طالبت دراسة علمية حديثة بأهمية صياغة استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة لمواجهة حروب الأجيال الرقمية بمشاركة كافة المؤسسات فى الدولة، وتعزيز إنتاج المحتوى الرقمي الوطني الجذاب والموثوق، وتكثيف برامج التوعية وبناء المهارات الرقمية والإعلامية في المجتمع والمناهج التعليمية، وتطوير قدرات المنصات الإعلامية المصرية، وتعزيز الأطر القانونية والتنظيمية والأخلاقية للفضاء الرقمي، ودعم البحث العلمي والابتكار التكنولوجي الوطني في هذا المجال.
وكشفت الدراسة التى قدمها الباحث محمد خلف أحمد مقلد لنيل درجة الماجستير فى الصحافة جامعة سوهاج عن آفاق بحثية مستقبلية، تشمل دراسة التأثيرات طويلة المدى للمحتوى الرقمي على القيم والسلوك الاجتماعي، وتوسيع نطاق الدراسة ليشمل مقارنات مع نخب في دول عربية أخرى، وإجراء دراسات متعمقة حول تأثير أنواع محددة من حروب الأجيال المستحدثة.
وتعكس هذه الرسالة أهمية البحث العلمي المتخصص في فهم وتحليل التحديات المعاصرة التي تفرضها البيئة الرقمية على الأمن المجتمعي، وتقديم حلول عملية تسهم في تحصين المجتمعات وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه حروب الأجيال الجديدة.
وتُوجت الرسالة بمنحه درجة الماجستير بتقدير عام ممتاز مع التوصية بالطباعة والنشر والتداول بين الجامعات، وتناولت الرسالة موضوعاً بالغ الأهمية والحداثة، وهو "اتجاهات النخبة نحو الأشكال المستحدثة من حروب الأجيال في المنصات الإعلامية الرقمية وتداعياتها على الأمن المجتمعي"، مقدمةً رؤى عميقة تسهم في فهم تحديات العصر الرقمي المتسارعة.
وأشرف على هذه الرسالة علمياً كل من الأستاذة الدكتورة سحر محمد وهبي، أستاذ الصحافة المساعد المتفرغ بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، والدكتورة إسراء صابر عبد الرحمن، مدرس الصحافة بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، وقد تشكلت لجنة المناقشة الدكتور فوزي عبد الغني خلاف، أستاذ الصحافة المتفرغ بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة سوهاج، و اللواء طيار أركان حرب دكتور هشام محمد إمام الحلبي، مستشار الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية.
وهدفت الدراسة بشكل رئيسي إلى رصد وتحليل اتجاهات النخبة المصرية، بفئاتها الإعلامية والمتنوعة، نحو الأشكال المستحدثة من حروب الأجيال في المنصات الإعلامية الرقمية، وتقييم تداعياتها المتصورة على الأمن المجتمعي المصري، وقد سعت الدراسة إلى توصيف أبرز أنماط هذه الحروب الرقمية وخصائصها التشغيلية، مثل حروب المعلومات، الهجمات السيبرانية، استغلال الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، والحرب النفسية الرقمية، كما حللت آليات توظيف المنصات الرقمية لتقويض مقومات الأمن المجتمعي من خلال نشر التضليل، تعميق الاستقطاب، استهداف القيم والهوية، وزعزعة الثقة.
واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي، وطُبقت على عينة عمدية من 46 مفردة من النخبة المصرية، بواقع 25 من النخبة الإعلامية و21 من النخبة المتنوعة التي شملت أكاديميين، عسكريين، دينيين، سياسيين، وشخصيات عامة، وقد تم جمع البيانات من خلال دليل مقابلة متعمقة.
وكشفت النتائج الكمية للدراسة عن اتفاق شبه تام بين النخبتين على أن "حروب المعلومات والتضليل الإعلامي والشائعات"، بما في ذلك التزييف العميق وإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، هي الأشكال الأخطر لحروب الأجيال المستحدثة، كما أكدت النتائج على خطورة إساءة استخدام التكنولوجيا والتهديدات السيبرانية، واستهداف الهوية والقيم المجتمعية، وأبرزت الدراسة أولوية تعزيز المحتوى المحلي الموثوق به، وأهمية التوعية وبناء الوعي النقدي لدى الجمهور لمواجهة هذه التحديات.
وعلى الصعيد الكيفي، أجمعت النخبتان على الطبيعة المعقدة لهذه الحروب التي تستهدف العقل والوعي والهوية، والدور المحوري للتكنولوجيا كأداة وساحة مواجهة، كما شددت على الحاجة لنهج استباقي ومتكامل يركز على بناء الوعي النقدي وجودة المحتوى الوطني، ومعالجة فجوة الأداء الإعلامي الحالي.





