الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هجوم "السوشيال" يسبق الآلة الحربية.. هكذا تفخخ روسيا مولدوفا قبل الإطاحة بنظامها الحاكم

روسيا ومولدوفا
روسيا ومولدوفا

رغم تحدث الكثيرين عن أهمية الإعلام في مرحلة خوض الحروب، إلا أن كل حرب ولها تجربتها التي تستحق الدراسة، وهنا نرصد تفاصيل الحرب التي بدأتها روسيا ضد بلد أوروبي آخر، وأحد دول الاتحاد السوفيتي سابقا، وهي دولة مولدوفيا، ولكن قبل معركة الدبابة، بدأت حرب الإعلام، فبدأت من التلفزيون، ثم برامج التواصل الاجتماعي وعلي رأسها التيليجرام، والتيكتوك، حتى أصبحت مولدوفا غارقة بالدعاية الروسية.

ومولدوفا، هي دولة أوروبية، تقع شرق أوروبا بين أوكرانيا و‌رومانيا، ومعظم أهالي مولدوڤا مولدوڤيون، ما عدا شريط ترانسنيستريا الواقع شرق نهر دنيستر والذي يحكمه عسكر روس ويطالبون بالانضمام إلى روسيا، ونظام الحكم بها هو جمهوري برلماني و‌ديمقراطي، وتطمح مولدوڤا حالياً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ونفذت أول ثلاث سنوات خطة العمل في إطار سياسة الجوار الأوروبية.

مولدوفا تحبط "مؤامرة تخريبية"

ما ظهر على الساحة داخل تلك الدولة الأوروبية، هو ما أعلنته شرطة مولدوفا، اليوم الأحد، قبل ساعات من تظاهرة مناهضة للحكومة، عن توقيف عناصر شبكة "نظمتها موسكو" بهدف زعزعة استقرار البلد هذا الصغير من الاتحاد السوفيتي السابق، وقال قائد الشرطة فيوريل سيرناوتيان خلال مؤتمر صحفي إن عقب المداهمات مساء السبت، استجوب المحققون 25 رجلًا واحتُجز 7 منهم.

ولفت إلى أن أحد الشرطيين تمكّن من التسلل إلى المجموعة التي يرأسها رجل روسي مولدوفي، مشيرًا إلى توفّر "10 ساعات" من التسجيلات المرئية والصوتية ضده، وأضاف: "وصل أشخاص من روسيا لتأدية دور تدريبي محدّد"، وأوضحت السلطات المولدوفية أنها تحرّكت بعدما "تلقّت معلومات عن المجموعة من قبل الاستخبارات الروسية بشأن تنظيم أعمال لزعزعة الاستقرار في أراضينا من خلال تظاهرات".

الولايات المتحدة تدخل على الخط

وكذلك دخلت الولايات المتحدة، الجمعة، في الأزمة، واتّهمت روسيا بمحاولة زعزعة استقرار مولدوفا، خصوصا عبر استخدام الاحتجاجات في الشوارع، سعيا لتولي حكومة موالية لموسكو السلطة في نهاية المطاف، وأشار الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إلى أن الولايات المتحدة تكثف عملية تبادل المعلومات بشأن النشاطات الروسية في البلاد مع مولدوفا، حتى تتمكّن من إجراء مزيد من التحقيقات وتعطيل الخطط الروسية.

وتسعى حكومة مولدوفا إلى تعزيز العلاقات مع المؤسسات الغربية، وهي مقربة من الحكومة الموالية للغرب في أوكرانيا المجاورة التي تشهد اجتياحا روسيا منذ أكثر من عام، فيما يسيطر انفصاليون مدعومون من روسيا على ترانسنيستريا، وهي جزء من أراضي مولدوفا، وتعتقد واشنطن أن موسكو تسعى لإثارة حالة من عدم الاستقرار على نطاق أوسع، وقد دعت سلطات منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا في مولدوفا الأمم المتحدة إلى التحقيق في مخطط لتنفيذ اعتداء ضد مسؤولين كبار قالت إنها أحبطته في وقت سابق، الخميس، واتهمت كييف بالوقوف وراءه، الأمر الذي نفته هذه الأخيرة.

روسيا تنفى المخطط بسيناريو المؤامرة العكسية

ولكن سرعان ما أنكرت روسيا هذا الادعاء وقلبت الأمور بسيناريو المؤامرة العكسية، حيث اتهمت أوكرانيا بالتخطيط لشن هجوم كاذب ضد منطقة مولدوفا الانفصالية في ترانسنيستريا، لتفخيخ الوضع هناك، وتوريط روسيا في هذا الأمر، وفي مولدوفا نفسها، رفضت الأصوات الموالية لروسيا مؤامرة الانقلاب ووصفتها بأنها دعاية في مولدوفا.

