الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السويس.. نضال الأبطال

منى أحمد
منى أحمد

تاريخ بطولات شعب السويس لم يبدأ من أكتوبر، فهو سلسلة متصلة من الكفاح، فالمدينة هي إحدى قلاع مصر الشرقية منذ فجر التاريخ، من الغزوات الفرعونية مرورا بالمعارك الفارسية القديمة وصولا لتاريخ مصر الحديث، وموقع استراتيجي غرس في السوايسة جينات البطولة، فخرج من رحمها الفدائيون فى كل أزمنة المقاومة وظلت السويس عاصية أمام كل محتل غاصب.

بعد العبور العظيم للجيش المصري والهزيمة المذلة  للعدو الإسرائيلي، وهو الجيش الذي لا يقهر حسب وصف قادته، أسرع قادة العالم لوقف نزيف الخسائر الإسرائيلية على الأرض المصرية، وتم عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن انتهى بصدور قرار بإبقاف القتال يوم 22 أكتوبر، ورغم موافقة إسرائيل عليه، إلا أنها كعادتها تبدي عكس ما تبطن، فحاولت أن تقوم بمناورة تحفظ بها ماء الوجه أمام الداخل الإسرائيلي والعالم لتحقق قدرا من المكاسب السياسية والعسكرية قبل أن تلتزم بوقف إطلاق النار، وكانت المهمة التي أَسندت إلى أريل شارون هي الاستيلاء على الإسماعيلية، ثم التقدم باتجاه القنطرة لحصار الجيش التاني وباتجاه الجنوب للسيطرة على السويس وبور توفيق والأدبية لفرض حصار آخر على الجيش الثالث.

وبدأ العدو التحرك نحو مدينة الإسماعيلية، لكنه مني بالفشل متكبدا خسائر فادحة على أيدي أبطال الجيش المصري، فكان التحرك باتجاه مدينة السويس تداعبه الأوهام  في حصار الجيش الثالث بثمن أقل من الذي دفعه في طريقه للإسماعيلية، خاصة أن الفرقتين المدرعتين اللتان كانتا تمثلان الاحتياطي الأستراتيجي للقيادة العامة المصرية‏ قد تحركا شرقا لتطوير الهجوم وتعزيزه، ولم يتبق سوى لواء مدرع وبعض القوات المحدودة.

وسرعان ما وصلت القوات الإسرائيلية إلى مشارف المدينة ليلة ‏23‏ أكتوبر، بعد إعلان مجلس الأمن وقف إطلاق النار على خط الجبهة وبدء موعد سريانه، ‏‏حتى تخدع العالم أنها استولت على المدينة دون خرق كبير لإطلاق النار وكنوع من التوازن الاستراتيجي بعد هزيمتهم المهينة، وتأكيد ‏قدرتهم على العودة مجددا لأرض المعركة. 

وعندما بدأت طلائع قوات العدو تقترب في اتجاه مدينة السويس الباسلة، كانت الخطة هي منع تقدم العدو لاقتحام المدينة بأي ثمن،‏ وهي الرسالة التي أرسلها الرئيس السادات لأبناء السويس‏ للاستسلام والقتال لآخر رجل. 

ودارت المعركة الباسلة ورغم عدم تكافؤها، فقد تمكن أبطال الفرقة 19مشاة ورجال الشرطة بمعاونة أبطال المقاومة الشعبية وأبناء المدينة من تكبيد العدو خسائر بشرية ومادية فادحة، واضطرت القوات الإسرائيلية إلى الانسحاب والتمركز خارج السويس.

لتبدأ بعدها مرحلة الحصار من 26 أكتوبر أول أيام عيد الفطر والذي استمر 101 يوم، والسويس شامخة برجالها الذين لولا صمودهم أمام عروض ارييل شارون بفك الحصار لكان لحرب أكتوبر سيناريوهات أخرى، لكن الرهان على بطولة فدائييها لا يخطئ، وكان النصر مرة أخرى بعد ملحمة العبورالعظيم.    

لذلك أعلن السادات في أول زيارة للمحافظة بعد حرب أكتوبر 4 يونيو 74 عن قراره باعتبار 24 أكتوبر عيدا قوميا، ليس لمحافظة السويس بل لمصر كلها تعطل فيه الدواوين والمصالح الحكومية، تقديرا للدور الكبير الذي قام به أبطال الجيش المصري وأبناء المحافظة الباسلة، كما قطع عهدا على نفسه أن يصلي عيد الفطر كل عام في السويس وبالفعل أوفى بوعده.

صفحات بيضاء لنضال السوايسة ارتسمت ملامحه على بيوت ومنازل أبنائها، والتي تحمل أسمى معاني البطولة والتضحية والصمود، فلا يكاد يخلو بيت أو شارع من مناضل دافع عن أرضه ضد العدو المحتل وبطولات شكلت ملحمة من ملاحم الفداء، فالسويس صفحة من صفحات كفاح شعب مصر العظيم.