بينما تتكدس جثامين الأطفال تحت أنقاض غزة وتصرخ الأمهات من شدة الجوع والرعب خرج المدعو( خليل الحية) القيادي في حركة حماس ليخوض فصلا جديدا من مسرحية تبادل الأدوار التي تتقنها حماس منذ سنوات لكن هذه المرة لم يهاجم إسرائيل ولم ينتقد الاحتلال بل قرر أن يوجه سهامه إلى مصر العروبة وإلى الأردن الشقيق فى محاولة بائسة ومكشوفة لتأليب الداخل المصري والأردني والتهرب من المسؤولية الكارثية التي تتحملها حركته عن دمار غزة وسقوط أكثر من ستين ألف شهيد حتي الآن.
الحية الذي يدلي بتصريحاته المتشنجة من فندق خمس نجوم بعيدا عن القصف والجوع والانهيار الصحي في القطاع دعا الشعب المصري للتحرك نحو الحدود!! أي حدود ؟! تلك التي تقف عليها مصر منذ اليوم الأول للحرب تتصدي لمحاولات التهجير وتمنع تصفية القضية الفلسطينية بينما هو يقف موقف المتفرج غير معني لا بالتحرك ولا بالموت بل فقط بإطالة أمد الحرب من أجل ضمان بقاء حماس بعد الحرب ولو على أنقاض غزة الجريحة.
ومنذ بداية هذه الحرب المروعة تصرفت مصر بدافع العروبة وليس المصلحة وبذلت الجهود الدبلوماسية وفتحت أبواب التنسيق لتوصيل المساعدات وتعرضت لحملات تشويه إسرائيلية ودولية بسبب موقفها الحاسم الرافض للتهجير لكنها تحملت فى صمت ..تحملت الكثير والكثير لأن غزة ليست ملفا سياسيا بالنسبة لها بل قضية حياة أو موت لشعب عربي شقيق ؛ لكن حماس كعادتها لم تترك فرصة إلا واستغلتها لتأجيج الفتنة وتسويق الأكاذيب والطعن في اقرب من وقف معها فبعد تصريحات الحية ضد مصر خرجت حماس رسميا لتشكك في أعداد قوافل المساعدات التي تدخل من مصر إلى غزة وتتهم السلطات المصرية بأنها تبالغ في الإعلان في حملة ممنهجة تسعى إلى نزع الشرعية الأخلاقية عن الدور المصري تمهيدا لتبرير فشل حماس أمام شعبها وإخفاء ممارساتها داخل القطاع.
الشيء المؤكد أن الحملة الأخيرة على مصر ليست بسبب قوافل المساعدات بل بسبب أمر واحد فقط: أن مصر لم تعد تسلم المساعدات لحماس كما فى السابق..لم يعد هناك "النص بالنص" ولم تعد الحركة قادرة على الإستيلاء على نصف الشاحنات وبيع النصف الآخر في الأسواق بأسعار خيالية للمواطن الغزي المعدم؛ الآن توجه المساعدات مباشرة عبر منظمات أممية ولجان مستقلة وهذا ما أزعج حماس وهز ميزان نفوذها داخل القطاع.. إن الحقيقة التي لا تريد حماس الاعتراف بها أن العالم قد تجاوز حماس تماما تجاوزها على المستوى الشعبي والعربي والإقليمي والدولي ولعل مؤتمر حل الدولتين وإعلان نيويورك أكبر دليل على ذلك حيث نص على إنهاء حكم حماس في غزة وضرورة نزع سلاحها بالكامل وتسليمه للأمن الفلسطيني وإرساء مبدأ: حكومة واحدة..قانون واحد..سلاح واحد.
الأدهى أن الحية ومن خلفه يلعبون اللعبة نفسها التي يجيدها (بنيامين نتنياهو): المماطلة والتهرب من الاستحقاقات وتعطيل المفاوضات والهروب للأمام الفارق الوحيد أن نتنياهو يبرر ذلك بالسياسة أما حماس فتبرره بالدين والمقاومة بينما الحقيقة أنها شريكة في جريمة تمديد الحرب لأجل بقائها السياسي..؛ فلماذا يتحدث الحية من الخارج ؟ لماذا لا يعود إلى غزة ليقود الناس إن كان صادقا ؟ لماذا لا تقدم حماس بديلا واضحاً عن هذا الجحيم الذي خلقته ؟ لماذا لا تصارح الناس بأن الحركة تدير معركة على أرواحهم لا على حقوقهم ؟
لقد ترفعت مصر عن جراح الماضي ؛ والخيانات المتكررة وسعت مراراً لفصل الشعب الفلسطيني عن سلوك فصيل سياسي منفصل عن الواقع لكن يبدو أن حماس لا تتغير ولا تنوي أن تتغير تعض اليد التي امتدت لها وتحرق المراكب وهي مازالت وسط اليم