الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما سر سورة الجن؟.. 20 حقيقة عن العفاريت لا يعرفها كثيرون

ما سر سورة الجن
ما سر سورة الجن

يرتبط اسم سورة الجن وهي إحدى سور القرآن الكريم ، بعالم خفي ومخيف وهو عالم الجن والشياطين، ولعل هذا ما يطرح السؤال عن  ما سر سورة الجن ، وهل ارتباطها بهذه المخلوقات مجرد اسم أم أنها تكشف أسراره ، وتبين نقاط ضعفهم ، لعل به نستدل على طرق الحماية والوقاية من شرور الجن ، ولا شك أن هذه الأسباب وأكثر تثير الفضول حول معرفة ما سر سورة الجن وعلاقتها بهذا العالم المريب، وحيث إنه إذا عُرف السر بطلت أمر كثيرة سيئة ، من هنا تبدو أهمية معرفة ما سر سورة الجن لعلها تكون مفتاح هذه البوابة وبه نستطيع إغلاقها بإحكام فتضع نهاية لخوفنا منهم .

ما سر سورة الجن

ورد سر سورة الجن بكل آية من آياتها ، ففي قَولُ اللهِ تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا)، يَقتضي أنَّ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لم يَعلَمْ بحُضورِ الجِنِّ لاستِماعِ القُرآنِ قبْلَ نُزولِ هذه الآيةِ  ، وبقوله : ( يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)،  في هذا توبيخٌ للكُفَّارِ مِن بني آدَمَ؛ حيث آمَنَت الجِنُّ بسَماعِ القرآنِ مرَّةً واحدةً، وانتَفَعوا بسَماعِ آياتٍ يسيرةٍ منه، وأدركوا بعُقولِهم أنَّه كلامُ اللهِ، وآمَنوا به، ولم ينتَفِعْ كفَّارُ الإنسِ -ولا سيَّما رؤساؤُهم وعُظَماؤُهم- بسَماعِه مرَّاتٍ متعدِّدةً، وتِلاوتِه عليهم في أوقاتٍ مختلِفةٍ، مع كَونِ الرَّسولِ منهم، يَتلوه عليهم بلِسانِهم  !، وفيه بيانُ ذكاءِ الجِنِّ، ومعرفتِهم بالحَقِّ، وأنَّ الَّذي ساقَهم إلى الإيمانِ هو ما تحَقَّقوه مِن هدايةِ القرآنِ؛ وحُسنِ أدَبِهم في خِطابِهم  .

وجاء سر سورة الجن ، في قَولُ اللهِ تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا) فيه أنَّ النَّبيَّ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- كما بُعِثَ إلى الإنسِ، فقد بُعِثَ إلى الجِنِّ ، فهو رسولٌ إلى الجِنِّ، كما هو رسولٌ إلى الإنسِ؛ فإنَّ اللهَ صَرَف نَفَرَ الجنِّ لِيَستَمِعوا ما يُوحَى إليه، ويُبلِّغوا قومَهم  ، كما أنَّ الجِنَّ مكَلَّفونَ كالإنسِ ، وكذلك الجِنَّ يَستَمِعونَ كَلامَنا، ويَفهَمونَ لُغاتِنا، والمؤمِنَ مِنَ الجِنِّ يدعو غيرَه مِن قبيلتِه إلى الإيمانِ  .

ومن سر سورة الجن كذلك أنه يكشف حقيقة الَّذين رُمُوا بالشُّهُبِ هم الشَّياطينُ، والَّذين سَمِعوا القرآنَ هم الجِنُّ، فكيف وَجهُ الجَمعِ؟، فالجوابُ مِن وجهَينِ: الوجهُ الأولُ: أنَّ الَّذين رُمُوا بالشُّهُبِ كانوا مِنَ الجِنِّ، إلَّا أنَّه قيل لهم: شياطينُ، كما قيل: (شياطينُ الجِنِّ والإنسِ)؛ فإنَّ الشَّيطانَ: كلُّ مُتمَرِّدٍ بعيدٍ عن طاعةِ اللهِ تعالى، أما الوجهُ الثَّاني: أنَّ الجِنَّ كانوا مع الشَّياطينِ، فلمَّا رُمِيَ الشَّياطينُ أخَذ الجِنُّ الَّذين كانوا معهم في تجَسُّسِ الخبرِ ، فإذا تُلِيَ القرآنُ على إنسانٍ فقد قامتْ عليه الحُجَّةُ، ولهذا فإنَّ الجنَّ ولَّوْا إلى قَومِهم مُنذِرينَ بمُجرَّدِ سماعِهم القُرآنَ، فقال تعالى: قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ [الأحقاف: 30] . 

