الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحالة الثانية خلال شهر.. براءة أمريكي بعد سجنه 34 عاما|كيف سيتم تعويضه؟

أمريكا
أمريكا

لا يمر عام في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا وتنشر الصحف الأمريكية قصصا عن براءة أشخاص بعد حبسهم لسنوات كثيرة، وهو ما يلقي بالشكوك حول مدى عدالة المحاكم الأمريكية، خصوصا وأن النسبة الأكبر منهم من أصحاب البشرة السمراء، وكان آخر تلك القصص هو براءة أمريكي أسود بعد حبسه 34 عاما في فلوريدا.

حكم عليه بالسجن 400 عام في 1988

"إطلاق سراح سجين برئ في فلوريدا بعد 34 عامًا"، هكذا كان عنوان التقارير الأمريكية عن قصة المواطن الأمريكي من أصول أفريقية سيدني هولمز، حيث تصف كيف خرج من السجن بعد 34 عامًا، وعيونه تنهمر بالدموع، وقد صدر بحقه حكما بالسجن 400 عام بتهمة السطو المسلح في عام 1988.

وبعد أن مكث داخل السجن تلك السنوات الكثيرة، أكتشفت المحكمة الأمريكية أن الشاب الذي أصبح الآن يبلغ من العمر 57 عامًا بريئا، وقد تم إطلاق سراح الرجل من السجن في مقاطعة بروارد بولاية فلوريدا يوم الاثنين، وقال سيدني هولمز لقناة NBC6 بعد إطلاق سراحه: "إنه أمر سريالي" .

تلك قصته

في 19 يونيو 1988، وقع حادث سطو مسلح أمام محل بقالة في مجتمع بروارد بولاية فلوريدا، حيث هرب الجناة في سيارة موديل أولدزموبيل، وقد تم القبض على هولمز بعد بضعة أسابيع بناء على شهادة شاهد، حيث كان شقيق أحد الضحايا قد رآه في سيارة موديل أولدزموبيل كاتلاس في سبعينيات القرن الماضي والتي بدت وكأنها تشبه سيارة الهروب، وحينها أبلغ شقيقه الذي اتصل بعد ذلك بالشرطة .

وقد أدين هولمز على الرغم من الشهادات المتناقضة، حيث وصف الضحايا السائق بأنه صغير وثقيل نسبيا، ومع ذلك، تم تحديد هولمز، والذي كان طوله 1.80 مترًا ووزنه 83 كيلوجرامًا في ذلك الوقت، على أنه الجاني، وحُكم عليه ظلما بالسجن 400 عام.

بداية قصة براءته

وكانت بداية قصة براءته في نوفمبر 2020، فمن داخل السجن، اتصل هولمز بمشروع البراءة في فلوريدا من خلال وحدة مراجعة الإدانة، وهي المنظمة المنوط بها مساعدة السجناء الأبرياء على الخروج من السجن، وقال هولمز للصحفيين، الذين كانوا بانتظاره خارج السجن: "لم أفقد الأمل أبدا".

وكشفت التحقيقات، أنه تم التغاضي عن الاختلافات بين سيارة هولمز والسيارة التي يهرب منها، وكذلك بصرف النظر عن الخطأ في تحديد هوية هولمز، فلا يوجد دليل على تورط الرجل، فطريقة تحديد الهوية تتعارض مع الممارسة الحالية، وقال ممثلو الادعاء في محاكمته الجديدة التي حصل من خلالها: "لن يتهمه المدعون اليوم بناء على هذه الحقائق كما حدث في الماضي".

وبالفعل تم تحرير هولمز بعد 34 عامًا، وقد طال انتظاره لتلك اللحظة، حيث وافق قاضي المقاطعة على إلغاء حكم هولمز والإفراج عنه، وقال هولمز بسعادة: "علمت أن ذلك اليوم سيأتي عاجلاً أم آجلاً واليوم هو اليوم"، وبعد إطلاق سراحه، عانق عائلته على الفور، وقالت أخته نيكول بارتياح: "لقد طال انتظاره منذ فترة طويلة".

