الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لبناني الأصل.. تعرف على "هادي عمرو" ممثل شئون فلسطين بإدارة بايدن

هادي عمرو
هادي عمرو

"لبناني شيعي، أمريكي الجنسية، عاش في السعودية، ونضج في قطر، متدين ويصوم رمضان، محل ثقة لدي أعلى مؤسسات الدولة الأمريكية، من الجيش إلى البيت الأبيض".. يظن البعض أنه من الصعب أن تتوافر في شخص عربي تلك التناقضات والتداخلات الشديدة، لكنها تواجدت داخل هادي عمرو، فمن هو ؟؟.

عندما قررت الولايات المتحدة الأمريكية اتخاذ خطوة لترقية العلاقات الأمريكية الفلسطينية، قررت أمس الثلاثاء، ولأول مرة إنشاء منصب في وزارة الخارجية يكون مسؤولا بمفرده عن الشؤون الفلسطينية، وكان الاختيار على أحد مسئولي وزارة الخارجية الأمريكية، وهو هادي عمرو، وأبلغت إدارة الرئيس جو بايدن الكونغرس، بأنها عينته ممثلا خاصا جديدا للشئون الفلسطينية، ليزداد التساؤل عن تلك الشخصية.

الولادة مع النكسة والشباب مع الانتفاضة الأولى 

هادي عمرو هو خليط من ثقافات شعوب ودول مختلفة، فهو شيعي المذهب، لبناني الأصل، بيروتي المولد، سعودي النشأة، أميركي الجنسية، فلسطينيُّ الهوى، وموفد أمريكي إلى إسرائيلي في العديد من المناسبات.

ولد هادي قبل شهرين من نكسة سنة 1967، في العاصمة اللبنانية بيروت لوالدين متخصصين في حقل التّربية والتعليم والعمل الاجتماعي، وترتيبه بين الإخوة رقم 14، وعائلته أساسية بين عائلات كسروان الشيعية، ووالدته اسمها ثيا راشل برودسكي.

وبعد ولادته بفترة قصيرة، خرج من لبنان برفقة والديه إلى المملكة العربية السعودية، حيث افتتحت والدته، التي يصفها بأنها "مسلمة متدينة"، أول روضة للأطفال متعددة اللغات، بتمويلٍ من الحكومة السعودية، شرقي المملكة، فيما أدار والده شركة استشارات وضعت الدراسات التي أفضت إلى تأسيس "وكالة حماية البيئة" في السعوديّة.

تأثر في شبابه بأحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 1987، والتي مهدت لظهور السلطة الفلسطينية، وظهر هذا التأثر في كتابته عن الشرق الأوسط بالولايات المتحدة الأمريكية لاحقا عند الانتقال إليها، وتعد أحد أبرز الأحداث التي كونت شخصيته ورؤيته للواقع بالشرق الأوسط، وأهلته للعمل بالشق الدبلوماسي بأمريكا.

الانتقال إلى أمريكا وتأثره بـ" مارتن لوثر كينج"

من السعودية التي نشأ فيها على عمل والديه في خدمة المجتمع وتحسينه، انتقل في سبعينيات القرن الماضي مع عائلته إلى العاصمة الأمريكية، وهناك افتتح والداه في واشنطن أول مدرسة لتعليم اللغة العربيّة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ساعدهما في ذلك تبرع قدمته جامعة جورج تاون، وهناك نشأ هادي متأثرا بخطابات المناضل الأميركي ضد التمييز العنصري مارتن لوثر كينغ، الذي يصفه بـ"مثلي الأعلى".

وعن نشأته بالولايات المتحدة الأمريكية، يقول عمرو إنه حرص أن يكون مثل والدته، "مسلم ملتزم"، يصوم شهرَ رمضان ويزور مكة المكرمة، مؤكدا أن خلفيته الدينية لها تأثير مباشر على عمله، وفي مساره التعليمي، حصل هادي على شهادة الماجستير في الاقتصاد والشؤون الدولية من كلية الشؤون العامة والدولية في جامعة برينستون الأميركية، ودرجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة تافتس.

