الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مرضاه محكوم عليهم بالموت.. سكان تيجراي تحت حصار الحرب والألم

المرضى في تيجراي
المرضى في تيجراي

يقتل نقص الأدوية مرضى إقليم تيجراي المحاصر شمالي إثيوبيا، الذي يعد ساحة حرب مستمرة منذ 23 شهرا، وقد وافق طرفا الصراع على إجراء محادثات سلام في جنوب أفريقيا، ويناشدهم الأطباء أن يضعوا الأزمة الإنسانية على رأس أجندة المحادثات.

وقال الدكتور فاسيكا امديسلاسي، في حديث لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، إن هناك نقصا شديدا في العقاقير المخدرة، والسوائل الوريدية، والمضادات الحيوية، مما يعقد أوضاع المرضى ويعجل بوفاة الكثير منهم الأمر الذي يورث الأطباء شعورا بالعجز، مؤكدا أن الصراع له أثر في غاية السوء على الخدمات الصحية، في إقليم معزول عن العالم منذ عامين.

واندلع الصراع في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا في نوفمبر عام 2020، على خلفية محاولة الجيش الإثيوبي بسط سيطرته عليه، وطرد قوات ما يعرف بجبهة تحرير تيجراي، التي تمكنت من استعادة جزءا كبيرا منه في يونيو 2021، مما أسفر عن تدهور عام في الخدمات والمرافق الحيوية، مثل إمدادات الأدوية والاتصالات وخدمات البنوك. 

وأوضح بيان صادر عن الأمم المتحدة، أن أكثر من 5 ملايين شخص في تيجراي يواجهون خطر مجاعة محتملة، ويعاني المرضى على وجه الخصوص ظروفا مأساوية، حتى مع تدخل هيئات دولية كمنظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر، بإرسال بعض الأدوية والمستلزمات الطبية، حيث تعطل وصولها جراء تجدد القتال في أغسطس الماضي، بعد توقفه في مارس لإعطاء الفرصة للمساعدات الإنسانية للوصول للمتضررين.

وأضاف الدكتور فاسيكا أن "النزاع المسلح أدى لانقطاع تام في إمدادات أدوات الجراحة، وتطعيمات الأطفال، وجرعات الأنسولين التي يحتاجها مرضى السكر. لم تتوفر لدينا أدوية علاج مرضى السرطان على الإطلاق ولا يمكنهم الحصول على العلاج الإشعاعي أيضا لأن المعدات الخاصة بذلك موجودة في العاصمة الفيدرالية أديس أبابا. والسفر إلى هناك مستحيل، لقد حُكم على مرضى السرطان بالموت".

مرضى تيجراي في سباق مع الزمن والموت

يراقب الأطباء في تيجراي مرضى الفشل الكلوي بينما تتدهور حالاتهم لأن إمدادات غسيل الكلى لا تأتي إلا بشكل متقطع. وقال الدكتور فاسيكا "آخر وصول للمستلزمات الخاصة بغسيل الكلى كان في يونيو، ومنذ أغسطس كان هناك توقف تام، والآن وفي هذا الأسبوع تنفد المواد الخاصة بـ 25 مريضا لدينا". ويضيف أن 90 مريضا بالكلى ماتوا "أمام الأطباء" ويتساءل عما سيحدث للـ 25 الذين تبقوا.

وفيما يتعلق بالتشخيص، فإن معمل المستشفى يفتقر إلى المحاليل والكواشف الكيميائية المخبرية، ما يعني أنه في كثير من الأحيان لا يستطيع الأطباء معرفة وتشخيص المشكلة التي يعاني منها المرضى بدقة، بجانب الكهرباء التي لا يمكن الاعتماد عليها وعدم وجود وقود للمولدات، ما يعني أن المستشفى يمكن أن تمر عليه أيام دون كهرباء.

لكن الأطباء والممرضين أنفسهم مضطرون أيضا إلى التعامل مع حقيقة أنهم، كموظفين في الحكومة الفيدرالية، لم يتلقوا رواتبهم منذ مايو من العام الماضي. أما الدكتور فاسيكا فيتلقى أموالا من أصدقاء له ومن العائلة في الخارج، ولكن هذا له ثمنه، إذ يتقاضى الصرافون عمولة عالية مقابل اضطرارهم إلى تهريب الأموال إلى تيجراي.

ويقول الدكتور فاسيكا "هذا المستشفى حياتي. نداء الواجب يدعوك. فإذا كان بإمكانك الذهاب والتحدث إلى المرضى وتقديم المشورة لهم وفعل ما تستطيع، فهذا هو الشيء الأكثر أهمية. لست أنا فقط ولكن جميع المهنيين هنا".

عندما يتعلق الأمر بمحادثات السلام المحتملة بين الحكومة الفيدرالية والجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، يتجنب الدكتور فاسيكا الانخراط في السياسة.

لكنه يشعر بالقلق من أن المحادثات هي عملية سياسية، وسوف تطول بينما تناقش الأطراف المختلفة التفاصيل. قال الدكتور فاسيكا "المحادثات قد تستغرق وقتا، ولكن حياتنا وحياة الأطفال وحياة المرضى قد لا تحظى بهذا الوقت. لذلك أتمنى أن يفعلوا أشياء بشأن الوضع الإنساني أولا".

ويتساءل في حيرة وحزن "يجب احترام القانون الإنساني. لماذا لا يكترثون له في تيجراي بينما يطالبون به في أوكرانيا؟ هل ذلك لأننا لسنا أشخاصًا مهمين؟".