الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نَتوقُ إلى السلام يا إمام

حمادة عبد الجواد
حمادة عبد الجواد

نعم.. بدا العالم شاحبًا، يواجه نقصًا حادًا في إكسير الحوار، يعاني اختناقاً مطبقًا من عوادم القنابل والغاز المحرم، بات يتملكه الذعر من دوي صافرات الإنذار، الضحايا يتساقطون، و أمست رائحة الشواء البشري تسرى بين الركام، شاهت الوجوه لا يُعرف لها فرحة ولا يُستدل بها على حزن، والكل يشكو مرارة الفقدان.

الضمير أوشك على النفاذ، والحرب تصحو قبل أذان الفجر، وتقرع الأسماع قبل قرع أجراس الكنائس، تُربت على أكتاف الجنرالات، وتنثر رماد الجوع على وجوه البسطاء، وهم ينتظرون سفن المُؤن التي لا تحمل على متنها سوى الأطراف الصناعية والضمادات، حقا.. غاب الضمير وعاد ملفقًا و مصطنعًا، هجيناً من النفاق والخوف.

وفي خضم طبول الحروب ونفيرها؛ أتى الإمام الطيب، ذلك النورالذي أزال الله به سُتُر الظلام، فجاب العالم شرقًا وغربًا سعيًا لإفشاء السلام، ومد بعد قطيعة؛ جسور الحوار بين حكماء الشرق بما يحملونه من إرثٍ حضاري عريق، وبين حكماء الغرب بما يتمتَّعون به من تقدُّم علمي فذ، حتى تلين القلوب، وتتلاقى الرؤى، و تضع الحروب أوزارها.

بمدينة فلورنسا الإيطالية؛ بدأت جولات الإمام الطيب حاملًا أحلامنا لدعم الحوار بين الشرق والغرب، وتوالت تباعًا حول العالم حتى استقرت منذ أيام في دولة كازاخستان، وها هي تستأنف جهودها -خلال أيام قليلة- صوب مملكة البحرين لعقد مؤتمر "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين، و يشارك فيه أكثر من 200 شخصية من رموز وقادة وممثلي الأديان حول العالم، إضافة إلى شخصيات فكرية وإعلامية بارزة بالتعاون مع الكنيسة الكاثوليكيَّـة.

جال بخاطري سؤال مهم وأنا أكتب هذا المقال: لماذا تحتضن مملكة البحرين المؤتمر المرتقب؟
في الواقع عندما تابعت الأمر عن كثب؛ وجدت أن مملكة البحرين  كانت على الدوام موطنًا للحضارات الإنسانية، ونموذجًا رائعًا للتعايش والتسامح، فللمملكة تاريخ طويل يعود إلى أكثر من 5000 عام، ومنذ القدم والمملكة مهد للسلام، وأرض للديانات المختلفة، تعمل مع الأشقاء بإصرار وعنفوان من أجل إحلال المحبة، وكثيرًا ما كانت صوت العقل المُدرك والحكمة السديدة، ولا أحد ينكر خطوات الملك حمد بن عيسى آل خليفة الشجاعة في سبيل فتح آفاقٍ جديدة وغير مألوفة نحو السلام والعيش المشترك.

ننتظر جولة البحرين وكلنا ثقة في تحركات فارس مصر والأزهر النبيل، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين المستشار محمد عبد السلام، هذا الرجل المتوكل على الله، المجاهد بسلاح الحكمة، من جعل من الشباب صُنّاعًا للسلام، ينشرون الحب وقتما حلوا وأينما ارتحلوا، يزرعون أملًا جديدًا بين ركام الإحباط، وضباب الأسى بعالمنا الواقف على حافة الإنهيار، وإطفاء نار الحروب أينما اشتعل أوارُها، فلا أحد يستطيع منع السيدة "حرب" تلك الضروس العجوز؛ إلا الحوار الإنساني العاقل، عسى أن تعود ذرية آدم إلى رشدها.

نَتُوق إلى السلام يا إمام،  وأن يبقى الضمير العالمي على قيد الحياة، و تظل أعلام الأوطان خفاقة في أماكنها، لا أن تكون أكفانًا للف التوابيت، نحلم أن يعود الفارين إلى أوطانهم كما تعود الطيور،  يلملمون أعشاشهم الممزقة، تاركين خيام المهجرين المهترئة، ونأمل ألّا يكتفي عقلاء العالم بمجرد التعبير عن قلقهم تجاه الأحداث الدامية، وأن تعلن الفضائيات في نشراتها يوميًا؛  ولد اليوم، وليس مات اليوم.