قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

"كيف تصنع من طفلك إنسانا سويا بدون عنف"؟ ..الأزهر للفتوى يوضح

تربية الأطفال بدون عنف
تربية الأطفال بدون عنف

نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك" توجيهًا شاملًا للمربين والآباء والأمهات تحت عنوان: "أولادنا نعمة.. والعنف لا يأتي بخير!"، تناول فيه جوانب متعددة من التربية السليمة، مؤكدًا أن الطفولة مرحلة بناء لا عقاب، وأن الرفق بالأبناء وتفهم احتياجاتهم النفسية والمعرفية هو السبيل الأمثل لصناعة أجيال سوية نافعة لدينها ومجتمعها.

واستهل المركز منشوره بالحمد والثناء والصلاة على النبي محمد ﷺ، مؤكدًا أن الأولاد نعمة عظيمة وابتلاء في آنٍ واحد، كما جاء في قوله تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} [الكهف: 46]، وقوله: {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} [التغابن: 15]، لافتًا إلى أن التربية مسؤولية عظيمة أُنيط بها الآباء والمربون، وهي أمانة لا يجوز التهاون بها أو إهدار حقوقها. 

وقد استند إلى حديث النبي ﷺ: «والرجل في أهله راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها» [متفق عليه].

وفي محور رئيسي بعنوان "الطفولة مرحلة بناء لا عقاب"، شدد المركز على أن المراحل العمرية المختلفة في حياة الطفل تتطلب التأسيس والاحتواء، لا الشدة والعنف، مؤكدًا أن النبي ﷺ قد أوصى بالرفق وحرص عليه، بقوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه» [رواه مسلم]، وبقوله أيضًا: «يا عائشة، ارفقي؛ فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق» [رواه أحمد]. 

وأضاف المركز أن الواقع أثبت أن العنف النفسي أو الجسدي لا ينتج إلا أطفالًا مهزوزين، يعانون من تدني الثقة بالنفس، ويصعب عليهم التكيف أو الإبداع، وهو ما يخالف هدي النبي ﷺ الذي كان يمازح الأطفال ويقبلهم ويراعي مشاعرهم ويوجههم برفق، وقال: «إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف» [متفق عليه].

كما أفرد المركز مساحة واسعة للحديث عن ضرورة مراعاة الفروق الفردية بين الأطفال، مؤكدًا أن الخلل التربوي يكمن في معاملة جميع الأطفال وكأنهم نسخ متطابقة، متجاهلين أن لكل طفل شخصيته الخاصة، ومواهبه، واحتياجاته. 

واستشهد في ذلك بقول النبي ﷺ: «كل ميسر لما خُلق له» [رواه مسلم]، مبرزًا أن التربية السليمة تُعنى باكتشاف مواطن الإبداع في كل طفل وتعمل على تنميتها بما يتناسب مع طبيعته وقدراته.

وفي سياق متصل، تطرق المركز إلى أهمية الرفق بالطفل وبث الأمل فيه، موضحًا أن تعزيز ثقته بنفسه، ومدحه عند الاجتهاد، والتعامل معه بلين ومحبة، كلها أساليب تربوية ناجعة تثمر طفلًا واثقًا محبًا للتعلم والتقدم. وأشار إلى ما رواه الإمام أحمد عن النبي ﷺ: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا»، وما رواه البخاري ومسلم عن تقبيله للحسن والحسين وقوله: «من لا يرحم لا يُرحم».

ولم يغفل المركز عن التحذير من الأساليب المؤذية في العقاب، مشيرًا إلى أن الصراخ المستمر، أو الضرب، أو السخرية أمام الآخرين، ليست فقط أساليب محرّمة دينيًا، وإنما محرّمة لما تتركه من جروح نفسية عميقة، قد تفضي إلى خلق شخصيات مريضة، ناقمة على المجتمع، وغير قادرة على التوازن أو تحمل المسؤولية. 

ودعا المربين إلى تفهم أسباب الخطأ قبل معاقبة الطفل، فقد يكون مردّه لضعف الفهم، أو اضطراب نفسي، أو فقدان دافع، مؤكدًا أهمية الحوار لفهم الدوافع وتصحيح السلوك بطريقة بنّاءة.

وفي ختام المنشور، قدم المركز مجموعة من الوصايا التربوية العملية تحت عنوان: "كيف تكون حازمًا دون عنف؟"، أوصى فيها بما يلي: التفريق بين الطفل وخطئه، والوضوح في وضع القواعد، والثبات عند وقوع الخطأ، والحرص على أن يكون العقاب تعليميًا لا تنفيسيًا، مع التأكيد على ربط الحزم بالحب، وعدم التعجل بالعقوبة وقت الغضب، فضلًا عن مناقشة الطفل بعد العقاب لفهم سبب التصرف الخاطئ وتقديم بدائل أفضل له.

وختم المركز بدعاء تربوي مؤثر سائلًا الله أن يربي لنا أولادنا، وأن يجعلهم قرة عين لنا، وأن يرزقنا برهم، وأن يجعلهم صالحين نافعين لأمتهم ودينهم، ومؤكدًا أن صلاح الأبناء من أسمى ما يسعى إليه الآباء في رحلة الحياة.