العمل في معهد بروكينجز في قطر 

انضم عمرو الى معهد بروكينجز عام 2006 وتولى منصب مدير معهد بروكينغز الدوحة في قطر، وفي تلك المرحلة، قرر أن يجمع في نفسه أفكار مارتن لوثر كينغ ضد التمييز العنصري، والنهضة الإسلامية لجمال الدين الأفغاني، التي انعكست بشكل واضح لاحقا في دعمه لما عرف بـ"الربيع العربي"، يوم كان نائبا لمساعد مدير الشرق الأوسط في "الوكالة الأميركيّة للتنمية الدولية –USAID"، بين 2010 و2013، في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما.

عمل على تنسيق العديد من برامج المساعدة في جميع أنحاء المنطقة خلال الانتفاضات العربية، وكان يرى في ولاية أوباما فرصة لتعزيز التواصل الأميركي مع العالم الإسلامي، بحسبِ ما كتب في دراسة أعدها لمعهد بروكينجز عام 2009.

2001 .. الصعود السياسي في أمريكا 

هذه السيرة العائلية والشخصيّة تركت آثارها الدائمة على شخصية هذا الرجل، المهتم بمد جسور التواصل، كما لو أنه يمدها من داخل هوياته الكثيرة، وبالفعل صار يفضل التحدث بصوت مسلمي أميركا بعد تنامي ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في البلاد.

وأهل كل ذلك عمرو للدخول بالحقل السياسي في الولايات المتحدة من أبواب الحزب الديموقراطي الواسعة، وذلك يوم اختاره المرشح الديموقراطي لرئاسة الولايات المتحدة آل غور ليكون "مدير التواصل العرقي" في حملته الانتخابية، قبل سنة من أحداث 11 سبتمبر 2001، وهي المهمة التي تشبه هادي وخلفيته المتنوعة والمتداخلة، وأصوله "المتواصلة".

ومن خلال عمله مع معهد بروكينجز، تأهل هادي للعمل في "الوكالة الأميركيّة للتنمية الدولية"، ولكن بدايته الحقيقية في دخول دولاب العمل بوزارة الخارجية، هو قرار نقله من منصبه في 2013، لينضم إلى فريق وزير الخارجيّة جون كيري للمفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، واستمر في تلك المهمة خلال الفترة ما بين 2013 و2017.

العودة لقطر مع ترامب ورفض خطة "صفقة القرن"

ومع رحيل إدارة أوباما ومجيء الإدارة الجمهورية برئاسة دونالد ترامب، عاد هادي للعمل كباحث في كل من "معهد بروكينغز" و"مركز الأمن الأميركي الجديد"، حيث ركز على السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وعلى التنمية البشرية في المنطقة.

وخلال تلك الفترة، كتب هادي عمرو بالإشتراك مع زميله إيلان غولدنبيرغ مقال في مجلة "السياسة الخارجية" الأمريكية المرموقة في يناير 2020 تحت عنوان "نعرف خطط السلام وهذه ليست من بينها"، تناول خلالها خطة السلام التي روج لها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وحملت اسم "صفقة القرن"، وقالا إن خطة ترامب مهزلة ولا حظ لها في النجاح لأن أحد طرفيها وهو الجانب الفلسطيني لم يستشر حول مضمونها ورفض لقاء مبعوث ترامب الذي كان يروج للخطة وهو صهره جاريد كوشنر.

العودة مع الديمقراطيين مستشارا لوزير الخارجية 

وبعد رحيل ترامب عاد هادي إلى الواجهة، وأقلق إسرائيل تعيينه نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، وفور توليه منصبه سعى إلى إعادة جسور التواصل بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية بعد انقطاعها بسبب قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. 

وبعد إعادة التواصل، كان له دور فاعل في إعادة افتتاح المكتب التمثيلي لمنظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وساهم مع وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن في إعادة دفع المساهمة الأميركية في "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأنروا"، بمبلغ 235 مليون دولار أميركي سنويا، وهذا أيضاً بعد انقطاع التّمويل الأميركي في عهد دونالد ترامب.

وخلال مسيرته المهنية شغل مناصب في وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الأمن الداخلي، وقدم المشورة للعديد من المنظمات الدولية مثل البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي.