قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

كارثة كل صيف| العقارب تجتاح المغرب والصغار الأكثر استهدافا.. والإصابات تصل لـ25 ألف حالة سنويا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

مع بداية فصل الصيف كل عام، يبدأ المغاربة العيش بمسلسل الرعب اليومي مع اجتياح العقارب لمساكن البشر داخل القرى، ويتحول الصيف من فترة راحة قصد الاستجمام والاصطياف إلى حالة هلع وخوف، لاسيما لدى ساكنة الجنوب الشرقي للمغرب، والمناطق النائية والجبلية، بسبب ظهور أنواع مختلفة من الزواحف السامة التي تهدد حياتهم وحياة أطفالهم، ويعتبر فصل الصيف لدى أهالي الجنوب الشرقي موسما تشتد فيه هجمات الزواحف من الأفاعي والثعابين والعقارب السامة.

وخلال الأيام الماضية، تكررت حوادث هجوم العقارب على سكان المغرب، خصوصا الأطفال، خصوصا مع اشتداد الحرارة وارتفاع درجات الحرارة، حيث يتواكب مع ذلك خروج الزواحف السامة من جحورها بحثا عن الظلال والفضاءات الباردة، بالمنازل والحقول وشقوق الجدران، خاصة في فترة الليل؛ ليظل الخطر متجددا يؤرق بال سكان المناطق شبه الصحراوية والجبلية، بسبب هذه الزواحف السامة التي تتسبب سنويا في إصابة المئات من المواطنين، وتصل حد الوفيات في بعض الأحيان.

طفل وطفلة .. العقارب تخرج هذا الصيف

ووفقا لما نشرته صحيفة هسبريس المغربية، فقد بدأ موسم الرعب بخروج العقارب، حيث توفيت طفلة بسبب لسعة عقرب بمنطقة الخملية نواحي مرزوكة، قبل أسبوعين، وكذلك تناقلت فعاليات خبر وفاة طفل عمره سنة بقصر تيكرنا بجماعة ألنيف بإقليم تنغير، قبل يومين، متأثرا بمضاعفات لسعة عقرب باغتته حين كان نائما في ساحة البيت، والخبران أعادا سؤال “ضعف” توفر الأمصال بالمغرب الشرقي إلى الواجهة، واستدْعَيا أيضا الجهود الرسمية المبذولة لحماية الطفولة وحق براعم جهة درعة تافيلالت في الحياة.

وتعليقا على الموضوع، قال جمال أقشباب، فاعل جمعوي بالجنوب الشرقي، إن محنة لسعات العقارب، هي ظاهرة صيفية نعاينها مرارا، بحكم أن ارتفاع درجة الحرارة يدفع العقارب والأفاعي للخروج من مخابئها، وتعرض سلامة ساكنة المغرب الشرقي للخطر، لاسيما الأطفال، فهذه الحالات تحاكي مشاكل صحية حقيقية تعرفها مناطق الجنوب الشرقي سنويا، خصوصا أقاليم ورزازات وزاكورة وميدلت والراشيدية.

الأخبار متكررة .. مآسي 2022

والملفت للنظر عند البحث على جوجل، هو تكرار نفس الأخبار، وتقريبا في نفس الموعد من كل عام، ففي شهري يونيو ويوليو تبدأ الصحف المغربية الحديث عن حوادث العقارب، ففي بداية شهر يوليو 2022، تخطت خلالها درجة الحرارة أكثر من 45 درجة مئوية في بعض المناطق الحضرية كما القروية على السواء، وعاد إلى الواجهة ملف الوفيات والإصابات الناتجة عن لسعات العقارب والزواحف السامة بشكل عام.

وتحدثت الصحف العام الماضي، عن الأرقام الواردة من إقليم أزيلال، حيث سجلت سبع لسعات للعقارب وثلاثا للنحل وأربع لدغات للزواحف (من 7 إلى 12 يوليو 2022)، مما دفع فعاليات مدنية إلى “التنبيه إلى خطورة الوضع على صحة وسلامة المواطنين، لاسيما الأطفال منهم”، وذكرت أيضا أن مستعجلات المستشفى الإقليمي بأزيلال استقبلت خلال مدة تقل عن أسبوع حوالي 10 حالات للسعات العقارب والزواحف والحشرات السامة”.

معدلات سنوية كارثية

والملفت للنظر في تلك الظاهرة الكارثية، هو استمرار معدل الاصابات لسنوات كثيرة بأرقام شبه ثابتة، وذلك رغم وضع السلطات المغربية للاستراتيجية الوطنية لمكافحة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي التي تم اعتمادها منذ 2001، فوفقا لما تذكره الجهات الصحية بالمغرب، أن هناك تقريا 25 ألف حالة سنويا تعرضوا للسعات العقارب، وتصل عدد الوفيات إلى 200 حالة تقريبا، وفئة الأطفال هي التي تظل الأكثر عرضة لخطر الوفاة بعد الإصابة بنسبة تصل 90 في المائة من مجموع المصابين.

