في ظل التصعيد المستمر والكارثة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، جاء خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي ليعبر عن موقف عربي وإنساني راسخ، مؤكدا أن ما يجري لم يعد مجرد صراع سياسي، بل حرب إبادة وتجويع ممنهجة ضد شعب أعزل.
وهذا الخطاب لم يكن مجرد تصريح سياسي، بل نداء ضمير يحمل المجتمع الدولي مسؤوليته الأخلاقية والقانونية تجاه المأساة الفلسطينية.
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية، إن جميع الفلسطينيون يقدرون موقف القيادة المصرية والشعب المصري، الذي لطالما كان سندا حقيقيا وداعما ثابتا للقضية الفلسطينية، وقد شكل هذا الموقف إزعاجا كبيرا للإحتلال.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الأمر الذي يجعل مصر عرضة للهجمات الإعلامية والسياسية من وقت لآخر، ولا يستبعد أن يكون الاحتلال الإسرائيلي طرفا أساسيا في هذه الحملات، خاصة أن الموقف المصري الرافض للتهجير القسري أو الطوعي يتعارض بشكل مباشر مع المخططات الإسرائيلية الساعية إلى تصفية القضية الفلسطينية.
وأشار الرقب، إلى أن الرئيس السيسي قد أكد في تصريحاته الأخيرة، أن التهجير يؤدي إلى تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وهي رسالة بالغة الأهمية، وأكد أن هذه التصريحات تثير حفيظة الأطراف المعادية، وتدفع بعض أصحاب النفوس الضعيفة إلى التحريض ومحاولة تشويه المواقف المصرية.
وصف الرئيس السيسي الحرب الجارية بأنها تجاوزت الأهداف السياسية وتحولت إلى حرب تجويع وإبادة، ما يعكس وعيا عميقا بحجم الكارثة، وشعورا صادقا بمعاناة الشعب الفلسطيني، وضميرا عربيا حيا لا يغيب عن قضايا الأمة.
وقد مثلت هذه التصريحات نقطة تحول مهمة في التعامل مع الأزمة، حيث دعت إلى تحرك فوري لإنقاذ المدنيين في قطاع غزة، ووجهت رسالة حازمة وواضحة إلى المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.
يواصل الرئيس السيسي جهوده الدبلوماسية المكثفة للضغط من أجل وقف شامل وفوري لإطلاق النار، مع التأكيد على أهمية فتح ممرات إنسانية آمنة ودائمة، تضمن وصول المساعدات الطبية والإغاثية إلى جميع مناطق القطاع دون عوائق.
وقد حملت كلمته بشأن إدخال المساعدات إلى غزة دلالات قوية، باعتبارها شهادة موثقة على الموقف المصري الثابت والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وعلى الأعباء الكبيرة التي تتحملها الدولة المصرية منذ اندلاع العدوان، سواء على المستوى اللوجستي أو الإغاثي.
ولم يكن حديث الرئيس عاةا، بل جاء مدعوما بالأرقام والوقائع، فتطرقه إلى استمرار فتح معبر رفح، وإصلاحه أربع مرات رغم تعرضه للقصف، بالإضافة إلى وجود أكثر من 5 آلاف شاحنة مساعدات داخل الأراضي المصرية، يفند الادعاءات التي تسعى لتشويه الدور المصري أو تحميله مسؤولية تعثر وصول المساعدات.
ودعوات الرئيس المتكررة لوقف العدوان، والإفراج عن الرهائن، وضمان انسياب المساعدات، تؤكد على ثبات الموقف المصري الذي يرفض المتاجرة بالقضية الفلسطينية، ويصر على أداء دوره الأخلاقي والتاريخي، بعيدا عن أي حسابات سياسية أو مزايدات إعلامية، ليبقى موقف القاهرة صوتا للعقل والضمير العربي في وجه الصمت العالمي.
والجدير بالذكر، أن وصل صباح اليوم، الأربعاء، الفوج الخامس من القافلة التاسعة التي يسيرها الهلال الأحمر المصري إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم، وذلك في إطار الجهود الإنسانية المصرية المستمرة لدعم الشعب الفلسطيني، بحسب ما أفاد به أحمد عبد الرازق، مراسل قناة "إكسترا نيوز" من الجانب المصري لمعبر رفح.
وأكد عبد الرازق أن هذه القوافل لا تقتصر فقط على الدعم المصري، بل تشمل أيضا مساعدات مقدمة من منظمات دولية مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية، إضافة إلى مساعدات من دول عربية ومن التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، الذي أرسل مؤخرا قافلة ضخمة من 200 شاحنة محملة بأكثر من 4.000 طن من المساعدات المتنوعة.
وتحمل الشاحنات لافتات كتب عليها: "من الشعب المصري إلى الشعب الفلسطيني الشقيق"، في مشهد إنساني يتكرر يوميًا على الطريق المؤدي إلى المعبر، وسط اصطفاف مستمر لشاحنات المساعدات التي تدخل تباعا إلى غزة.