الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نسرين حجاج تكتب: رميم مصطفى حسني

نسرين حجاج
نسرين حجاج

تعلمنا في كلية الإعلام أن هناك دور متبادل بين وسائل الإعلام والجمهور ، وهناك نظريات حديثة تتحدث عن هذا الدور ، والأدوار تغيرت بدخول التكنولوجيا الرقمية ،فالدور ليس لوسائل الإعلام فقط ، بل الجمهور عليه دور أيضا وهو أهمية التعرض للبرامج الدينية والثقافية وغيرها من البرامج التي تشكل الوعي ، فالآباء والأمهات أصبحوا أحد صناع المعلومات الثقافية الموجهة والمؤثرة في بناء شخصية أبنائهم ، فعليهم توجيه الأبناء للبرامج الهادفة ،فهم شركاء مع الآلة الإعلامية فاستهلاك هذا المنتج الإعلامي بعد إستقبال الرسالة الإعلامية يصبح دور مهم يجب عدم التخلي عنه  فالتحدث ومناقشة الرسالة الإعلامية مع الأبناء يقرب المسافات وينشئ نشء مدرك لقيمة الأسرة ويدعم الترابط الأسري ويخلق أبناء أسوياء نفسيا وبالتالي يخلق ثقافة مجتمعية آمنة  .

ونأتي للواقع العملي ودور الإعلام .. فعندما نرى خريطة البرامج في رمضان نندهش من واضعي هذه البرامج وأفكارها ، ولكن البرامج الموجودة تعلم الناس الخوض في أعراض الناس ، وزرع حب الفضول بداخلهم لم ينشأ الإعلام لهذا يا سادة !

فمهمة هذه البرامج أن تثري وجدان الأفراد بالقيم الروحية والتقاليد التي لا تعوق التنمية وأيضا الاهتمام بمحو الأمية الثقافية للجمهور وخلق تعددية ثقافية وزرع القيم الدينية والأخلاقية في المجتمع ،فيجب أن تقوم القنوات بتوجيه اهتمام الناس لقضايا وموضوعات هادفة فينهض المجتمع ويخرج نشء واعي ومدرك لأهم القضايا المجتمعية والتحديات العصرية .

قبل رمضان كنت أرى الخريطة البرامجية، فوجدت على التليفزيون السعودي عدة برامج أفكارها رائعة وجميعهم أفكار موجهة لتغيير الفكر الثقافي القديم وإعادة وزراعة الوعي المجتمعي لمواجهة تحديات هذا العصر فالكل مهتم ببناء الفرد .

أغبطتهم من شدة الإعجاب ببناء الفرد وإمداده بما يحتاجه وليس ما يريده وهذا فرق شاسع فالجماهير تحتاج الوعي الثقافي ،ولكنهم يريدون "الهلس" والترفيه الدائم وهذا يبني شخصية فارغة لا قيمة لها مجتمعيا ولا إنسانيا .

وعندما بدأ رمضان اخترت من أثق بهم وأسلمهم عقلي وأوصي أبنائي بمشاهدتهم ومن  بين هؤلاء كان الداعية مصطفى حسني مقدم برنامج رميم هذا العام على قناة أون تي ڤي ، بعدما شاهدت عدة حلقات قررت أن أكتب مقالي عنه لشدة إخلاصه وإتقانه لعمله ولأهمية ما يقدمه هذا العام ، فهناك فكر وبناء في كل حلقة يجعلك تعيد بناء نفسك وتقف للمراجعة ، وهذا هو دور من أدوار الإعلام الثقافي .

رميم : تقوم هذه الحلقات على الآية الكريمة "قال من يُحْييِ العظام وَهِىَ رَميم (٧٨) قُلْ يُحييها الَّذِي أنشأها أول مرة وَهُوَ بكل خَلْقٍ عَليم"  صدق الله العظيم .

برنامج يعيد بناء وترميم ما كُسر من الإنسان ، فهناك قيم كثيرة كسرت بسبب عوامل أسرية أو مجتمعية أو عوامل ذاتية ، فالحل يكمن في إعادة ترميمها ومعالجة هذا الكسر بالوعي والفهم والإدراك ومواجهة الأسباب ومناقشة هذه الأسباب والتعرض لها ، هذه الحلقات تعيد بناء مجتمع كامل أوشك على الانهيار .