فيما قال فاليريو باشا، رئيس مؤسسة ووتشدوج، وهي مؤسسة فكرية مقرها كيشيناو عاصمة مولدوفا، إن كل ما تروجه الحكومة في مولدوفا مجرد خدعة، فالرئيس ساندو، يستخدم هذه القصص المخيفة لجعل الناس ينسون المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من أجل تثبيت دكتاتورية في مولدوفا.

روسيا تدير معركة الإعلام عبر التليجرام والتيك توك

ولكن لا تظن أن هذا التوتر وليد الصدفة، فوفق تقرير نشرته صحيفة npr الأمريكية، كشفت فيه عن تفاصيل ما تم نشره من مستندات تدعي إظهار أوامر الغزو الأوكراني على Telegram و Twitter، هو مقطع فيديو يزعم أنه يُظهر رومانيا تحشد معدات عسكرية على حدود مولدوفا، وهو الفيديو الذي حاز أكثر من 300 ألف مشاهدة على Telegram، وفقًا لشركة Logically ، وهي شركة تتعقب المعلومات المضللة.

فقال مارك سوير، كبير محللي الاستخبارات في شركة Logically، إن الوثائق مزورة ، وكان الفيديو من عرض عسكري أقيم قبل أشهر، ذكر: "لقد كانت لقطة قديمة تمت إعادة صياغتها كشيء جديد ، وهو أمر شائع جدًا"، فيما قال كايل والتر ، رئيس قسم الأبحاث في Logically: "أحد الأشياء الرئيسية التي حدثت مؤخرًا، ولا سيما الأسابيع القليلة الماضية، هو أنه كان هناك الكثير من القلق، وبمجرد أن قالت الحكومة الأوكرانية إن هناك معلومات استخباراتية أشارت إلى أن انقلاب مولدوفا سيحدث، رأينا جهودًا للتضليل والدعاية الروسية تستهدف مولدوفا، ولكنها تستهدف أيضًا تحالفًا محتملًا بين أوكرانيا ومولدوفا ورومانيا".

القلق لن يتوقف إلا مع انتهاء حرب أوكرانيا

ويشعر سكان مولدوفا بالقلق من أن الحرب الروسية في أوكرانيا سوف تمتد إلى بلادهم، فمع استمرار حرب روسيا في أوكرانيا، تشعر مولدوفا المجاورة بالعواقب قد تطولها، وتقول مجموعات المجتمع المدني وباحثو وسائل التواصل الاجتماعي، إن روسيا تكثف جهودها لزعزعة استقرار الدولة السوفيتية السابقة، والمرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، من خلال الدعاية والمعلومات الكاذبة.

وذكرت تلك المجموعات الحقوقية، أنه لا شيء من هذا مفاجئ، وذلك بالنظر إلى انخراط روسيا العميق في السياسة المولدوفية منذ تفكك الاتحاد السوفيتي، فالجميع يعرف أن مولدوفا كانت تواجه عمليات المعلومات الروسية وأنواعًا أخرى من التدخل الهجين منذ فترة كبيرة واليوم، يتم دفع هذه الروايات المؤيدة لروسيا بشدة من قبل المنافذ الإخبارية والسياسيين والمؤثرين عبر الإنترنت وإعلانات وسائل التواصل الاجتماعي. أو عبر البرامج الحوارية المسائية الجادة جدًا حول الموضوعات السياسية في برنامج الـTikTok.

مخطط الكرملين لشيطنة حكومة مولدوفا

ووفقا لتقرير الصحيفة الأمريكية، فإن الكرملين كان يصور حكومة مولدوفا على أنها نوع من الدمى الغربية، لكنهم الآن يقولون إن هؤلاء دمى غربية موجودون هنا لتدميرك كدولة وكشعب تقليدي وكدولة مسيحية، وهم موجودون هنا في الواقع لأن لديهم مهمة خاصة من رؤسائهم الغربيين لجلب بلدك إلى الحرب ضد روسيا، لأنهم يريدون تدمير روسيا، ومرة أخرى، نعود إلى الرواية القائلة بأن العالم بأسره موجود فقط بهدف واحد: تدمير روسيا ".

والمفاجئ ما وجده استطلاع الرأي العام الأخير من مؤسسة ووتشدوج، أن العديد من سكان مولدوفا يتقبلون الروايات الروسية التي تلقي باللوم على أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي في الحرب وتعلق أسعار الطاقة المرتفعة على حكومتهم بدلاً من قيام روسيا بقطع إمدادات الغاز، وهو ما يشير إلى تحقق أهداف روسيأ حيث أن هدف الكرملين هو تأجيج حالة عدم اليقين وتفاقم التوترات في بلد مستقطب بالفعل، في محاولة لإبقائها في فلك موسكو.