الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى أحمد تكتب: السر في التفاصيل

منى أحمد
منى أحمد

حضر أكثر من خمسة آلاف شخص أطول مائدة إفطار جماعي أقامها أهالي حي المطرية للعام التاسع على التوالي، وصور تشع فرحة رغم الأزمة الاقتصادية لكنها عادة المصريين طقس  يكتسب صفة الموروث، ومشهد  ليس بغريب علي شعب خارج التوقعات له خصوصية بمخزون حضاري  عبر التاريخ وان تأرجح بين صعود وهبوط.

تتجلي في الشهر الكريم موروثات اجتماعية لم تتوار مع الزمن بمفرداته المتغيرة, أو بتطور أدواته ولم تختف أمام طغيان ماديات الحياة وضغوطها , او حتي بفعل جائحة الوباء . فاحتفظت الذاكرة المصرية بالمظاهر الاحتفالية للشهر الكريم .

وظل العقل الجمعي للمصريين من مختلف الشرائح والطبقات الاجتماعية محافظا على تلك الموروثات والشعائر ,ليس لمجرد أنها موروث فحسب بل لانه تفاعل معها تفاعلاً وجدانيّاً وروحيا فأخلص لها إلى حد التقديس. 

في شهر الخير والتلاحم  يتحول المصريين لعائلة واحدة على اختلاف مستوياتهم , تترجمها مشاهد كثيرة أبرزها موائد الرحمن وهي الملمح الانساني ,الذي يعكس حالة التكافل الاجتماعي وأحد رموز التماسك والتكاتف المجتمعي. 

فمصر صبغت جميع مناسباتها الاجتماعية والدينية بصبغة مصرية خالصة , فصنعت لرمضان أجواء مبهجة وتفاصيل متفردة بفرحة متجولة تجوب القطر المصري لتكتمل بها الصورة البديعة لشهر الأنوار .
فمع وقت الافطار لابد أن تنطلق عبر شوارعها أصوات كبار قراء مدرسة  التلاوة المصرية , بقراءات تسمو الي روحانيات ايات القران الكريم , تصاحبها ابتهالات شيوخ المنشدين التي تنقل النفس إلي أجواء إيمانية خاشعة.

ومابين الشعائر وازدحام المساجد بالمصلين وتواصل الارحام والمسارعة بالخيرات, نجد الأحتفالات علي الجانب الآخر وأصوات كبار المطربين في كل الأحياء تنطلق مرحبة بالشهر الكريم ولا يخلو رمضان من صوت الراحل محمد عبد المطلب يشاركه المطرب الراحل أحمد عبد القادر الذي لم يشتهر سوي باغنية وحوي ياوحوي ذات الاصول الفرعونية .

ويأتي صوت الموسيقار سيد مكاوي في المسحراتي مع الشاعر فؤاد حداد, في ثنائية فوق حدود الوصف ممزوجة بالحكي الشعبي ,مرورا بحكايات ألف ليلة وليلة التي مازالت تحرص عليها الإذاعة المصرية ليكتمل الشكل الاحتفالي.  

وكأن روعة الصيام وفرحته لا تكتمل إلا بهذه اللآلئ المحفورة في الوجدان والتي تكاملت  في لوحة رفيعة المستوي شديدة التفرد لرمضان الطبعة المصرية بايامه ولياليه الممتدة لثلاثة وثلاثين يوم .

فالمصري المحب للحياة  لون الدين بالدنيا فرمضان مصر مختلف رغم ان العبادة احكامها واحدة  الا ان النسخة المصرية متفردة لا تتكرر تفاصيلها في اي بقعة اخرى ورغم من ان الشعيرة دينية إلا أنها مغلفة بروح المصريين .