ويبين سر سورة الجن أن قراءةُ القرآنِ مُلْزِمةٌ، لكنْ إذا كان الشَّخصُ لا يَفهمُ لغةَ القرآنِ فلا تكونُ مُلْزِمةً؛ لقَولِه عزَّ وجلَّ: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [إبراهيم: 4] ، ولا يَحصُلُ البيانُ وهو لا يَدري لُغةَ القُرآنِ  !، أما قَولُ اللهِ تعالى: (وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا)، أي: ولن نَعودَ إلى ما كنَّا عليه مِنَ الإشراكِ به، وهذا يدُلُّ على أنَّ أولئك الجِنَّ كانوا مِن المُشرِكينَ  وحُجَّةٌ على تسميةِ المخلوقينَ بأسماءِ الخالقِ عزَّ وجلَّ؛ إذِ «الأحَدُ» اسمٌ مِن أسماءِ اللهِ تبارك وتعالى  .

وفي قَولِه تعالى: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا) دليلٌ على أنَّ العربَ تُسمِّي بالاسمِ الواحدِ المعانيَ الكثيرةَ؛ إذِ «الجَدُّ» في هذا الموضعِ: العَظَمةُ والجلالُ، وفي غيرِه: «البختُ»، و«أبو الأبِ»، وفيه أيضًا رَدٌّ على المعتزلةِ -فيما يَزعُمونَ-: أنَّ الشَّيءَ إذا سُمِّيَ باسمٍ، ثمَّ سُميَّ به غيرُه لزِم أنْ يُشبِهَه بجميعِ جِهاتِه  ! ، فعَلِموا مِن جَدِّ اللهِ وعَظَمتِه ما دَلَّهم على بُطلانِ قولِ مَن يَزعُمُ أنَّ له صاحبةً أو ولَدًا؛ لأنَّ له العَظَمةَ والكَمالَ في كلِّ صِفةِ كَمالٍ، واتِّخاذُ الصَّاحبةِ والولَدِ يُنافي ذلك؛ لأنَّه يُضادُّ كَمالَ الغِنى  ، ولأنَّ الصَّاحبةَ إنَّما تكونُ للضَّعيفِ العاجزِ الَّذي تَضْطَرُّه الشَّهوةُ الباعثةُ إلى اتِّخاذِها له، وأنَّ الولَدَ إنَّما يكونُ عن شَهوةٍ أزعَجَتْه إلى الوِقاعِ الَّذي يَحدُثُ منه الولَدُ، فقال النَّفَرُ مِن الجِنِّ: عَلا مُلْكُ ربِّنا وسُلطانُه وقُدرتُه وعَظَمتُه أنْ يكونَ ضَعيفًا ضَعْفَ خَلْقِه الَّذين تَضطَرُّهم الشَّهوةُ إلى اتِّخاذِ صاحبةٍ، أو وِقاعِ شَيءٍ يكونُ منه ولَدٌ  .