وبلغة الأرقام يقول متخصصون في الطب، أن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة لسعات العقارب ولدغات الأفاعي، من تقليص نسبة الوفيات الناتجة عن لسعات العقارب من 2.37 بالمئة عام 1999 إلى 0.18 بالمئة عام 2018، وكذلك تقليص نسبة الوفيات الناتجة عن لدغات الأفاعي من 8.9 بالمئة سنة 2011 إلى 1.7بالمئة عام 2018، ولكن يربط البعض بمؤشرات الانخفاض خلال فترة الكرونا فقط، وعادت في الارتفاع مرة أخرى.

هنا تنتشر العقارب

ويعد حزام المغرب الشرقي والوسط أكثر المناطق التي تشهد ظاهرة خروج الأفاعي والعقارب في فصل الصيف، وهو ما يتطلب تدخل استعجالي لإنقاذ أطفال وسكان المنطقة من أخطار السموم، ومن بين المناطق الأكثر تضررا، جهة مراكش الحوز وسوس ماسة درعة، (جنوبي المغرب) وعبدة دكالة (شمال مدينة الدار البيضاء) وتادلة أزيلال بـ (الأطلس المتوسط والكبير)، والشاوية ورديغة ( غرب جهة الدارالبيضاء الكبرى).

وحسب المتخصصين، فإن جهة مراكش-آسفي من بين الجهات (البلديات) التي تشهد انتشار للعقارب السامة، وتحتل المرتبة الأولى وطنيا في لسعات العقارب، إذ تسجل حوالي 8662 لسعة خلال السنة، يتوفي منها 23 ضحية، كما تعاني هذه الجهة أكثر من غيرها من لسعات العقارب، خاصة بأقاليم الرحامنة وقلعة السراغنة والصويرة وشيشاوة.

الوصايا العشر للحماية من الكارثة

ويبدو أن هناك حالة من العجز الحكومي في مواجهة تلك الكارثة، ولذلك تلجأ الجهات الحكومية إلى نشر التوعية في تجنب تلك الحوادث، والحديث عن الوصايا العشر التي على الأسر اتبعاها لتجب الإصابة من تلك اللسعات، وكان منها عدم اللجوء إلى اعتماد طرق علاج تقليدية، وحمل المصاب باللسعة إلى أقرب مركز صحي مـن أجـل القيام بالإسعافات الأولية ووضع المصاب بتسمم في أحسـن الظـروف للوصول إلى أقرب مركز استشفائي، مع الإسراع بنقـل الأطفال مباشرة إلى أقرب مركز استشفائي قصد العلاج في قسم الإنعاش المكثف وولوجهم للعلاج.

ودعتوزارة الصحة في منشوراتها التواصلية ساكنة القرى والجبال والصحاري إلى اعتماد وسائل الوقاية من اللسعة، مشددة على ضرورة “ارتداء أحذية وملابس واقية ولو في فصل الصيف، فحص الأحذية، الملابس والفراش قبل استعمالها مع عدم إدخال الأيادي في الحفر، والحذر أثناء تحريك أو نقل الأحجار، الأثاث، الأخشاب أو الأعشاب، وعدم الجلوس في الأماكن المعشوشبة وبجانب الأكوام الصخرية”.

خلل طبي ونقص الأمصال يزيد من الكارثة

وتعليقا على تلك الظاهرة، صرح جمال أقشباب، فاعل جمعوي بالجنوب الشرقي المغربي، بأن هذه الإشكالية تسببت في معاناة كبيرة بالنسبة للعديد من الأسر، وسط ضعف العرض الصحي بالجهة، التي تعاني على كافة الأصعدة، وتضع المواطن تحت رحمة العقارب، رغم تنبيهات المجتمع المدني منذ سنوات”، مبينا أن “الوضع مازال متأزما، حتى بعد تسجيل حالات كثيرة للسعات العقارب، منها وفيات، لكون توفير الأمصال مازال ضعيفا”.

ونبه المتحدث إلى أن “هذه المسألة ليست مشكلة متعلقة بالجنوب الشرقي بشكل حصري، لكون العديد من جهات المغرب تسجل أيضا حالات كثيرة للسعات العقارب ولدغات الأفاعي، لكن مشكلة الجنوب الشرقي أنه لا يتوفر على حصة من الأمصال بالمقارنة مع مناطق أخرى، وهذا يعكس نوعا من اللاعدالة المجالية”، مؤكدا أن “وزارة الصحة عليها أن تعالج هذا الخلل وأن تفكر في مواطني المنطقة الذين يتضررون بشكل مستمر جراء الصيف”.

في المقابل، أكد محمد خصال، المدير الجهوي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بجهة درعة تافيلالت، أنه “متتبع بشكل يومي للمخزون المتوفر من الأمصال في المستشفيات الإقليمية والجهوية”، موضحا أنها “متوفرة بشكل كاف، لكنها تتبقى منحصرة في المستشفيات الإقليمية، لكون الأمصال مهمة حصرية للأطباء المتخصصين ولقسم المستعجلات ومصلحة الإنعاش والتخدير، والعديد من المراكز الصحية ليس فيها أطباء، فقط ممرضون”.