الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوروبا تكفر بالديمقراطية.. حظر الحجاب بأماكن العمل عودة للظلمات وتمييز ضد المسلمين

أزمة ارتداء الحجاب
أزمة ارتداء الحجاب تتجدد في أوروبا

لم يكن قرار محكمة العدل الأوروبية بـ حظر الحجاب في أماكن العمل الإجراء الأول ولن يكون الأخير، فأصبح  الحجاب خلال العشرين عاما الماضية مثار جدل كبير في المجتمعات الغربية، وذلك لظهوره بشكل متزايد في شوارع المدن الأوروبية والعالمية.

حظر ارتداء الحجاب في العمل

وقد أدى ظهور الحجاب في شوارع أوروبا إلى العديد من ردود الفعل السياسية والاجتماعية، ووصل بعضها إلى حد الاعتداء الجسدي على العديد من المسلمات المحجبات داخل تلك المدن، ولعل أبرز تلك الاعتداءات هو مقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربيني على يد متطرف ألماني.

الحادث البشع الذي وقع في 1 يوليو 2009، داخل ساحة المحكمة عندما  كانت "الشربيني" تحضر جلسة محاكمة استئناف رفعها الألماني أليكس دبليو عليها بعد أن غرمته محكمة سابقة 780 يورو؛ لاعتدائه على مروة من قبل ووصفها بالإرهابية ومحاولته نزع حجابها.

فلما أقرت المحكمة الحكم بالغرامة على المواطن الألماني، ثارت ضغينة المتهم فقام بطعنها داخل المحكمة  بالسكين 18 طعنة في بطنها وصدرها وظهرها فارقت بعدها الحياة، كما طعن زوجها المصري علوي علي عكاز المعيد بمعهد الهندسة الوراثية بجامعة المنوفية عدة طعنات.

وكثيرا ما أخذ الحجاب أبعادا سياسية، بل برز بوصفه رمزا للاحتجاج على القمع الذي يتعرض له المسلمون في بعض دول العالم، و إصرار المسلمات الأمريكيات على ارتداء الحجاب احتجاجا على ظاهرة الإسلاموفوبيا بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

وقدمت هجمات 11 سبتمبر 2001 حقبة جديدة عوقب خلالها المسلمون بشكل جماعي على ما ارتكبه 19 متورطا في الهجوم، إذ ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بمقدار 17 ضعفا في العام 2001 مقارنة بعام 2000.

أصحاب الحجاب أهداف مكشوفة

وكانت النساء اللواتي يرتدين الحجاب أهدافا واضحة، وكثيرا ما تعرضن  للتمييز في العمل والعنصرية في المطارات، وألقت الدعاية الأمريكية التي حملت عنوان "الحرب على الإرهاب" باللوم على الإسلام في الأعمال الإرهابية، وكان على المسلمين الأمريكيين حينها، أن يختاروا الإسلام أو النظام الأمريكي من أجل البقاء.

وقام البعض ممن يرتدين الحجاب بلف علم  أمريكي كبير حول رأسهن، حتى يثبتن ولائهن لأمريكا ويتجنبن الاعتداءات.

وأصدرت محكمة العدل الأوروبية قرارا بحظر ارتداء الحجاب في مقر العمل على خلفية قضية رفعتها سيدة مسلمة، حيث قضت أعلى محكمة في الاتحاد الأوروبي بمنح أصحاب العمل إمكانية حظر ارتداء الرموز الدينية أو الفلسفية أو الروحية بشكل واضح، حال تم تطبيق الحظر على جميع العاملين على قدم المساواة.

وقالت محكمة العدل للاتحاد الأوروبي الخميس (13 أكتوبر 2022) إن بإمكان الشركات في التكتل حظر الحجاب ما دام أنه حظر عام لا يميز بين الموظفين، في أحدث حكم في قضية قسمت أوروبا لسنوات.