وعن قَولُ اللهِ تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ) فيه دليلٌ على المنعِ مِن أكثَرِ الرُّقى والعزائِمِ  ، كما أن الاستِعاذةُ بالأمواتِ أو الأحياءِ غيرِ الحاضِرينَ القادِرينَ على العَوذِ: شِركٌ، ومنه قَولُه تعالى: وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا  ، ومن ثم فإنَّ الاستِعاذةَ بالجِنِّ حرامٌ؛ لأنَّها لا تفيدُ المُستعيذَ، بل تَزيدُه رَهَقًا -أي: خَوفًا وضَعفًا-، فعُوقِبَ بنَقيضِ قَصْدِه، وهذا على اعتبارِ أنَّ «الواوَ» ضميرُ الجِنِّ، و«الهاءَ» ضميرُ الإنسِ  ، كما أن الإنسُ سُمُّوا إنسًا لأنَّهم يؤنَسونَ، أي: يُرَونَ، كما قال تعالى حكايةً عن موسى عليه السَّلامُ: إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا [طه: 10] ، أي: رأيتُها، والجِنُّ سُمُّوا جِنًّا لاجتِنانِهم، يجتَنُّونَ عن الأبصارِ، أي: يَستَتِرونَ، كما قال تعالى: فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ [الأنعام: 76] ، أي: استولى عليه، فغَطَّاه وستَرَه  .

وجاء في سر سورة الجن ، بقَولِه تعالى: (يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ) تسميتُه الجِنَّ رجالًا، إلَّا أنَّه لم يُطْلِقْ عليهم: الرِّجالَ، بل هي تسميَّةٌ مقيَّدةٌ بقَولِه: مِنَ الْجِنِّ، فهم رجالٌ مِن الجِنِّ، ولا يَستَلزِمُ ذلك دُخولَهم في الرِّجالِ عندَ الإطلاقِ، كما تقولُ: «رجالٌ مِن حِجارةٍ» و «رِجالٌ مِن خشَبٍ» ونحوَه؛ وعليه فلا يُشْكِلُ هذا مع قولِه سُبحانَه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [يوسف: 109]  في أنَّه لم يُرْسِلْ جِنِّيًّا، ولا امرأةً، ولا بَدَويًّا، فللجِنِّ رجالًا، ولهم إناثٌ، وفي قَولُ اللهِ تعالى: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا) يدُلُّ على أنَّ الجِنَّ كما أنَّهم كان فيهم مُشرِكٌ ويَهودِيٌّ ونَصرانيٌّ، ففيهم مَن يُنكِرُ البَعثَ على قولٍ في تفسيرِ الآيةِ.

سورة الجن

ورد أن سورة الجنِّ هي سورة مكيَّة بالاتفاق، ، من المفصل، وعدد آياتها هو 28 آية، وترتيبها في المصحف 72، في الجزء التاسع والعشرين ، ومن المرجّح نزولها في السنة العاشرة للبعثة، فقد وردت آثار تقول بأنّها نزلت عقب عودة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- من الطائف بهدف دعوة قبيلة ثقيف، وقد نزلت بين سورتي الأعراف ويس، وتقع بين سورة نوح والمزّمل في ترتيب سور المصحف، وتسمَّى بسورة (قل أوحيَ)، بدأت بفعل أمر قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، نزلت بعد سورة الأعراف، وقد بينت سورة الجن أن الجن مكلفون كبني آدم، ومنهم المؤمن الكافر، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما عليه إلا التبليغ بالرسالة، وإيصال القرآن الكريم؛ ليكون منهجًا للمسلمين في الحياة الدنيا، ولكي يصل بهم إلى السعاد الدنيوية والآخروية.

فوائد سورة الجن

  • يدرك المسلم بأنَّ ما يصدر من بعض الناس من الاستعانة بالجن لا تفيد ولا تنفع، قال -تعالى-: (وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا* وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا).
  • يدرك المسلم فشل الجن في قدرتهم على تسمّع أخبار السماء بما يقذفه الله -تعالى- بهم من الشهب، قال -تعالى-: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا* وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا).
  • يدرك المسلم بأنَّ الجن منهم المؤمن ومنهم الكافر، قال -تعالى-: (وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَبًا وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا).
  • يدرك المسلم بأنَّ النافع والضار هو الله -تعالى- وحده فيسلّم المسلم أمره كله لله -تعالى- ويتكل عليه فهو حسبه، قال -تعالى-: (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا* قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا).