أكد الدكتور أحمد الرخ، الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف، أن الاستقرار ليس مجرد مطلب اجتماعي أو سياسي، بل هو دعامة شرعية وأصل لغوي ينبني عليه السكون والطمأنينة والتكوين، مشيرًا إلى أن غياب الاستقرار يؤدي إلى الفوضى والمنازعات وزعزعة الكيان المجتمعي بأكمله.
وأوضح الدكتور الرخ، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الأحد، أن القرآن الكريم أشار إلى هذا المعنى من خلال قصة سيدنا موسى عليه السلام، في قوله تعالى: "فلما تجلى ربه للجبل جعله دكًا وخر موسى صعقًا"، وسبقها قوله سبحانه: "فإن استقر مكانه فسوف تراني"، مبينًا أن الله عبّر عن الاستقرار بشيء عظيم مثل الجبل ليؤكد أهمية التمكن والثبات، وأن هذا الأصل اللغوي للاستقرار يتفرع عنه المعنى الشرعي والاجتماعي.
أستاذ أزهري: الاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعايش السلمي بين الناس
وأضاف أن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعايش السلمي بين الناس جميعًا، بغض النظر عن الدين أو اللون أو العرق، مستشهدًا بقوله تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتُقسطوا إليهم"، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: "البر حسن الخلق"، ودعوته لأسماء بنت أبي بكر أن تصل أمها غير المسلمة، مما يدل على أن البر والتعايش من ركائز الاستقرار المجتمعي.
وبيّن الدكتور الرخ أن الاستقرار ضروري لاستمرار حياة الأفراد والمجتمعات، مستشهدًا بآية عظيمة في القرآن تقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: مرضى محتاجون، وعاملون يسعون في الأرض، ومقاتلون يحمون البلاد، فقال تعالى: "علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله"، مشيرًا إلى أن القسمين الأول والثاني لا يستطيعان الحياة والعمل دون حماية واستقرار يوفره القسم الثالث.
وأكد على أن دعوة سيدنا إبراهيم عليه السلام لمكة بدأت بالأمن قبل الرزق، في قوله تعالى: "وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات"، مشيرًا إلى أن الأمن مقدَّم في الترتيب على الرزق، لأن الثمار والخيرات لا تُجنى إلا في ظل بيئة مستقرة وآمنة.