الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ضربة للاقتصاد الأمريكي والدولار.. ماذا يعني خفض التصنيف الائتماني لواشنطن؟

صدى البلد

خفضت وكالة التصنيف "فيتش"، التصنيف الائتماني الأعلى للحكومة الأميركية، حيث جاء القرار بخفض تصنيف الولايات المتحدة إلى "AA+" من "AAA"، مستشهدة بالتدهور المالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة ومفاوضات الحد الأقصى للديون المتكررة التي تهدد قدرة الحكومة على سداد فواتيرها.

وكالة فيتش 

تخفيض التصنيف الإئتماني لأمريكا 

كانت فيتش قد أشارت أولاً إلى إمكانية خفض التصنيف الائتماني في مايو، ثم حافظت على هذا الموقف في يونيو بعد حل أزمة سقف الديون، قائلة إنها تنوي الانتهاء من المراجعة في الربع الثالث من هذا العام.

مع خفض التصنيف، أصبحت ثاني وكالة تصنيف رئيسية بعد "Standard & Poor’s" تجرد الولايات المتحدة من تصنيفها الثلاثي A.

انخفض الدولار عبر مجموعة من العملات، وانخفضت العقود الآجلة للأسهم وارتفعت العقود الآجلة للخزانة بعد الإعلان، لكن العديد من المستثمرين والمحللين قالوا إنهم يتوقعون أن يكون تأثير خفض التصنيف محدوداً.

وجاءت خطوة "فيتش" بعد شهرين من توصل الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون إلى اتفاق لسقف الديون الذي رفع حد الاقتراض الحكومي البالغ 31.4 تريليون دولار، منهيا شهورا من سياسة حافة الهاوية.

وقالت وكالة التصنيف في بيان: "من وجهة نظر فيتش، كان هناك تدهور مطرد في معايير الحوكمة على مدار العشرين عاماً الماضية، بما في ذلك المسائل المالية والديون، على الرغم من اتفاق يونيو لتعليق حد الدين حتى يناير 2025".

اختلفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين مع تخفيض تصنيف فيتش، في بيان وصفته بأنه "تعسفي ويستند إلى بيانات قديمة".

وكان للبيت الأبيض وجهة نظر مماثلة، حيث قال إنه "لا يتفق بشدة مع هذا القرار"، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيار: “نرفض بشدة هذا القرار”، مضيفة أن خفض تصنيف البلاد في وقت حقق الرئيس جو بايدن أقوى تعاف اقتصادي بين كل الاقتصادات الكبرى في العالم، هو أمر “يخالف الواقع”. 

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير: "إن تخفيض تصنيف الولايات المتحدة يتحدى الواقع في الوقت الذي حقق فيه الرئيس بايدن أقوى انتعاش لأي اقتصاد رئيسي في العالم".

وزيرة الخزانة الأميركية

مرور اقتصادها بمصاعب 

وفي هذا الصدد، قال الدكتور رائد سلامة، الباحث الاقتصادي، إن التصنيف الائتماني هو عبارة عن تقدير لمدى قدرة جهة ما على سداد التزاماتها سواء كانت شركة أو مؤسسة أو دولة.

وأوضح سلامة ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن هذا التقدير تقوم به إحدى المؤسسات المالية مثل ستاندردز آند بوورز أو فيتش بناءًا على تحليلات للأرقام والأداء الحالي وأخذا بالاعتبار احتمالات الأداء المستقبلي أيضًا،  تاريخيًا في عام 2011 وعندما لَوَح الجمهوريون بالتخلف عن سداد الدين العام، قامت وكالة ستاندرد آند بوورز بخفض التصنيف الائتماني لأمريكا من AAA إلى AA+ وهذا يعنى الخفض من أعلى تصنيف يؤكد القدرة الفائقة على السداد إلى تصنيف أقل قليلًا ولكنه لا يؤثر جوهريًا في القدرة على السداد لكنه فقط يُفَسَر باعتبار أن القدرة على السداد بها صعوبات لكنها ليست مستحيلة.

