الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأملات.. ما يعنيه الزمن عند الروائي الراحل جمال الغيطاني|نوستالجيا

جمال الغيطاني
جمال الغيطاني

يُعد الزمن عند الروائي الراحل جمال الغيطاني أحد أهم الشخصيات الاعتبارية في أعماله الروائية والقصصية، وحياته الواقعية أيضًا؛ لذلك نستعرض جانبا من أقواله وتاملاته الفكرية بشأن ذلك الموضوع.

 

يقول جمال الغيطاني عن انشغاله بالزمن «منذ زمن بعيد وأحد همومي الأساسية قضية الزمن، وكان أحد الأسباب القوية التي جعلتني أتجه إلى التاريخ بمراحله المختلفة، والتاريخ عندي هو الزمن، الزمن الجبار القاهر، المحيي المميت، في صيرورته الرهيبة. والذي يحولنا باستمرار إلى الماضي، الذي يجلب الذكرى والنسيان».

 

وتابع: «منذ زمن بعيد وأنا أتأمل الزمن وأمعن التفكير فيه، بدءًا من الحركة الميكانيكية البسيطة للثواني والدقائق والساعات إلى حركة الأفلاك، توالي الليل والنهار، إلى انقضاء السنوات إلى الميلاد والموت، التاريخ عندي هو الزمن المنقضي المنتهي، لا فرق بين لحظة مضت منذ ثوان ولحظة مرت على انقضائها آلاف أو ملايين السنين، كلاهما لا يمكن استعادته».

 

الدهر  

 

وقد تأكد للغيطاني بعد مطالعة الفكر الإنساني القديم، أن الشيء الوحيد في هذا العالم الذي لا يمكن مقاومته أو التصدي له هو الزمن، وفضل أن يسميه «الدهر» من قناعته أن الكون لم يوجد عبثا، وهناك قوة تنظمه وتسٌيره، حيث يقول: "من تأملاتي الخاصة أصبحت مقتنعا أن الدهر هو الله، وفوجئت عند قراءاتي ابن عربي وغيره أن هذه الفكرة تتردد و«الدهر» أحد أسماء الله الحسنى، إنه الاسم التاسع والتسعين، أي الاسم الأخير. وهناك حديث للرسول محمد، يقول «لا تسبوا الدهر فإن الدهر هو الله».

وأضاف: «لست متصوفا في سلوكي، غير أنني أعتبر نفسي قريبا إلى رؤية الإسلاميين للزمن الدهر، وكثير من معاناتي الداخلية وجدت تعبيرًا عنها في هذا التراث، ومن هنا فإن معاناتي الداخلية كانت أساسًا في التوجه إلى هذا التراث، ولم يكن الأمر لمجرد البحث عن تكنيك».

وتابع: “إن الدهر هو همي الأساسي، الدهر بكل مسمياته بدءا من اللحظة الآتية إلى الزمن القديم والمقبل والعصر والحقبة، وكل هذه المسميات اسم لشيء واحد لا يقهر، لا أول ولا آخر مجهول الكنه على الرغم من أننا نرى ملامحه وعلاماته في كل ثانية”.

الفن والزمن 

 

ويربط الغيطاني بين الفن والزمن، قائلًا: "وإذا تأملنا تاريخ الفن خاصة في العصور القديمة، فإننا سنجد جوهرها محاولة قهر الفناء، محاولة قهر الزمن الذي لا يرى بالمادة أحيانا، كالهرم الأكبر، أو بالسيرة العطرة. أو تخيل أن هناك عالما آخر فيه حياة أخرى، وعندما كانت الحضارة تصل إلى ذروتها كان التعبير عن الرغبة في الخلود يصل إلى ذراه أيضا".

 ويرى أن الفن  بمختلف صوره وأنماطه هو الوحيد القادر على مواجهة الزمن، وعلى هذا يؤكد الغيطاني على أن "الأشواق الإنسانية ستصير إلى عدم لولا الفن، والحياة الإنسانية ستضيع ملامحها لولا الفن، إن الفن بأوجهه المختلفة هو المحاولة الوحيدة الصادقة التي يبذلها الإنسان في هذا الكون أمام هذه القوة التي لا راد لها، لكي يقاوم الفناء والعدم".

 وعلى هذا يمكن القول إن الزمن عند الغيطاني يمثل مركزا في العمل الإبداعي روائيا كان أو قصصيا منه ينطلق
وإليه يعود.