الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نال نوبل للآداب 1913.. محطات في حياة الشاعر البنغالي روبندرونات طاغور

روبندرونات طاغور
روبندرونات طاغور

تناول حياة البسطاء، والتقط تفاصيل معيشتهم بحس عالي الرقة تصاحبه الدعابة الذكية، فأحب الإنسانية جميعها ونبذ التعصب، هو الشاعر والروائي البنغالي “روبندرونات طاغور”، الفنان متعدد المواهب، ويوافق اليوم الذكرى 162 لميلاده، إذ وُلد في السابع من مايو عام 1861، في القسم البنغالي من مدينة كالكتا.

 

نشأ روبندرونات طاغور في أسرة ميسورة الحال، حيث كان والده مفكرًا بارزًا، وعرفت عائلته بالثراء ورفعة النسب، حيث أسس جده إمبراطورية مالية ضخمة، وكان آل طاغور رواد حركة النهضة البنغالية، إذ سعوا إلى الربط بين الثقافة الهندية التقليدية والأفكار والمفاهيم الغربية.

تعليمه 

 

تلقى  طاغور غالب تعليمه في المنزل على أيدي معلمين خصوصين، وتحت إشراف مباشر من أسرته المهتمة بالتعليم والثقافة، ودرس منذ صغره التاريخ وعلم الفلك واللغة “السنسكريتية”، وقرأ في الشعر البنغالي، وبدأ ينظُم الشعر في الثامنة، وفي السابعة عشر من العمر أرسله والده إلى إنجلترا لاستكمال دراسته في الحقوق، حيث التحق بكلية لندن الجامعية، لكنه عاد إلى كالكوتا دون أن ينال أي شهادة. 

 

حياته الأدبية 

 

شهدت الثمانينات من القرن التاسع عشر نضج تجربة طاغور الشعرية، إذ نُشر له عددًا من الدواوين؛ توّجها في عام 1890 بمجموعته «ماناسي» المثالي، التي شكلت قفزة نوعية في الشعر البنغالي، وفي العام 1891 انتقل طاغور إلى البنغال الشرقية لإدارة ممتكلكات العائلة، حيث استقر فيها عشر سنوات،  عشق ريفها وكان يقضي معظم وقته في قارب مُعد للسكن يجوب نهر “بادما”؛ النهر الذي ألهم تجربته الشعرية. 

 

وكان طاغور  على احتكاك مباشر مع القرويين البسطاء. ولقد شكلت أوضاعهم المعيشية  موضوعا متكررا في العديد من كتاباته، دون أن يخفي تعاطفه معهم.

 

 ويعود أروع ماكتب طاغور من نثر وقصص قصيرة  إلى تلك الحقبة في حياته، وهي قصص تتناول حياة البسطاء، بحس يجمع بين رهافة عالية في التقاط الصورة وميل إلى الفكاهة والدعابة الذكية، التي ميزت مُجمل تجربته النثرية، وأثناء تلك السنوات نشر العديد من الدواوين الشعرية، أبرزها أميزها «سونار تاري»، بالإضافة إلى عدة مسرحيات أبرزها «تشيترا».

في العام 1901، أسس طاغور مدرسة تجريبية في "شانتينكايتان"، حيث سعى من خلالها إلى تطبيق نظرياته الجديدة في التربية والتعليم، وذلك عبر مزج التقاليد الهندية العريقة بتلك الغربية الحديثة، واستقر طاغور في مدرسته التي تحولت في العام 1921 إلى جامعة «فيشقا-بهاراتيا» أو (الجامعة الهندية للتعليم العالمي). 

أثر موت زوجته واثنين من أولاده، بين العامين 1902 و1907  في شعره، وانعكس ذلك على  تجربته الشعرية الفريدة «جينجالي» (قربان الأغاني). 

 

أعماله الأدبية

 

قدم طاغور  أكثر من ألف قصيدة شعرية، وحوالي 25 مسرحية بين طويلة وقصيرة وثماني مجلدات قصصية وثماني روايات، بالإضافة إلى عشرات الكتب والمقالات والمحاضرات حول الفلسفة والدين والتعليم والسياسة والقضايا الاجتماعية، وإلى جانب الأدب اتجه إبداع طاغور إلى الرسم ، حيث مارسه في سن متأخرة نسبيا ، وأنتج آلاف اللوحات وكان له صولات إبداعية بالموسيقى،  أكثر من ألفي أغنية، أصبح اثنان منهم النشيد الوطني للهند وبنغلاديش. 

 

جائزة نوبل 

 

تجاوز طاغور الخمسين من عمره ورغم غزارة إنتاجه وتنوعه، إلا أنه لم يكن معروفا تماما خارج محيطه، وخلال رحلته  إلى إنجلترا عام  1912، بدأ طاغور يترجم آخر دواوينه: «جيتنجالي» إلى الإنجليزية. وكانت كل أعماله السابقة تقريبا قد كتبت بلغته البنغالية، و قرر ترجمة المجموعة الأخيرة من باب التسلية، وتمضية  وقت السفر الطويل بحرًا ، وعند وصله إلى إنجلترا، علم صديق مقرب منه ويدعى "روثنستاين" بأمر الترجمة، وطلب منه الإطلاع عليها؛ فوافق طاغور على ذلك، لم يصدق الرسام عينيه، لقد كانت الأشعار أكثر من رائعة، وبدا كما لو أنه وقع على اكتشاف ثمين، فاتصل بصديقه الشاعر دبليو.بي بيتس الذي دهش بتجربة طاغور، فنقح الترجمة وكتب مقدمة لها بنفسه.

ظهر ديوان «قربان الأغاني» باللغة الإنجليزية في سبتمبر من العام 1912. لقد عكس شعر طاغور حضورا روحيا هائلا،  ووجد الغربيون أمامهم لمحة موجزة وإن كانت مكثفة للجمال الصوفي، الذي تختزنه الثقافة الهندية في أكثر الصور نقاءً،  وبعد أقل من مضي عام  نال طاغور جائزة نوبل للآداب عام 1913، ليكون بذلك أول أديب شرقي ينالها.

 

 وفي العام 1915 نال وسام الفارس من قبل ملك بريطانيا جورج الخامس، لكنه خلعه في العام 1919 في أعقاب مجزرة “أمريتسار”، والتي قتلت فيها القوات البريطانية أكثر من 400 متظاهر هندي.

 

 

وفاته 

 

أمضى طاغور ماتبقى من عمره متنقلا بين العديد من دول العالم، لإلقاء الشعر والمحاضرات والإطلاع على ثقافة الآخرين، دون أن ينقطع عن متابعة شؤون مدرسته، وظل غزير الإنتاج حتى قبيل ساعات من وفاته، حين أملى آخر قصائده لمن حوله، وذلك في أغسطس عام 1941 عن عمر ناهز 80 عامًا.