وتابع: من هذا المنطلق يمكننا فهم تقرير وكالة فيتش الأخير خصوصا وأنه قد جاء بعد الاتفاق بين الحزبين الديمقراطي والاجتماعي منذ شهور على رفع سقف الدين الذي لو لم يكن قد حدث فإن هذا كان سيعنى تخلف أمريكا عن سداد ديونها بما كان سيؤدى إلى تراجع الناتج العام الى مستوى قدره الخبراء بنحو 4% بما كان سيفقد سبعة مليون مواطنًا وظائفهم.

ولفت: وتفسير ذلك عمليًا هو أنه كان سيجعل تكلفة الاقتراض عالية جدًا سواء لتمويل مشروعات الحكومة مما سيفاقم من عجز الموازنة، أو لتمويل مشروعات الشركات الخاصة وهو ما سيزيد من خسائرها بما سيضطر العديد منها إما للإغلاق الكامل أو الجزئي مع تسريح الملايين من العمال والموظفين بغرض وقف نزيف الخسائر لترتفع معدلات البطالة إلى نسب قياسية سترغم عموم المستهلكين على تقليص إنفاقهم لتتعمق حدة الركود التضخمي، وكان سيؤدى أيضًا إلى ضرر بالغ في النظام المالي والمصرفي الأمريكي.

وواصل: حيث كانت ستتأثر المراكز المالية للبنوك وشركات التأمين وشركات إدارة الاستثمارات والمحافظ وصناديق التحوط لتنهار أسهمها ومن ثم كانت اسواق المال ستشهد هزات مالية عنيفة.

وأكد أنه لم يحدث أي من تلك الكوارث لأن الحزبين اتفقا على رفع سقف الدين لكن الفكرة أن المشاكل الهيكلية بالاقتصاد الأمريكي مازالت قائمة بسبب الإنفاق الحكومي الضخم جدًا حتى بعدما أتفق الحزبين على تقليصه بدرجة ما بناءًا على ما سبق، فإن تقرير فيتش الأخير لا يشير إلى تعثر أمريكا أو تخلفها عن السداد لكنه فقط يشير إلى المصاعب التي تكتنف الاقتصاد الأمريكي.

وأضاف: في تقديري أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد بشكل أساسي على كونه اقتصادا ماليًا تتراجع فيه الأنشطة الاقتصادية العينية الى مستوى أقل، فإصدار العملة مازال جاريًا والأسواق المالية الأمريكية مازالت تعتمد على المنتجات المالية من نوع المشتقات وغيرها وهي أمور في غاية الخطورة والحساسية تضعف من أداء الاقتصاد وتجعل الأسواق أكثر هشاشة حتى بعد إجراءات خفض الإنفاق العام التي أقرها الحزبين.

واختتم: ورغم أن تقرير فيتش أغضب الإدارة الأمريكية واعترضت عليه وزارة الخزانة هناك، إلا أنني أرى أنه تقرير يصف الحالة بدقة، فأمريكا لن تتوقف عن سداد التزاماتها لكن اقتصادها يمر بمصاعب هائلة بسبب استمرار الانفاق الضخم على التسليح وبسبب هشاشة الأسواق وأيضًا بسبب حالة الجفاف التي يمر بها العالم من جراء أزمة المناخ فأثرت على إنتاج الحبوب بأمريكا في الوقت الذي ألغت فيه روسيا اتفاق البحر الأسود الذي كان يسمح بممر آمن لمد دول العالم بالحبوب الأوكرانية.

الدكتور رائد سلامة

والجدير بالذكر، قال محللون إن خطوة تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة هي خطوة تظهر عمق الضرر الذي لحق بالولايات المتحدة من جراء الجولات المتكررة من النقاشات المثيرة للجدل حول سقف الديون، مما دفع البلاد إلى حافة التخلف عن السداد في مايو.

وقال ريتشارد فرنسيس، كبير مديري التصنيفات السيادية في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني لوكالة "رويترز"، أمس الأربعاء، إن فيتش اتخذت قرارها بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بسبب المخاوف المالية وتدهور الحوكمة، وحالة الاستقطاب الذي ظهرت جلية في توترات السادس من يناير.