ومن الحلقة الأولى سيتعلق قلبك بهذا الوعي والنضج والبساطة في الفهم ، ظهر مصطفى في الحلقة الأولى وبيده تفاحة جميله ناضجة وعليها مظاهر الجودة ، فهذا ظاهرها فحرك التفاحه للنصف الآخر فظهرت عيوب التفاحة بها قطع وظهر الجزء الفاسد منها ، فالإنسان هكذا ربما يظهر منه البريق ولكن بداخله كسر وأنين وهدم وربما فساد بسبب عوامل كثيرة ، فعندما يتعامل مع أحد الأشخاص من الممكن أن يجعله يدفع ثمن هذا الكسر الذي لا ذنب له فيه .

سر هذه الحلقات هو اكتشاف توليفة كسرك ومحاولة إعادة البناء كي تكمل الطريق بسلام ويأمن من حولك ويعيش معك في سلام . فمن العدم خلق الله الإنسان فهو قادر أن يحييه مرة أخرى بعد كسره أو حتى بعد فساده .

فكرة إعادة بناء الإنسان هي تحديدا ما يحتاجه المجتمع الآن فالأسر الآن في أشد الاحتياج لمثل هذه البرامج الهادفة فمن يتابع برامج مصطفى حسني يلاحظ أنه يعد حلقاته بالمفهوم العلمي للحلقات فهناك رؤية وأهداف ومرحلة بحث علمي وجمع المعلومات وصياغة الأسئلة … إلى آخره .
مصطفى حسني حدد ما يحتاجه الجمهور وليس ما يريده الجمهور فجاء الاختلاف .
إنه تعرف على الاحتياجات بشكل علمي فجاء بمضمون محترم وهادف وبأسلوبه الخفيف القويم الصادق جاء بعدة حلقات بلغة رجل الشارع " ضرب نار"  جاء على الجرح ونظفه وضمده وتركه للشفاء مثل حلقة انهيار المودة بين الزوجين ، وحلقة تشويه الهوية الجنسية بعد الدعوة للمثلية ، و إنطفاء المودة بين الإخوات ، و يحيي العظام وهى رميم ، وإنطفاء الرغبة في إكمال الحياة ،وانهيار العلاقة مع الأهل ، انهيار العلاقة مع الله ، إنطفاء الرغبة في القرب من الله بعد إدمان المعصية وغيرهم من الحلقات المميزة جدا ستجدونها جميعا على اليوتيوب لمن لم يتابع .

قد لا يسع المقال التحدث عن كل الحلقات وجمالها ومحتواها الجيد ولكن سأكتب السبب الثاني لكتابتي هذا المقال وهو بعد لجوء أحد المعارف الذي يثق في آرائي  لأنصحه في مشكلة زوجية كادت أن تهدم البيت فبعد أن تحدثت له بحديث العقل والحكمة وقوامة الأمور طلبت منه أن يشاهد حلقة إنهيار المودة بين الزوجين وبعد أن خرج من مكتبي وشاهد الحلقة بعث لي رسالة مفادها أنه شعر بالراحة ، وأن الله سخرني له ليشعر بالراحة وليتخذ القرار الصحيح بالصلح والعفو والمغفرة ، وهذا هو الدور الناجح الإيجابي للإعلام .

يعجبني في برامج مصطفى أنه يحافظ على إيقاع الحلقات ورتمها السريع وأنه يراعي الأبعاد النفسية للجمهور ، شئ واحد لا يعجبني في الحلقات الفواصل الشعرية فأنا أكون مندمجة ومنتظره مصطفى فيقطع تركيزي شعر العامية الموجود في الحلقات وربما لأنه لون جديد في البرامج الدينية لم أعتاده ولم أتذوقه وربما تذوقه غيري وأعجبه .

شكرا مصطفى حسني على بناء مجتمعنا مرة أخرى وإعادة فقه الأولويات ، وتوجيهنا كآباء وأمهات لكسر الحاجز النفسي بيننا وبين أبنائنا .
رسالة شكر للمخرج المتميز شريف أحمد سمير وفريق العمل على مجهودهم في هذا العمل المتميز جعله الله في ميزان حسناتكم جميعا .

وأخيرا .. هذه رسالة موجهة للجمهور وعلى مستقبل الرسالة أن لا يتركها فنحن في زمن عز فيه المحتوى الجيد المحترم فالكل مشغول ويلهث وراء النداء على "أستاذ محمد" وياء النداء التي حيرت السوشيال ميديا عفانا الله وإياكم من هيافة المضمون .