الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الدولار يكشّر عن أنيابه عالميًا | لماذا تئن أسعار الفائدة دوليًا تحت ضربات الأخضر؟

الدولار وعملات العالم
الدولار وعملات العالم

أثّر الارتفاع المطرد في سعر الدولار بشدة على قيمة غيره من العملات، حتى عملات اقتصادات أوروبا القوية، لا سيما بعد قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) الأربعاء الماضي رفع أسعار الفائدة للمرة الخامسة هذا العام.

البنوك المركزية تلهث للحاق بقرارات الاحتياطي الفيدرالي

وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، انخفض سعر اليورو أمام الدولار بنسبة 1% ليبلغ أدنى مستوى له منذ 20 عامًا، فيما انخفض سعر الجنيه الإسترليني بنسبة 2.1% أمام الدولار ليبلغ أدنى مستوى منذ 37 عامًا، وكان من نتيجة ذلك أن بدأ خبراء الاقتصاد والمصرفيين يركزون أحاديثهم على الفارق بين أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وبقية دول العالم.

وفي حين قرر الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، أعلن بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، فيما اتخذ البنكان المركزيان في السويد وكندا خطوة أبعد، وقررا رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس.

وتكافح البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم للحفاظ على قيمة عملاتها الوطنية أمام الدولار، والحد من اندفاع المستثمرين والأشخاص العاديين لشراء الدولار وهروب الدولار من البنوك الوطنية لإيداعه في البنوك الأمريكية أو الاستثمار في أدوات الدين الأمريكية انتظارًا لعائد أعلى.

ولا تجد البنوك المركزية مفرًا من رفع أسعار الفائدة لإغراء العملاء بالاحتفاظ بودائعهم في البنوك الوطنية بالعملات الوطنية، وكذلك إغرء مالكي الدولار بالبقاء والاستثمار في المشروعات وأدوات الدين الوطنية، ولا سيما بعد رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة بما يغري بالاندفاع لشراء الدولار واستثماره في البنوك وأدوات الدين الأمريكية.

وقال جيوفري يو، المسئول ببنك نيويورك ميلون، "لا يوجد بنك مركزي في جميع أنحاء العالم حاليًا يعرض أسعار فائدة أعلى من أسعار الفائدة التي يعرضها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

عملات أوروبا تنحني أمام الدولار

وهبط الفرنك السويسري بنسبة أكثر من 1% أمام الدولار، بعد قرار البنك الوطني السويسري أمس الخميس رفع أسعار الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس، وهو القرار الذي اعتبره المستثمرون والمودعون السويسريون مخيبًا للآمال بعد أن توقعوا رفع أسعار الفائدة بمعدل أكبر لمجاراة الارتفاع المستمر في سعر الدولار، وحدث شيء مشابه في النرويج وعدة دول أوروبية أخرى، تتعامل بنوكها المركزية بحذر مع رفع أسعار الفائدة.

وكانت البنوك المركزية الكبرى قد سبقت الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في رفع أسعار الفائدة وتطبيق سياسات نقدية انكماشية منذ أواخر العام الماضي، وهي الخطوات التي لم يقدم عليها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلا بدءًا من مارس الماضي، وكل ذلك بهدف تقليل المعروض النقدي في الأسواق أملًا في كبح التضخم ووقف ارتفاع الأسعار.

لكن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي حين بدأ برفع أسعار الفائدة وتطبيق سياسات نقدية انكماشية متشددة لم يفعل ذلك مرة واحدة وبحذر مثل البنوك المركزية الأخرى، وإنما تخطى إجراءات وأسعار الفائدة لدى البنوك المركزية الأخرى دون اعتبار لتأثير ذلك على اقتصادات العالم.

وعلى سبيل المثال، على الرغم من أن بنك إنجلترا سبق الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بعدة أشهر في رفع أسعار الفائدة، فإن قرارات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المتعاقبة رفع أسعار الفائدة (5 مرات حتى الآن منذ مارس) أوصلت سعر الفائدة في الولايات المتحدة إلى 3.25%، بينما وصل سعر الفائدة في بريطانيا بعد آخر قرار رفع صدر الخميس الماضي إلى 2.25%، أما البنك المركزي الأوروبي الذي تأخر طويلًا في اللحاق بحمى رفع أسعار الفائدة ولم يبدأ سوى في يوليو الماضي، فهو يفرض الآن سعر فائدة منخفض للغاية نسبته 1.25%.

أدى هذا التفاوت في أسعار الفائدة بين الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وسائر البنوك المركزية إلى اندفاع لبيع العملات الأخرى، بما فيها العملات القوية مثل اليورو والجنيه الإسترليني، وشراء الدولار، ما أسهم بدوره في ارتفاع سعر الدولار أمام بقية العملات.

الين الياباني أكبر الخاسرين أمام الدولار

أما الخاسر الأكبر أمام الدولار فهو الين الياباني، الذي فقد خلال العام الجاري وحتى الآن 20% من قيمته أمام الدولار، نتيجة إصرار البنك المركزي الياباني على إبقاء أسعار الفائدة شديدة الانخفاض وقريبة من الصفر، ما دفع المستثمرين إلى بيع الين بكثافة والتكالب على شراء الدولار.

وفي خطوة نادرة، قررت بنوك مركزية قليلة مثل البنكين المركزيين في اليابان والهند التدخل لدعم عملاتهم الوطنية وحمايتها من التراجع أمام الدولار، من خلال وقف بعض برامج التحفيز والعانات المالية لمنع تزايد المعروض النقدي من العملات الوطنية في الأسواق، لكن يبقى أثر مثل هذه الخطوات محدودًا في فترة تعصف فيها حمى الاندفاع لشراء الدولار بماعداه من العملات.