الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجبرتي..لم يؤرخ بواقعية للأحداث..مخطوطات تكشف قائد معركة البارود ضد الحملة الفرنسية بقنا|شاهد

مخطوطات قديمة لمعركة
مخطوطات قديمة لمعركة البارود

كشف الباحث طه حسين الجوهرى ، باحث فى التاريخ الحديث والمعاصر، وصاحب عدد من المؤلفات للحملة الفرنسية على مصر، عن حقائق وخبايا لم تذكرها الكتب والمراجع التى تحدثت عن معارك الحملة الفرنسية فى صعيد مصر، وخاصة معركة البارود التى أصبحت عيداً قومياً لمحافظة قنا فيما بعد، بعدما حقق أبناء قنا بمساعدة من القوات الحجازية انتصاراً ساحقاً على الحملة الفرنسية، انتهى بتدمير كافة سفن الحملة وقتل جنودها، واعتبار هذه المعركة بداية الإنهيار الفعلى للحملة الفرنسية على مصر، حيث أكد أن المقاومة ضد الحملة كان لها قائد لم تكشف الكثير من الكتابات التى تحدثت عن معركة البارود.

 

الجبرتى مؤرخ قاهرى بامتياز

 

أكد الدكتور طه حسين الجوهرى، باحث فى التاريخ الحديث والمعاصر، تلاحظ وجود صعوبة شديدة من قبل المتخصصين فى التاريخ الحديث والمعاصر، المتطرقين لتاريخ الحملة الفرنسية، فى اختراق تاريخ الحملة فى صعيد مصر، كون الكثير منهم اعتمد على الجبرتى كمرجعية أولى للحملة الفرنسية فى مصر، فى حين أن الواقع يؤكد أو يصنف الجبرتى كمؤرخ قاهرى بامتياز، قد يكون مقصوداً أو غير مقصود من شخصية الجبرتى، لكن نلتمس له العذر فى صعوبة التنقل وبعد المسافات وعدم وجود وسائل للتواصل للتنقل بسهولة ويسر، وعدم توافر وسائل المواصلات، كما هو الآن للانتقال إلى مواقع الأحداث بسهولة ويسر.

 

 

وتابع الجوهرى، بأن الجبرتى اعتمد على أذنه فيما يحدث من أخبار الصعيد، من خلال الذاهبين للتجارة أو ممن لهم مصالح، فكانت كتاباته بعيدة تماماً عما يحدث فى صعيد مصر، لبعد المسافة بين القاهرة وصعيد مصر، ما جعل كتاباته عن الحملة الفرنسية فى الصعيد ينقصها الكثير من الحقائق التى لا يمكن إغفالها، وهو ما تأكد حديثاً باكتشاف مخطوطة فى غاية الأهمية، تركز الضوء على أحداث الصعيد ، لمؤرخ يمنى يسمى لطف الله جحاف، حققها الدكتور مصطفى السيد سالم، فى كتاب جميل حمل اسم نصوص يمنية، يكمل ما سقط عن الجبرتى فى تاريخ الصعيد ومقاومة الحملة فى صعيد مصر.

 

الشيخ الجيلانى هو قائد معركة البارود

 

واستطرد الجوهرى، بأن المشكلة الرئيسة لمعظم المؤرخين والباحثين فى تاريخ الحملة الفرنسية على صعيد مصر، الاتجاه للأرشيف الفرنسية أو الاعتماد على الجبرتى، وعدم سماع وجهة النظر العثمانية، فكان لابد أن نذهب للأرشيف العثمانى والدولة صاحبة السيادة على مصر فى هذه الفترة، ونبحث عما كتب عن الصعيد فكان لابد من التوجه للأرشيف العثمانى كانت مفاجئة كبيرة بالنسبة لى، وجود 14 وثيقة تتحدث عن قيادات الصعيد والقائد الأكبر للمقاومة فى الصعيد وهو الشيخ محمد الجيلانى السباعى الهاشمى، وهو من الأشراف المغاربة، شخصية نسيها التاريخ تماماً، رغم أنه لعب دوراً مؤثراً فى العصر الحديث، لدرجة أن مؤرخى هذه الفترة يقولون بأنه مجدد القرن الثامن عشر، كلمة ترددت على لسان الكثير من العلماء فى هذه الفترة، وبالبحث عن شخصية الجيلانى لم نجد فى كتاب الجبرتى إلا سطور قليلة، وهو حال معظم المؤرخين الذين لم يتحدثوا إلا بأسطر قليلة جداً باستثناء لطف الله جحاف.

 

وأضاف الباحث فى التاريخ الحديث والمعاصر، بأنه بالنبش فى الأوراق والاتجاه للمكاتبات الرسمية سواء فى الأرشيف العثمانى، ودار الخزانة الحسنية فى المغرب، وجدنا تلميذ للشيخ الجيلانى، كتب عنه:" أنه شخصية عم صيتها الآفاق، وأنه من علماء المسلمين الذين كان لهم دور كبير، كما أنه ذهب من المغرب إلى الحجاز لكى يكون مجاوراً للحرم المكى، وكان يدرس فى الحرم، لدرجة أن كان يصعب عليه الذهاب إلى صلاة المسجد والرجوع منها من كثرة التهافت عليه"، وبالتقصى والبحث عنه فى أكثر من قرية فى صعيد مصر، ولقاء أحفاد من عاصروا الرجل وبعض المثقفين، وجدنا عدد نادر وبسيط ممن يتحدث عن الرجل، لكن اتفق الجميع على أن الرجل  كان فى عمر الثمانين أو التسعين عندما جاء مجاهدا ضد الحملة الفرنسية.

 

المهدى المنتظر

 

وأشار إلى أن بعض الكتابات التى تحدثت عن الشيخ الجيلانى، أفادت بأن الرجل، جاء بمقاومة عشوائية وغير منظمة، فى حين أن الأرشيف العثمانى، يثبت بأن الرجل كان مدفوعاً ومشرفاً عليه من قبل السلطنة العثمانية ولها دلائل تؤكدها بأن شريف مكه دعمه بالسلاح، ووفر له السفن التى جاء بها من الحجاز إلى ميناء القصير لكى يقود المقاومة، فضلاً عن معسكر للتدريب فى أطراف المدينة المنورة، تحت إشراف الشريف غالب الذى لعب دوراً سياسياً بذكاء، ووصل بسبعة آلاف مقاتل من الحجاز، إلى مصر وقادر معركة البارود، فبجانب أن الرجل كان شخصية دينية حكيمة جعلت البعض يعتبره المهدى المنتظر، كان قائداً محنكاً استطاع قيادة وتوحيد جهود أبناء الحجاز والبلدان العربية مع أبناء قنا، لتحقيق نصر مؤزر كان سببا رئيساً فى القضاء على الأحلام الاستعمارية للحملة الفرنسية.

 
وطالب الجوهرى، المؤرخين والباحثين، عدم الاعتماد بشكل كلى على كتابات الغازى أو المستعمر فى الحديث عن أحداث الصعيد، فالمراجع الفرنسية تحاول التقليل من الآثار النفسية لهزيمة البارود والإدعاء بأن الجنود هم من أشعلوا النيران فى سفينة القيادة، فى حين أن كافة الفرنسيين المشاركين فى المعركة، تم إبادتهم بالكامل، مضيفاً بأن الحملة الفرنسية مازالت حقلاً بكراً ينتظر من يخرج هذه الثمار، إذا بحثنا فى الأرشيف العثمانى أو الفرنسي، يوجد به الكثير من الخبايا التى تحتاج الكشف عنها.