ارتفاعها في ظل نقص إمدادات الغاز القادمة من روسيا إلى الدول الأوروبية.

وأظهرت تعاملات بورصة "إنتركونتيننتال إكستشينج" ارتفاع العقود الآجلة للغاز في أوروبا عند افتتاح التداولات في اليوم الأول من الأسبوع إلى 2800 دولار لكل ألف متر مكعب، أي بزيادة بنسبة 10%، حسبما أفادت وكالة "نوفوستي" الروسية.

 

ولا تزال الدول الأوروبية تقع تحت وطأة نقص إمدادات الغاز بسبب التوتر المستمر مع روسيا، والذي بلغ ذروته مع فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات استهدفت قطاع الطاقة الروسي، على خلفية العملية العسكرية التي تجريها موسكو في أوكرانيا، ما أدى إلى انخفاض إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب التي تنقل الغاز إلى أوروبا لأسباب فنية، تحول العقوبات دون حلها.