الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في البرد؟

هل يجوز أن تمتنع
هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها

هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في البرد ؟، لعله من الاستفهامات المهمة التي فرضتها أجواء البرد الشديد في هذا الوقت من العام، حيث يصعب التعاطي مع المياه في مثل هذه الأجواء الباردة سواء بالاغتسال أو الوضوء الاغتسال من الجنابة، وهو ما يوضح أهمية معرفة هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في البرد ؟، خاصة وأن الامتناع عن الزوج يأتي ضمن قائمة الحلول المطروحة للهروب من هذا البرد القارس، وبالتالي فإن حال الكثيرات تفرض السؤال عن هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في البرد ؟.

هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها

قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الامتناع عن الزوج حرام شرعًا، منوهًا بأن الامتناع عن الزوج دون سبب شرعي يعتبر من الأفعال المحرمة شرعًا.

 أجاب الدكتور أحمد ممدوح، مدير إدار الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء، عن سؤال : هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في  البرد ؟، بأن امتناع الزوجة عن تمكين زوجها ومعاشرته، حرام ولا يجوز شرعًا إلا إذا كان هناك عذر شرعي يمنعها من ذلك، وعلى الزوج أن يصبر على زوجته.

وتابع في مسألة هل يجوز أن تمتنع المرأة عن زوجها خوفا من الاغتسال في  البرد : فالواجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا دعاها للفراش ولا يجوز لها الامتناع منه ما لم يكن لها عذر كمرض أو حيض أو صوم واجب، أما مجرد عدم رغبتها في الجماع أو خوفها من الاغتسال فليس عذرا يبيح لها الامتناع ، وقد ورد وعيد شديد لمن تمتنع من إجابة زوجها للفراش بغير عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. متفق عليه.

وورد أن هناك حديثًا لرسول الله  -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجتَهُ لِحَاجتِهِ فَلْتَأْتِهِ وإِنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُّور»، ومعني التنور أي إذا كانت تخبز الخبز علي النار ، ومن هنا فإنه ينبغي عليها تلبية زوجها حتى وإن لم تستطع الاغتسال من شدة البرد عليها طاعة زوجها.

حقوق الزوج على زوجته

كانت دار الإفتاء قد ذكرت أن حقوق الزوج على زوجته مشار إليها في قولُه تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: 228]،وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ لَكُم مِن نسائكُم حقًّا، ولنسائكِم عليكُم حقًّا» رواه ابن ماجه، ومن أبرز ما يمكن الإشارة إليه من حقوق الزوج على زوجته ما يلي:
أولًا: حقُّ تدبير المعيشة بالمعروف.
ثانيًا: حقُّ إصلاح حال الزوجة عند خوف نشوزها.
ثالثًا: حقُّ الاستمتاع بغير إضرار.
رابعًا: حفظُ مال الزوج وكتمُ أسراره وألا تُدخل بيته أحدًا بغير إذنه.

حكم امتناع الزوج عن زوجته 

 قال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه قد حرم الشرع امتناعَ الزوجة عن زوجها بغير عُذرٍ؛ حرَّم على الزوج الامتناعَ عن زوجته بغير عذرٍ كذلك، وأوجب عليه إعفافَها بقدر حاجتها واستطاعته، وإذا وصلت الحياة بين الزوجين لطريق مغلق، واستحالت العِشرة؛ لا ينبغي أن يُفرِّط أحدهما في حقوق صاحبه.

و نبه أمين الفتوى ، إلى أن مثل هذه الأمور لو بالاتفاق لاحرمة فيه أما أن يكون في حاجة لهذا الأمر والزوجة تتركه لا يجوز شرعًا، فهجر الزوج لزوجته من غير قصد أو بسبب لا يجوز ، والعكس هجرة الزوجة لزوجها أيضا لا يجوز شرعًا.

وأضاف أن من الواجب على الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، قال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا.. سورة النساء، 19 .

 واستشهد بما قال سبحانه وتعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.. سورة البقرة، 228 ، ومن أشكال العشرة بالمعروف مبيت الزّوج في فراش الزّوجيّة، وأدائه لحقّ الزّوجة عليه، ولا يجوز له أن يترك ذلك إلا بمانع شرعيّ.

حكم امتناع المرأة عن فراش زوجها 

و أوضح الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن شرب الخمر كبيرة من كبائر الذنوب التي يأثم مرتكبها، كما قال الله تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)"المائدة.

