الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التضخم توقف والركود قادم.. هل أخطأ الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة؟

رئيس مجلس الاحتياطي
رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول

أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي)، الأربعاء الماضي، رفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، للمرة السابعة خلال العام الجاري وحده، في محاولة لكبح التضخم المستمر.

هل توقف ارتفاع التضخم في أمريكا؟

وكشف مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة الصادر الثلاثاء الماضي، وهو المقياس الرئيسي للتضخم، أن معدل التضخم قد ارتفع بنسبة 7.1% على أساس سنوي خلال الأشهر الـ 12 المنتهية في نوفمبر الماضي، مقارنة بارتفاع بنسبة 7.7% خلال الأشهر الـ 12 المنتهية في أكتوبر الماضي، أي أن معدل التضخم على أساس سنوي قد تراجع وإن كان بنسبة طفيفة للغاية.

ورغم هذا التراجع، أو ربما بسبب كونه طفيفًا للغاية، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في خطاب إعلان رفع أسعار الفائدة الأربعاء الماضي، أن هناك حاجة إلى انخفاض أكبر في مؤشر أسعار المستهلكين للتأكد من أن التضخم يتراجع بالفعل.

لكن أستاذ الاقتصاد بكلية وارتون الأمريكية لإدارة الأعمال جيريمي سيجل يرى أن مؤشر أسعار المستهلكين لا يعكس الواقع بدقة، وقال في حديث لقناة "سي إن بي سي" الأمريكية إن "التضخم توقف عن الارتفاع عمليًا، على الرغم من الطريقة التي قدم بها جيروم باول شرحه".

واستدل سيجل على حدوث تراجع حقيقي وملموس في نسبة التضخم بانخفاض إيجارات المساكن وأسعار بيع المنازل، مشيرًا إلى أن ضغط التضخم الحقيقي على الاقتصاد الأمريكي قد خف بدرجة معقولة.

وعلى مدار العام الجاري، نبه سيجل عدة مرات إلى أن مسئولي الاحتياطي الفيدرالي يحللون بيانات قديمة بشأن سوق الإسكان، ولذا يرون صورة غير واقعية ولا تعكس حجم التضخم الحقيقي في الوقت الراهن.

رفع أسعار الفائدة ينذر بحدوث ركود

وقال سيجل إن الاحتياطي الفيدرالي "يرتكب خطأ فادحًا" باستمراره في تشديد سياسته النقدية الانكماشية ورفع أسعار الفائدة في وقت يتراجع فيه التضخم ولا يستلزم كل هذا التشدد.

وأضاف "لا أرى أي سبب يدعو إلى رفع الفائدة أعلى من مستواها الحالي"، مشيرًا إلى أن تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة يحتاج إلى بعض الوقت كي تظهر آثاره في الاقتصاد، وأن مؤشر أسعار المستهلكين سينخفض بمقدار كبير إن عاجلًا أو آجلًا.

وحذر سيجل من أن رفع أسعار الفائدة إلى أعلى من مستواها الحالي وإبقاءها مرتفعة ينذر بحدوث ركود حاد.

ويضر رفع أسعار الفائدة بنسبة كبيرة على الودائع والقروض بأسواق الأسهم ومجتمع الأعمال، لأنه كلما ارتفعت أسعار الفائدة على القروض فقدت أسواق الأسهم جاذبيتها بالنسبة للمضاربين الذين يتحولون إلى إيداع أموالهم في البنوك أو شراء أدوات الدين مثل سندات وأذون الخزانة انتظارًا لعوائد أكبر مما تدره الأسهم، وكذلك كلما ارتفعت أسعار الفائدة على الإقراض تعذر على المستثمرين الاقتراض من البنوك لتوسيع حجم أنشطتهم، ومن ثم يتباطا نمو الأعمال والمشروعات ووتيرة التشغيل، فيرتفع معدل البطالة، وتبدأ مخاوف الركود.

وإجابة على سؤال عما إذا كان يعتقد أن ارتفاع الأجور في الولايات المتحدة من شأنه إبقاء التضخم مرتفعًا خلال العام المقبل (لأن ارتفاع الأجور يبقي حجم السيولة النقدية المطروحة في الأسواق عالية وهذا أحد الأسباب الرئيسية للتضخم)، أجاب سيجل بأنه عند قياس الأجور بمنظور التضخم يتضح أنها ارتفعت كأرقام فقط، ولكن قيمتها الحقيقية انخفضت بفعل التضخم.

وبالفعل كشفت البيانات الصادرة عن مكتب العمل الأمريكي الثلاثاء الماضي أن الأجور الحقيقية، أي القيمة الاسمية للأجور مطروحًا منها نسبة التضخم، قد انخفضت بنسبة 1.9% مقارنة بمستواها في نفس الوقت من العام الماضي.

وأشار سيجل أيضًا إلى أنه كان هناك "تحول هيكلي" في القوى العاملة في الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة يتضمن نسبة إجمالية أقل من الأمريكيين العاملين، بسبب عزوف من هم في سن العمل عن التقديم للوظائف منخفضة الأجور، وأكد أن رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي لن يساعد في حل هذه المشكلة، مضيفًا "إذا كان الناس لا يريدون العمل، فيجب على الشركات أن تقدم أجوراً أعلى لحثهم على العمل".