الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تأسبس خطاب دينى جديد بإدارة جامعة القاهرة .. والخشت : تطوير اللغة أحد أهم أركان الدخول في عصر جديد

جامعة القاهرة
جامعة القاهرة

الخشت :

 تأسيس خطاب ديني جديد على نقطتين تعمل الجامعة عليهما سواء في إطار الجامعة أو خارج أسوارها

نعمل على تطوير العقل المصري باعتباره العنصر والمرتكز الأساسي لتطوير أي خطاب داخل المجتمع

 

تهتم جامعة القاهرة بمفهوم الخطاب الدينى الجديد ، وتأسيس خطاب ديني جديد لا يعني إنشاء دين جديد بل العودة إلى المنابع الأصلية، وهي القرآن الكريم والسنة النبوية المتواترة في ضوء العقل النقدي المنضبط.

ومن جانبه ، كشف الدكتور محمد عثمان الخشت رئيس جامعة القاهرة ، لماذا تهتم الجامعة بـ إقامة ندوات تثقيفية لطلابها لتحدثهم عن الدين وتجديد الخطاب الديني.

وقال الدكتور محمد عثمان الخشت خلال تصريح لـ صدى البلد ، أرى أن تجديد الخطاب الديني يُعد ضرورة من ضرورات الحياة، ويعتمد على مجموعة من الآليات والمهام العاجلة، والتي نسعى منذ أغسطس 2017 إلى العمل عليها بخطوات متسارعة ومدروسة بدقة، ومن بينها العمل على تفكيك الخطاب الديني التقليدي والعقل المغلق، ونقد العقل النقلي، وفك جمود الفكر الإنساني الديني المتصلب، واستكمال دور الآباء المؤسسين في تجديد الفكر الديني، ونشر قيم العقلانية النقدية، ومساندة الدولة الوطنية في جميع عمليات التجديد على المستوى الفكري والديني والتنموي من أجل نهضة شاملة ومستدامة، والسير قُدمًا نحو تأسيس خطاب ديني جديد يقوم على ترسيخ الثوابت وتجديد المتغيرات، وإنشاء علوم دين جديدة من خلال علم تفسير جديد وعلم فقه جديد وعلوم حديث جديد.

وأضاف الخشت ، يقوم تأسيس خطاب ديني جديد على نقطتين تعمل الجامعة عليهما سواء في إطار الجامعة أو خارج أسوارها، وهما تفكيك الخطاب الديني، وتفكيك العقل المنغلق، ونقد العقل النقلي، وفك جمود الفكر الإنساني الديني المتصلب والمتسلح بأقنعة دينية، حتى يُمكن كشفه أمام نفسه وأمام العالم. ولا يستهدف هذا المنهج التفكيكى الدين نفسه، وإنما ينصب على البنية العقلية المغلقة للفكر الديني، بالإضافة إلى تغيير طرائق التفكير لدى المسلمين، وتغيير رؤية العالم لديهم، وتأسيس مرجعيات جديدة، وهو ما يستلزم صناعة عقول جديدة منفتحة ومستنيرة وتكون مهيأة للعودة إلى المنابع الصافية للإسلام (القرآن وما صح من السنة) وتكون قادرة على تغيير المرجعيات التقليدية، وتأسيس فقه ديني جديد، وتفاسير جديدة، وعلم حديث جديد، واستبعاد كافة المرجعيات التراثية الوهمية التي اكتسبت بمرور الوقت طابع القداسة، رغم أنها من صُنع بشر مثلنا.

كما نعمل على إحداث التخارج والتعلم من دوائر معرفية أخرى، والتفاعل بين العلوم الشرعية والإنسانية والاجتماعية، واستعادة عصور الابداع الفكري، وهو ما سعت الجامعة إلى تحقيقه من خلال عقد العديد من الدورات التدريبة للأمة والواعظات في العديد من المجالات الحياتية، من بينها اللغة العربية وآدابها، والارشاد النفسي، وعلم الاجتماع، ومهارات الإعلام وفنون الاتصال، بهدف أن يمتلك رجال الدين عقلية "جامعة"، وتتسع مداركهم لعلوم أخرى، منها القانونية والاقتصادية والسياسية والثقافية.

بالإضافة لجهودنا في تطوير اللغة وهو ما يُمثل أحد أهم أركان الدخول في عصر جديد، لأن اللغة لها دور في نمو المفاهيم والتصورات ومن ثم السلوك، وهنا أطلقت الجامعة مبادرة تطوير اللغة العربية.

