في ظل التصعيد المستمر في قطاع غزة والتدهور الحاد في مختلف جوانب الحياة، أطلقت الجهات الإنسانية نداءا عاجلا للعالم لإنقاذ ما تبقى من الأرواح والبنية التحتية في القطاع المحاصر.
كارثة إنسانية داخل قطاع غزة
وفي هذا الصدد، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن الصمت الذي يلتزمه المجتمع الدولي تجاه الكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة يعكس فشلا واضحا في التعاطي مع المأساة المستمرة هناك، ويطرح تساؤلات جدية حول مصداقية القيم الإنسانية التي يفترض أن تقوم عليها منظومة العلاقات الدولية.
وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن قطاع غزة يشهد تدهورا حادا في مختلف الخدمات الأساسية، وسط سياسة إسرائيلية ممنهجة تهدف إلى فرض "استراتيجية الأمر الواقع"، التي تستهدف دفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية تحت غطاء ما يسمى بـ"الهجرة الطوعية".
وأكد: "ورغم تفاقم الأوضاع، تواصل إسرائيل رفضها فتح المعابر لدخول المساعدات الإنسانية والاحتياجات الأساسية، مثل المياه والكهرباء وخدمات الإنترنت، ما يزيد من حدة المعاناة اليومية التي يعيشها سكان غزة، وتتفاقم هذه المعاناة بشكل خاص لدى الأطفال، الذين بات كثير منهم يواجهون ظروفا قاسية نتيجة تفشي سوء التغذية".
وتابع: "وفي موازاة ذلك، تمضي إسرائيل في توسيع مناطق العزل وتدمير ما تبقى من البنية التحتية للقطاع، مما يعمق من حجم الكارثة الإنسانية، ويجعل من الاستجابة الدولية المترددة أمرا لا يرقى إلى مستوى الكارثة القائمة ".
مستويات غير مسبوقة من التدهور
ومن جانبها، كشفت الدكتورة نيبال فرسخ، مسؤولة الإعلام في جمعية الهلال الأحمر، عن حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة، مؤكدة أن الأوضاع بلغت مستويات غير مسبوقة من التدهور، ولم يعد القطاع يحتمل المزيد من الإغلاق أو التأزيم.
وأضافت فرسخ- خلال تصريحات إعلامية، أن المعابر ما زالت مغلقة بشكل كامل منذ اندلاع الحرب الأخيرة، في أطول فترة إغلاق يشهدها القطاع منذ بداية العدوان، الأمر الذي تسبب في انهيار الوضعين المعيشي والصحي إلى مستويات خطيرة.
وأكدت أن نقص المواد الغذائية والمساعدات الإغاثية وصل إلى حد كارثي، مشيرة إلى أن القطاع الصحي يمر بأسوأ مراحله، حيث تعاني المستشفيات والمراكز الصحية من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، ما يهدد حياة الآلاف من المرضى، بينهم أطفال وجرحى ومصابون بأمراض مزمنة.
وتابعت أن الكوادر الطبية تبذل قصارى جهدها وتعمل بأقصى طاقاتها في محاولة لإنقاذ الأرواح، لكن نقص الإمكانيات يعيق عمليات الإنقاذ والعلاج بشكل كبير، ويجعل من كل ساعة تأخير في إدخال المساعدات تهديدا مباشرا للحياة.
ووجهت فرسخ نداءا عاجلا إلى كافة المنظمات الإنسانية والجهات الدولية المعنية، بضرورة التحرك الفوري والفعال للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل فتح المعابر والسماح بدخول المساعدات بشكل منتظم وعاجل، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح في غزة، ووقف التدهور المتسارع في الأوضاع الإنسانية.
خطة جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية
والجدير بالذكر، أن كشف موقع "والا" الإخباري العبري عن تفاصيل خطة جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، بدعم من الولايات المتحدة وإسرائيل، تهدف إلى إنشاء آلية مستقلة بعيدا عن سيطرة الفصائل الفلسطينية.
وبحسب التقرير، ستتولى مؤسسة دولية تدار من قبل دول مانحة ومنظمات خيرية إدارة عملية التوزيع، على أن يترأسها شخصيات ذات طابع إنساني وتضم مجلسا استشاريا من شخصيات دولية بارزة.
وستقام نقاط توزيع داخل القطاع، يحصل من خلالها المدنيون على مساعدات غذائية أسبوعية تكفي لسبعة أيام، مع تعهّد إسرائيلي بتمويل وإنشاء البنية التحتية لهذه النقاط.
كما أوضح التقرير أن شركة أميركية خاصة ستشرف على نقل وتوزيع المساعدات وتأمين المواقع، فيما يقتصر دور الجيش الإسرائيلي على توفير الحماية المحيطة دون التورط المباشر في عملية التوزيع.
وأشار "والا" إلى أن مفاوضات جارية مع دول مانحة لتمويل عمليات التشغيل وشراء المواد الغذائية، في إطار ما يروج له كخطوة "إنسانية" لفك الحصار الخانق على غزة وسط انتقادات حقوقية لتسييس المساعدات.
وتثير الخطة مخاوف واسعة بين سكان القطاع والمنظمات الحقوقية من أن تكون مجرد آلية التفاف على المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار، وتحسين الظروف الإنسانية دون معالجة جذور الأزمة المتمثلة بالحصار والعدوان المتواصل.