وتتعلق القضية بامرأة مسلمة قيل لها إنها "لا تستطيع ارتداء الحجاب حين تقدمت بطلب للحصول على تدريب على العمل لمدة ستة أسابيع في شركة بلجيكية".

وقالت الشركة، إنها تتبع قاعدة حيادية لا تسمح في مقرها بوضع غطاء للرأس سواء كان قبعة أو طاقية أو وشاحا، حيث وتقدمت المرأة بشكواها إلى محكمة بلجيكية التمست بدورها المشورة من محكمة العدل للاتحاد الأوروبي.

حظر ارتداء العلامات الدينية

وقالت المحكمة العليا ومقرها لوكسمبورج، إنه لا يوجد أي تمييز مباشر في مثل هذا الحظر، وجاء في قرار القضاة "القاعدة الداخلية لأي نشاط اقتصادي التي تحظر ارتداء العلامات الدينية أو الفلسفية أو الروحية التي يمكن رؤيتها لا تشكل تمييزا مباشرا إذا تم تطبيقها على جميع العاملين بطريقة عامة وغير تمييزية".

وكانت المحكمة قد قالت العام الماضي، إن شركات الاتحاد الأوروبي بوسعها "منع الموظفين من وضع غطاء للرأس في ظل ظروف معينة، إذا كان يتعين عليها تقديم صورة حيادية للعملاء".

ولا يعد حكم اليوم هو الأول من نوعه بشأن هذه القضية، وهو يؤكد سوابق قضائية.

وفي ألمانيا، أثار حظر غطاء الرأس للنساء في العمل الجدل لسنوات، وتتعلق معظم القضايا بمعلمات طمحن للعمل في المدارس الحكومية ونساء يتدربن ليصعدن في سلك القضاء.

وحظرت فرنسا، وبها أكبر أقلية مسلمة في أوروبا، ارتداء غطاء الرأس الإسلامي في المدارس الحكومية عام 2004.

وفرنسا واحدة من الدول الـ47 الأعضاء في المجلس التي تعنى بالسهر على حسن تطبيق الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

مقاطعة كيبيك الفرنكوفونية

وفرضت العديد من البلدان، بما في ذلك 7 دول في أوروبا، حظرا مشابها على النقاب، وآخرها سويسرا في العام 2021، كما يسري حظر جزئي أو إقليمي في أماكن أخرى لا سيما في مقاطعة كيبيك الفرنكوفونية، حيث يُمنع الموظفون الحكوميون من ارتداء أي رموز دينية في العمل.

ويرى الناشط الحقوقي شادي طلعت، مؤسس اتحاد المحامين الليبراليين، إن قرار محكمة العدل الأوروبية الخاص بمنع الحجاب في أماكن العمل للنساء يراه البعض أنه يمس حقوق الإنسان فيما يخص حرية الرأي والتعبير، وكذلك حرية الاعتقاد".

وأضاف طلعت - خلال تصريحات لـ"صدى البلد": بنظرة دقيقة للحكم، في أسبابه ومنطوقه سنجد له شقين:

الشق الأول: أن المحكمة قد منعت ارتداء الحجاب للنساء في أماكن العمل.

الشق الثاني:  أن الحكم قد ربط بين تنفيذ وتطبيق هذا الحكم، بأن تكون لوائح العمل الداخلية في الشركات ٱو المؤسسات تنص صراحة في لوائح العمل بها، على منع ارتداء الحجاب باعتباره يمثل تمييزا بين العاملين.

ولفت: بالتالي نستطيع القول بأن الحكم لم يتطرق من قريب أو من بعيد إلى حرية ارتداء الحجاب، فحرية ارتداء الحجاب لازالت مكفولة في أوروبا، مختتما أن الحكم فقط قد تطرق إلى حق الشركات والمؤسسات في رفض العاملين أو المتعاملين بها ومعها، إذا ما كان هناك نساء يرتدين الحجاب، بشرط أن يكون هذا الأمر "منصوص عليه مسبقاً في لوائح عملها الداخلية".