وفي رده عن سؤال: ما حكم امتناع المرأة عن فراش زوجها بسبب شربه للخمر ؟، أشار إلى أن المرأة إذا رأت في امتناعها عن جماع الزوج ، رادعًا عما يفعل، وسببًا في هدايته ورجوعه إلى صوابه، جاز لها ذلك، لافتًا إلى ضرورة أن تتحلى المرأة بالحكمة في موعظة زوجها وأن تنوي بذلك الإصلاح، وفعلها هذا تؤجر عليه ويعد من الدعوة إلى الله، فالزوجة تكون أعلم بما يصلح ويقوم سلوك زوجها.

الامتناع عن الفراش بسبب سوء معاملة الزوج

 جاء في الامتناع عن الفراش بسبب سوء معاملة الزوج ،  أن امتناع المرأة عن فراش زوجها معصية عظيمة تستوجب غضب الله تعالى عليها ولعنة الملائكة لها، وينبغي على الزوجة أن تصبر على زوجها وأن تجتهد في أداء حقوقه عليها وأن تحتسب أجرها عند الله تعالى، قال سبحانه: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، وكذلك بالدعاء لزوجها أن يهديه الله تعالى وأن يهذب أخلاقه وأن يوفقه إلى حسن معاشرة أهله، وإذا بذلت الزوجة ما في وسعها ولم يستقم زوجها واستمر على غيه والإضرار بها، فإن لها الحق في الطلاق منه.

و أكد الشرع على حق الضعيف في الرحمة به، وجعل المرأة أحد الضعيفين؛ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: اليَتِيم وَالمَرْأة» رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيد كما قال الإمام النووي في “رياض الصالحين، و المرأة أحق بالرحمة من غيرها؛ لضعف بنيتها واحتياجها في كثير من الأحيان إلى من يقوم بشأنها؛ ولذلك شبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم النساء بالزجاج في الرقة واللطافة وضعف البنية، فقال لأنجشة: «ويحكَ يا أَنْجَشَةُ، رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» رواه الشيخان، وفهم ذلك علماء المسلمين، وطبقوه أسمَى تطبيق، حتى كان من عباراتهم التي كوَّنت منهج تفكيرهم الفقهي: "الأنوثة عجز دائم يستوجب الرعاية أبدًا".

و في هذا السياق يجدر الإشارة إلى أنه أمر الإسلام الزوج بإحسان عشرة زوجته، وأخبر سبحانه أن الحياة الزوجية مبناها على السكن والمودة والرحمة، فقال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» (الروم: 21)، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم معيار الخيرية في الأزواج قائمًا على حسن معاملتهم لزوجاتهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي» رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها.

حكم رفض الزوجة للجماع 

 و بين الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء، من خلال توضيح واستعراض الحالات التي يجوز فيها امتناع الزوجة عن زوجها ، إذ قال إن الأصل أن الزوجة لا تمنع نفسها عن زوجها إذا طلبها، لكن قد يمكنها الامتناع وعدم التلبية في حالات الإعياء الشديد، والمرض، والعذر: كالحيض أو النفاس، أو إحرام لحج أو لعمرة، مؤكدًا أنه يمكن للمرأة رفض العلاقة مع زوجها أثناء الصيام في نهار شهر رمضان.

واستشهد أمين الفتوى، في حديثه عن حالات منع المرأة نفسها عن زوجها، بحديث النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يقول فيه: «لا ضرر ولا ضرار»، أي لا أضر نفسي ولا غيري، وأيضا بقول الرسول: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطاعتم»، مستكملا بالإشارة إلى قول الله تعالى في كتابه العزيز: «فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ».

حكم امتناع الزوجة عن زوجها 

و ورد أن الواجب على الزوجين المعاشرة بالمعروف، ومن ذلك أن تطيع الزوجة زوجها في المعروف وخاصة إذا دعاها إلى الفراش ولم يكن لها عذر، فقد ورد وعيد شديد للزوجة التي تمتنع من إجابة زوجها لغير عذر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح. (متفق عليه).

وجاء أنه إذا كانت الزوجة تتأذى من الجماع بسبب رائحة زوجها ، فلها الامتناع حتى يزيل هذه الرائحة، فقد جاء في فتاوى ابن حجر الهيتمي –رحمه الله- في الفتاوى الفقهية الكبرى: وَسُئِلَ عَمَّا إذَا امْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ من تَمْكِينِ الزَّوْجِ لِتَشَعُّثِهِ وَكَثْرَةِ أَوْسَاخِهِ هل تَكُونُ نَاشِزَةً؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لَا تَكُونُ نَاشِزَةٌ بِذَلِكَ، وَمِثْلُهُ كُلُّ ما تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ على إزَالَتِهِ أَخْذًا مِمَّا في الْبَيَانِ عن النَّصِّ أَنَّ كُلَّ ما يَتَأَذَّى بِهِ الْإِنْسَانُ يَجِبُ على الزَّوْجِ إزَالَتُهُ.