ونعمل في الجامعة على تطوير العقل المصري باعتباره العنصر والمرتكز الأساسي لتطوير أي خطاب داخل المجتمع، وهو ما يستلزم تغيير طرق التفكير، وفي إطار تحقيق ذلك بدأنا في تدريس مقرر التفكير النقدي، الذي يساهم في النهوض بالمستوى الفكري والعقلاني للطلاب، وبالتالي يدعم قدرتهم على فهم الدين وتقبُل تأسيس الخطاب الديني الجديد بالشكل الصحيح.

وفى نفس السياق ، نظمت جامعة القاهرة، برنامجًا تثقيفيًا لـ 600 إمام وخطيب من وزارة الأوقاف، يهدف إلى التعرف على الدور الفكري لجامعة القاهرة ودورها في تجديد الخطاب الديني وتاريخها ودورها محليًا وعالميًا، وذلك في إطار تنفيذ بروتوكول التعاون الذي تم توقيعه بين الجامعة والوزارة للإعداد الجيد والتدريب المستمر والنهوض بالأئمة والواعظات في مختلف المجالات، وبما يساهم في دعم توجه الدولة نحو محاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة، والسعي نحو تقديم خطاب ديني متزن خال من التعصب.
 

وتضمن البرنامج التثقيفي العديد من الفعاليات، منها عرض فيلم تسجيلي عن جامعة القاهرة "تاريخاً وواقعا ومستقبلاً"، ومحاضرة للدكتور محمد الخشت حول الدور الفكري لجامعة القاهرة ومشروعها لتأسيس خطاب ديني جديد، وكلمة للدكتور السيد مُسعد وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الجيزة، بالإضافة إلى محاضرتين لكل من الدكتور عبد الله التطاوي  المستشار الثقافي لرئيس الجامعة والدكتور محمد منصور هيبة المستشار الإعلامي لرئيس الجامعة حول الهوية الوطنية ودور الإعلام في تنمية الوعي، واختتم البرنامج بمقرأة نموذجية لبعض أئمةوبمشاركةجموع الحضور.

وقال الدكتور محمد الخشت،، إن هذا البرنامج التثقيفي يُعد حدثًا سعيدًا في حياة جامعة القاهرة لاستضافة جمع كريم من أئمة المنابر المصرية بوزارة الأوقاف والذين يمثلون الخط الأول في تقديم صحيح الدين، ومواجهة التطرف والإرهاب، وترسيخ الوسطية، مشيرا إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار تعاون كبير ومثمر مع وزارة الأوقاف برعاية معالي الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وهو ما يمثل مجالات جديدة لم تكن موجودة من قبل خاصة مع ضرورة تنوع وتعدد منابع المعرفة، وردا لجزءً مما تم تلقيه من شيوخ وزارة الأوقاف القدماء الأوائل، بالإضافة إلى أن العلاقة بين الجامعة ووزارة الأوقاف هي علاقة طويلة وكل منهم جزء من الآخر حيث شهدت بعض المساجد في الماضي انتشار الجماعات المتطرفة بكل أنواعها واحتكاكهم إلا أن أئمة الوزارة كانوا يتواجدون دائما لتقديم طاقة نور  لإعادة التوازن، وبالتالي فإن الأئمة هم أهل الوسطية وأهل النور والتنوير.

وأوضح الدكتور محمد الخشت، أن الدور الفكري لجامعة القاهرة بدأ منذ عام ١٩٠٨، وهي البداية الحقيقية لعصر الحداثة المصري نظرا لدراسة العلوم المختلفة وإتاحة العلم للجميع بالشكل النظامي، وكان الآباء المؤسسون للجامعة يهدفون إلى إنشاء جامعة للعلوم الطبيعية والإنسانية والدينية، وقد خرجت الجامعة أجيالا قامت عليها الدولة المصرية الوطنية، وكان لها دور بارزفي تكوين النهضة الحديثة التي يشهدها العالم العربي والإسلامي، مشيرا إلى أن الجامعة أطلقت عام ٢٠١٧ وثيقة جامعة القاهرة للثقافة والتنوير والتي كانت البداية لاستعادة رؤيتها مرة أخرى وتحديد أهدافها، موضحا أن كلمة التنوير لا تشير إلى التنوير بمعناه الاجنبي، بل هي كلمة أصلها في القران  "نور" وتشير الى النور العقلي كما أن "الله نور السموات والأرض"، وبالتالي فإن الحديث عن التنوير ليس مضادا للدين وإنما يرتبط بالتنوير في السياق العربي الإسلامي، كما ان مفهوم التنوير يتم تناوله بوصفه ممارسة عقلانية شجاعة تقترن بالجرأة مع استخدام التفكير العقلاني النقدي بالمعنى الحداثي، ومعركتنا الأولى  إعادة بناء الإنسان  وطرق تفكيره وسد الفجوة المعرفية مع العالم المتقدم  لتحقيق النهضة والإيمان بأنه لايمكن تأسيس وطن بلا خطاب دينى عقلانى.