الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطيب الحرم المكي: أصلان عظيمان لا يحقق المسلم إِياك نعبد إلا بهما

الحرم المكي
الحرم المكي

أوصى إمام وخطيب الحرم المكي الشيخ الدكتور ياسر الدوسري المسلمين بتقوى الله فهيَ وصيةُ اللهِ للأولينَ والآخرينَ فمَنْ أَخَذَ بالتقوَى وخَالفَ النَّفسَ والهوَى، فقَدِ استمسَكَ بالعُروةِ الوثقَى، وإلى مَراتبِ الإحسانِ ارتقِى، وسَعِدَ في الدَّارين ونَجَا.

أصلان لتحقيق العبودية الخالصة لله

وقال خطيب الحرم المكي، في خطبة الجمعة اليوم في المسجد الحرام: إنَّ مقامَ العبوديةِ للهِ تعالى ومتابعةَ رسوله ﷺ؛ هو أجلُّ المقاماتِ وأعلاهَا، وأشرَفُ المنازلِ وأولَاهَا، وأعزُّ المراتبِ وأسْنَاهَا، قالَ اللهُ تعالى: ومَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ فَازَ فَوۡزًا عَظِيمًا (سورة الأحزاب).


وأضاف خطيب الحرم المكي : إنَّ مِنْ أسبغِ النِّعمِ وأعلاهَا قدرًا، وأعظمِهَا شأنًا: نعمةَ إرسالِ الرُّسُلِ، فبالإيمانِ بهمْ واتباعِهِمْ، تتحقَّقُ السعادةُ والفلاحُ في معاشِ العبادِ ومعادِهِمْ، ويَظفَرُوا في الآخرةِ والأُولى برضَى ربِّهِمْ، وهذه أعظمُ المطالبِ، وأسمَى الرغائبِ، قال عزَّ من قائِل: وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخۡشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقۡهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَآئِزُونَ (سورة النور).

وأبان خطيب الحرم المكي أن في هذه البُقعةِ المقدَّسةِ المباركةِ، وبين رُباها وشِعابِها التالِدةِ، سُطِّرَتْ مِنْ نورٍ أعظمُ قصةٍ عرفتْهَا البشريةُ، فتغيَّرتْ لها الموازينُ التاريخيةُ، إنها قصةٌ وصلتِ الأرضَ بالسماواتِ، وعلَّقتِ القلُوبَ بِرَبِّ البريَّاتِ، وتابعتْ مسيرةَ الأنبياءِ والمرسلين عليهم أفضلُ التسليمِ والصلواتِ، وأضاءتْ العالمين بنورِ الحقِّ ليُخرِجَ الناس من الظُّلماتِ، إنها قصةُ خاتِـمَةِ الرسالاتِ، وبِعثَـةُ رسولِ الله محمد، عليهِ أزكَى الصلواتِ، وأتمُّ التسليماتِ.

وأردف: محمدٌ رسولُ الله ﷺ الذي رفعَ اللهُ قدْرَهُ، وشرّفَ أمْرَهُ، وخلَّدَ ذِكرَهُ؛ فلا تصحُّ الشهادةُ إلا بالإقرارِ بنبُوَّتِهِ، والإذعانِ لِشرْعتِهِ، قال جلَّ في قُدرتِه: ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلۡأُمِّيَّ ٱلَّذِي يَجِدُونَهُۥ مَكۡتُوبًا عِندَهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَٱلۡإِنجِيلِ (سورة الأعراف، من الآية: 157) محمدٌ رسولُ الله: قامتْ دلائلُ العقولِ على صِدقِ رِسالتِهِ، وقادَتْ بواعثُ الفطرةِ للتسليمِ بشرعتِهِ، وقرَّرتْ شواهدِ الواقعِ صحَّةَ نُبُوَّتِهِ.

وأضاف خطيب الحرم المكي أن اللهُ أرسلَ رسولَهُ بالتشريعاتِ الحكيمةِ في مقاصدِهَا، والأحكامِ الدقيقةِ في تفريعاتِهَا، والأخبارِ الصادقةِ في مضامينِهَا، والصالحةِ لكلِ زمانٍ ومكانٍ في تفصيلاتِهَا وتطبيقاتِهَا، قالَ تعالى: كِتَٰبٌ أُحۡكِمَتۡ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتۡ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (سورة هود)، وقال عزَّ وجلَّ: وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلۡنَٰهُ نُورٗا نَّهۡدِي بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنۡ عِبَادِنَاۚ وَإِنَّكَ لَتَهۡدِيٓ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ (سورة الشورى).

وأوضح إمام المسجد الحرام أن مَنْ رامَ الوصولَ إلى الصراطِ المستقيمِ، والثباتَ على الطريقِ القَويمِ، فعليهِ بمتابعةِ النبيِّ الكريمِ، عليه أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ، فذلكُمْ هو طريقُ اللهِ الذي نصَبَهُ لِعبادِهِ على ألْسِنَةِ رُسلهِ، وجعلَهُ مُوصِلًا لعبادِهِ إليهِ، ولا طريقَ لهمْ إليهِ سِواهُ، ولهذا كانَ صلاحُ العبدِ وسعادتُهُ في تحقيقِ معنى قـولِ اللهِ جـلَّ في عُـلَاه: إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ . ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ) ولا يكونُ العبدُ محقِّقًا لِـ إِيَّاكَ نَعۡبُدُ إلا بأصلَيْنِ عظيمَيْن الأولُ: إخلاصُ العبوديةِ للهِ تعالى، فعنْ عمرَ أنَّ النبيَّ ﷺ قالَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّـيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» (أخرجه البخاري) والثاني: متابعةُ الرسولِ ﷺ، وذلكَ بـ: طاعتِهِ فيما أمرَ، وتصديقِهِ فيما أخبرَ، واجتنابِ ما نهى عنهُ وزَجَرَ، وألا يعبدَ اللهُ إلا بما شَرَعَ، قالَ عزَّ وجلَّ: وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ (سورة الحشر، من الآية: 7)، وعنْ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» (متفق عليه)، وهذا الحديثُ أصلٌ عظيمٌ مِنْ أصولِ الإسلامِ وهو كالميزانِ للأعمالِ في ظاهرِهَا، كما أن حديثَ: «إنما الأعمالُ بالنياتِ» ميزانٌ للأعمالِ في باطنِهَا.