قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حين تتحول الشهرة إلى خطر.. تيك توك وتحديات ضبط المحتوى في مصر

تطبيق تيك توك
تطبيق تيك توك

في زمن لم تعد فيه المنصات الرقمية مجرد أدوات ترفيه، بل ساحات لصناعة الوعي وتشكيل السلوك، يظل تطبيق “تيك توك” مثارًا للجدل في المجتمع المصري، مع تصاعد الانتقادات لمحتوى ينظر إليه باعتباره مخلًا بالقيم وضارًا بالنشء.

وبينما يتمسك البعض بحرية التعبير كحق لا يمس، يرى آخرون أن التطبيق تحول إلى نافذة مفتوحة على الفوضى الأخلاقية، تستوجب الحظر لا الحوار.

الأحداث الأخيرة التي فجرها بعض صناع المحتوى أعادت طرح الأسئلة الكبرى: هل يكفي إغلاق التطبيق لحماية المجتمع؟ أم أن الحل الحقيقي يبدأ من بناء وعي رقمي يعيد ضبط علاقتنا بهذه المنصات؟. 

بعد أزمة تيك توك والترندات السامة| خبير سيبراني: لابد من تأسيس منظومة للأمن الأخلاقي الرقمي


قال د. محمد محسن رمضان مستشار الأمن السيبراني ومكافحة الجرائم الإلكترونية، لـ صدى البلد، إن أزمة التيكتوكرز الأخيرة أعادت فتح باب التساؤل: “هل نغلق التطبيق أم نُصلح المحتوى؟”، مؤكدًا أن موجة الغضب الشعبي والرسمي التي شهدتها مصر عقب انتشار سلسلة من الفيديوهات “اللا أخلاقية” التي بثها بعض البلوجرز والتيكتوكرز، أدت إلى تجدد الدعوات لإغلاق تطبيق “تيك توك”، بدعوى حماية القيم والعادات والتقاليد من الانهيار الرقمي، لكنه تساءل: هل إغلاق التطبيق هو الحل؟ أم أن المشكلة أعمق وأخطر من مجرد منصة؟

وأوضح أن منصة “تيك توك”، التي بدأت كتطبيق لمشاركة المقاطع القصيرة الترفيهية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى ساحة تعج بـ”الترندات السامة”، والتي تعتمد غالبًا على الإثارة الرخيصة، الاستعراض الجسدي، والسلوكيات الخارجة، بهدف جذب التفاعل وتحقيق الربح.

وأكد أن أزمة التيكتوكرز الأخيرة كشفت عن هشاشة الرقابة الرقمية وغياب المعايير الأخلاقية في المحتوى المنتشر، مشيرًا إلى أن آلاف الفيديوهات تتحدى المنطق، وتخالف القانون، وتحمل رسائل تدميرية تُغذي القيم السلبية لدى المراهقين والشباب.

وأشار إلى أن تيك توك، مثل غيره من منصات التواصل الاجتماعي، يربح من المشاهدات، التفاعل، والإعلانات، مضيفًا: “كلما زادت الإثارة، زاد التفاعل، وزاد الربح”. ولفت إلى أن المحتوى الهابط غالبًا ما يحقق مشاهدات بالملايين، لأن خوارزميات التطبيق لا تميز بين القيم والمخالفات، بل تغذي ما يبقي المستخدم أطول وقت ممكن داخل التطبيق.

وشدد على أن كل مشاهدة أو تعليق أو مشاركة تترجم إلى أموال لصناع المحتوى وللمنصة ذاتها.

وحذر من أن إغلاق التطبيق قد يرضي البعض، لكنه يحمل تداعيات اقتصادية خطيرة، مؤكدًا أن هناك آلاف المستخدمين الذين يقدمون محتوى هادفًا ويحققون دخلًا مشروعًا من خلال التسويق الرقمي، التعليم، والمجتمع، وأن المنع الكامل قد يدفع نحو التطبيقات الموازية أو المهكرة، في وقت تحتاج فيه مصر إلى تعزيز وجودها في الاقتصاد الرقمي لا الانسحاب منه.

ورأى أن الحل لا يكمن في المنع، بل في التنظيم والرقابة الذكية، موضحًا أن أبرز الحلول تشمل:

تشريعات صارمة:
أكد ضرورة تفعيل القوانين الخاصة بجرائم تقنية المعلومات ومحاسبة من ينشر محتوى مسيئًا أو مخالفًا للقانون.

منصة مصرية للمراقبة:
دعا إلى تأسيس لجنة وطنية رقمية لرصد وتحليل المحتوى المنتشر على تيك توك والمنصات الأخرى، بالتعاون مع شركات التكنولوجيا الكبرى.

تصنيف المحتوى (Content Labeling):
شدد على أهمية فرض تصنيفات للمحتوى مثل ما هو معمول به في السينما، تحدد الفئة العمرية والموضوع، مع إمكانية حجب أو تقييد المحتوى غير المناسب.

دعم صناع الإعلانات المحتوى الهادف:
اقترح إطلاق صندوق وطني لدعم المحتوى الرقمي الهادف، ومنح مكافآت للمبدعين في مجالات التعليم، التوعية، الابتكار، والفنون.

توعية مجتمعية:
أكد أهمية إطلاق حملات إعلامية لتوعية الجمهور بكيفية التمييز بين المحتوى المفيد والضار، وتدريب الأهل على حماية أطفالهم رقميًا.

وأوضح أن مصر لا تحتاج إلى أن تنعزل رقميًا، بل إلى أن تواكب الثورة الرقمية من خلال التشريع والرقابة المجتمعية، مؤكدًا أن تيك توك ليس هو العدو الحقيقي، بل غياب المنظومة الأخلاقية الرقمية هو التهديد الأكبر.

وقال: “بدلًا من إغلاق الباب، دعونا نعيد هندسة الممر”.

وأكد د. محمد محسن رمضان أن ما يحدث على منصة تيك توك ليس مجرد ترفيه أو حرية تعبير، بل في كثير من الحالات تحول إلى أداة للاستغلال الرقمي وتزييف الوعي، واستهداف القيم المجتمعية من خلال نماذج غير مسؤولة تروج لسلوكيات مخالفة للقانون والأخلاق.

ولفت إلى أن بعض التيكتوكرز باتوا يمارسون نوعًا من “الهندسة الاجتماعية الجماعية”، حيث يؤثرون على وجدان الشباب والمراهقين بأساليب نفسية خطيرة، من خلال الترندات والتحديات والمحتوى المثير وغير المحسوب.

وأضاف أن تيك توك مثل أي تطبيق عالمي قد يستخدم كنافذة للابتزاز الرقمي، وانتهاك الخصوصية، ونشر الفكر المتطرف أو السلوك المنحرف، خاصة في ظل غياب الوعي الرقمي لدى المجتمع.

وشدد على أن الحل ليس في المنع المطلق، بل في “الضبط الذكي” والتقنين والتوعية والتصنيف، من أجل التفرقة بين من يستخدم المنصة لبناء الوعي ومن يستغلها لهدمه.

واختتم مؤكدًا: “نحن بحاجة إلى تأسيس ما أسميه بـ ‘منظومة الأمن الأخلاقي الرقمي’، التي تجمع بين القانون والتكنولوجيا والتربية الإعلامية حينها فقط، يصبح تيك توك وغيره أداة في يد الوطن، لا خنجراً في خاصره”.