البراءة الثانية خلال هذا الشهر

وتعد قصة هولمز، هي البراءة الثانية التي تصدرها المحاكم الأمريكية خلال شهر مارس، فبعد قضائه 40 عاما في السجن لجريمة لم يرتكبها، أعلن قاض في ولاية كاليفورنيا، براءة موريس هاستينجز، والذي أدين بارتكاب سرقة وقتل واعتداء جنسي عام 1983، وأعلن قاضي المحكمة العليا في مقاطعة لوس أنجلوس، وليام سي رايان، أن هاستينجز بريء من الجرائم التي اتهم بها.

وتعليقا على قرار القاضي، قال هاستينجز: "ممتن للقاضي والاعتذارات التي قدمت لي... أنا مستعد للمضي قدما في حياتي... أنا رجل سعيد الآن"، حسبما نقلت شبكة "سي إن إن"، وأطلق سراح هاستينجز البالغ من العمر 69 عاما، بعد أن حدد الحمض النووي من موقع اعتداء 1983 مشتبها به آخر.

المحكمة تعتذر وتقول: "ارتكبنا أخطاء كبيرة

وقد توصلت السلطات إلى المجرم الحقيقي بعدما ضبطت أدوات اعتداء جنسي حدث في يونيو 2022، مطابق لذلك الخاص بالدليل الذي عثر عليه في حادثة 1983، واستبعد الحمض النووي بشكل قاطع هاستينجز، وأشار بدلا من ذلك إلى كينيث باكنيت، الذي توفي بالسجن بينما كان يقضي عقوبة بتهمة الاختطاف والاغتصاب.

وفي الجلسة التي أعلنت خلالها براءة هاستينجز، قالت نائبة المدعي العام مارثا كاريلو: "أعتذر منك يا هاستينجز للظلم الذي وقع عليك، وعدم توفير العدالة الجنائية لكم... ارتكبنا أخطاء كبيرة وخصوصا بالنسبة لعدم الاستجابة لطلبكم باختبار الحمض النووي على الأدلة التي عثر عليها في الحادثة... تمثل هذه القضية درسا علينا أن نتعلم منه جيدا".

كيف تكون التعويضات عن هذا الظلم؟

وقد أثارات قضة هولمز الجدل داخل أمريكا، عن مدى عدالة التعويضات التي يستحقها، فبعد أقل من 24 ساعة من الإفراج عنه، اجتمعت لجنة العدالة الجنائية والمدنية في مجلس الشيوخ للتصويت على تشريع جديد يهدف إلى تحسين تعويضات المدانين خطأ، وضرورة إعادة صياغة المبالغ المالية المستحقة، وطريقة تطبيقها.

وقال سيث ميلر من مشروع البراءة الحالي داخل الولايات المتحدة الأمريكية،  إن القانون الحالي يوفر لهؤلاء الأفراد 50000 دولار سنويًا من الحبس غير المشروع، ولكن يتم تعويض جزء بسيط فقط ممن يحصلون على البراءة، وذلك نتيجة وجود معايير صارمة للغاية للموافقة على التعويض، وهو الأمر الذي يجب الآن تعديله.

ويذكر أن آخر قضية تم تعويض مواطن أمريكي بها عن سنوات حبسه، كانت لمواطن تم إطلاق سراحه بعد قضائه نحو أربعة عقود في السجن ظلماً، حيث قضى 39 عاماً في السجن بسبب جريمة قتل لم يقترفها، وبالفعل حصل على تعويض قدره 21 مليون دولار من مدينة سيمي فالي بموجب تسوية، وقد عانق الرجل الحرية سنة 2017 وكان يصر مراراً وتكراراً على براءته من جريمة القتل.


-